الدستور
معظم الإجابات المعلقة عن أسئلة «الانتخابات» البرلمانية سيتم حسمها اليوم أو غداً، ووسط هذا الانشغال بما جرى سنصطدم -بالتأكيد- بأجندة جاهزة سلفاً لتوجيه نقاشاتنا العامة في المرحلة القادمة، وهذه «الاجندة» لن تكون محددة -فقط- بعناوين لا علاقة لنا بها، وانما ستكون مغشوشة، وموجهة نحو محاولات للتيئيس ولشق الصف الوطني، أو للإساءة لمؤسسة البرلمان.
يمكن ان اضع هنا نماذج لمثل هذه العناوين التي يفرضها علينا الاعلام الخارجي، او يروج لها رواد السفارات،
لغاية واحدة وهي اختزال «الانتخابات» ومؤسسة البرلمان وربما الدولة ايضاً في زوايا « حادة» مثل حصة هذا الطرف او تلك العشيرة او الجماعة او تبعاً لتصنيفات الأصول او نسبة الذين شاركوا وفق هذه «المساطر»، لكن الأهم من ذلك هو مدى قابليتنا للانغماس في هذه «اللعبة» وتبني اجندتها،وتوجيه نقاشاتنا العامة وفقاً لها، هنا سنقع في المحظور، وسنلهث خلف اهداف ستكون نتائجها مرسومة سلفاً...وكارثية بامتياز.
اجندة ما بعد الانتخابات البرلمانية يجب ان نحددها نحن،بما يتناسب مع اولوياتنا وحاجة بلدنا للنقاش العام في قضايا تصب في مصلحته، وتدفع باتجاه تحريك عجلة السياسة وتفعيلها، وترميم الصورة للبرلمان الجديد الذي لا نريد أن يكون نسخة «مطابقة» للبرلمانات السابقة التي خسرت ثقة الناس،ولا نريد ايضاً ان يكون «ملطشة» لأحد، لا للذين يجلسون تحت قبته،ولا للآخرين الذين لا يجدون سواه «هدفاً» سهلا للقصف والتشويه.
منذ الآن، وحتى ينعقد البرلمان في جلساته ودوراته، يجب ان نتوافق على وضع «اجندة» ملفات أمام النواب، ويجب ان نتوجه بالنقاش العام حولها: ملف كورونا الذي ما زال محملاً بأثقال الارتباك، ملف الإصلاح الذي لم يخرج من «الثلاجة»، ملف التعليم والصحة، ملف المشروع الوطني للدولة وهي تستعد للاحتفال بالمئوية الثانية،ثم ملفات الإقليم والخارج التي تضغط على اعصابنا وتهدد وجودنا.
هذه الملفات وغيرها هي الأهم، وهي التي تحتاج الى «برلمان» يرتقي لمستوى مواجهتها بإجابات مقنعة...أما الانشغال بما جرى على حدود «الانتخابات» مهما كانت ومهما اختلفنا حولها، فهو مضيعة للوقت...لان عجلة التاريخ لن تعود ابداً الى الوراء.