عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Feb-2019

الذکاء العاطفي یحدد مهارة الفرد عند استخدام لغة الجسد
إسراء الردایدة
عمان -الغد-  یصعب على المرء تحدید كم المعلومات التي ینقلھا للآخرین عند التعامل معھم، وخاصة اللالفظیة منھا، والتي تكشف غالبا ما یشعر بھ أكثر مما یقولھ بالكلمات.
ویرتبط الأمر بتعابیر الوجھ والإیماءات التي یقوم بھا، والطریقة التي یجلس أو یقف بھا، ونبرة الصوت.. وجمیعھا تدفع المحیطین بالفرد لتشكیل استنتاجات ترتبط بما یود قولھ أو رسم صورة عنھ، حتى لو ظل صامتا، فالمواقف تكشف الكثیر عبر التواصل الجسدي.
وھنا لا بد من أن یكون المرء واعیا لما یقولھ وما یكشفھ عندما یتواصل مع الآخرین، فكثیرة ھي الحالات التي لا تتماشى بھا الكلمات مع ما تعبر عنھ أجسادنا، والتي تشكل أھمیة كبیرة.
فھذا جزء من الطبیعة البشریة التي وضعت العواطف في بنیتھا، لتكون رابطا قویا وأداة أساسیة للتواصل، إلا أن المشكلة تكمن في خلق مساحة بینھا وبین الفرد نفسھ، لیشكل توازنا بین الأفكار
والعواطف، وذلك لتفادي قول أي شيء یساء فھمھ، وھذا مرتبط بالذكاء العاطفي مباشرة، وإدارة عناصره.
والذكاء العاطفي ھنا یعني القدرة على التفریق بین ردود الفعل الجیدة والسیئة بحسب الظرف، لأن العواطف تحمل في طیاتھا معلومات مھمة مفیدة للفرد والمحیط، وعادة من یفقتر لھذا النوع من الذكاء أو لا یعي الفرد كیف یتعامل معھ، وعلیھ یصدر منھ رد فعل سریع تجاه الموقف، لأنھ لا یمنح نفسھ الفرصة والوقت لتقییم الوضع، بل یفكر بالأمر من خلال شعوره فقط.
امتلاك الذكاء عاطفي یساعد على إدارة الجسد والتحكم بردود أفعالھ، وتوجیھ تلك العواطف التي
تظھر كل التعابیر والإیماءات التي ینقلھا لنا الذكاء العاطفي من خلال لغة الجسد، بحسب الموقف والجزء المستخدم، ویتحقق ھذا الأمر من خلال:
فھم شیفرة المصافحة، فھي مھمة جدا وتترك انطباعا لا یمكن محوه بسھولة، فالناس یصدرون حكما تلقائیا من الطریقة التي تصافحھم بھا. فالمصافحة الضعیفة تعني أن صاحبھا یفتقر للثقة والاھتمام، فیما القویة والتي تھز الید ترسل إشارة وعلامة تحذیریة على أن الشخص عدواني أو یسعى لیكون مھیمنا.
توفیر المساحة المناسبة، فالمساحة التي نمنحھا للآخر ونشعر بھا بالراحة تختلف من ثقافة لأخرى، ولكن الاقتراب بشكل كبیر یولد شعورا بعدم الارتیاح وحتى التھدید والعدوانیة والابتعاد بشكل كبیر یغیب الشعور بالثقة أو الرغبة بالتواصل. والحد الفاصل ھنا ھو الإبقاء على مسافة معتدلة، بحیث تترك للآخر مساحة للخصوصیة والتحرك، ویعكس الثقة بالنفس، والمساحة تعني القدرة على الفصل بین المشاعر أیضا والموازنة بینھا، خاصة بین ما ھو شخص أو مھني.
المصارحة والمواجھة: الابتعاد عن الآخرین أو عدم جعل الجسد في مواجھة معھم خلال التحدث، مما یشیر لعدم الارتیاح والاھتمام، وحتى الرغبة بالانخراط وعدم الثقة بمن نتحدث معھم. فالأصل أن تكون الأكتاف متوازیة والأقدام تأخذ وضع المرآة للشخص الآخر. ھذه التفاصیل تعبر عن الرغبة في إبداء حدیث أو إنھائھ.
كما أن الجلوس والوقوف بشكل مستقیم خلال التحدث یعكسان موقف قوة، فھما یشیران الى أن الفرد واثق ویحترم ذاتھ، وفي الوقت نفسھ یظھر اھتمامھ بالطرف الآخر وتقدیره للمحادثة. أما التراخي في الجلسة فھو مرتبط بغیاب الجدیة في الحدیث، وحتى النیة واللامبالاة بالطریقة التي ینظر بھا الآخرون للفرد تعد من علامات عدم الاحترام للذات أیضا.
الانشغال: الحالات التي یكون بھا الفرد منشغلا في التحقق من الوقت أو النظر لھاتفھ، أو تفقد شخص آخر، كلھا مواقف ینشغل بھا الفرد أحیانا خلال حدیثھ مع الآخرین، وھذا یحدث عند المیل لإیقاف المحادثة أو إنھائھا. لذلك نرى الأذكیاء عاطفیا یعلمون ھذا السلوك، ولدیھم حذر لعدم القیام بھ، أو فھمھ من الآخرین.
التواصل البصري: غیاب النظر لعین الآخر یثیر الشك بأن الفرد یخفي أمرا ما، ویعد مؤشرا لعدم الاھتمام والثقة بالنفس، بینما النظر للأسفل أثناء الحدیث ھو علامة على الوعي بالذات وفي الوقت نفسھ قلة الثقة. أما التحدیق المباشر خلال الحدیث فیلفت لشعور عدواني، خاصة إن كان متواصلا والرغبة بفرد السیطرة. فالاختلافات الثقافیة ھنا تلعب دورا، ولكن بالذكاء العاطفي العالي، فإن النظر بالعین للآخر خلال الحدیث یكون لفترات قصیرة مباشرة لا تتعدى بضع ثوان، والنظر لھ بین الفینة والأخرى خلال الحدیث المستمر، لأن القیام بعكس ذلك یعني عدم الاھتمام بقیمة الآخر.
تعابیر الوجھ ”اللاواعیة“، فالابتسامة الطبیعیة تجلب الكثیر من الحظ وتفتح الأبواب وتوحي بالثقة، لكن إن أصحبت تلك الابتسامة مفتعلة، فحتما ستثیر الشك في تلك اللحظة وحتى الإخلاص والنیة الحسنة. فالتعابیر المحایدة في الوجھ مھمة، لذا یجب عدم المبالغة بھا، لأنھا تتحول لعدوانیة وأحیانا دفاعیة.
والقدرة على إدارة تعابیر الوجھ والجسد عموما ترتبط بالوعي بالذات من خلال فھم العواطف، وعدم الانحیاز للمشاعر ومعرفة الدوافع التي تقف وراءھا، وھذا یرتبط بالشغف والرغبة في النجاح غالبا، الى أن جانب التنظیم الذاتي؛ أي معرفة متى وكیف نطلق العنان لھذه المشاعر، أما التعاطف فھو الوسیلة المثلى لفھم ما یشعر بھ من حولنا، وھي إحدى أدوات إدارة العلاقات التي تمنع تشكیل حكم مسبق أو قبول الآخر، ولیكون الجسد موائما للأفكار والكلمات یھتم بالتفاصیل الصغیرة من خلال مراقبة الآخر، والتركیز معھ دائما.