عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Apr-2019

الدعاية الإعلامية.. الوجه الآخر لحرب حفتر على طرابلس
 
تواكب الهجومَ الذي تشنه قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على العاصمة طرابلس منذ أسبوعين، دعايةٌ إعلامية محمومة مدعومة من الخارج لإيجاد مبررات لهذه الحملة العسكرية. في مساء الرابع من الشهر الجاري أعلن حفتر بنفسه في تسجيل صوتي عن انطلاق ما سماها عملية "الفتح المبين" "لتحرير" العاصمة مما يصفها بالمليشيات والجماعات الإرهاب.
 
وكما فعل في حربه الطويلة على مدينتي بنغازي ودرنة (شرقي ليبيا) بين عامي 2014 و2018، سعى حفتر عبر وسائل إعلامه في الداخل وأخرى داعمة له بالمنطقة إلى أن يسوق لدى الخارج كما لدى بعض الليبيين، أن طرابلس تحتضن جماعات إرهابية، فضلا عن أنها رهينة لمليشيات تنشر الفوضى وتنهب المال العام.
 
ومنذ الساعات الأولى للهجوم الذي يشنه ما يسمى الجيش الوطني الليبي على طرابلس، عملت الآلة الإعلامية "للمشير" حفتر -وهي الرتبة العسكرية التي منحها له البرلمان المنعقد في طبرق- على الترويج لوجود إرهابيين ومطلوبين ضمن الجيش التابع لحكومة الوفاق الوطني.
 
وعلى مدى أسبوعين، برز اللواء أحمد المسماري الناطق باسم قوات حفتر "نجما" في الحملة الدعائية المواكبة لمحاولة اجتياح طرابلس، ولم يكف عن ترديد الاتهامات بوجود عناصر ومجموعات إرهابية في المدينة.
 
وفي المواقع الإلكترونية المؤيدة لهم، كان يجري نشر صور وأسماء "إرهابيين" موجودين في صف المدافعين عن طرابلس، في محاولة واضحة لتشويههم وحشد التأييد لغزو العاصمة.
 
لكن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج نفى وجود أي إرهابيين في العاصمة، بينما وصف المبعوث الأممي غسان سلامة الهجوم بأنه محاولة انقلاب ليدحض فعليا حجة حفتر وداعميه.
 
وفي الفضاء الإلكتروني، عمد مؤيدو حفتر إلى التضليل بغاية التشويه، فنشروا صورا مزورة -فيما يبدو- تظهر علم تنظيم الدولة معلقا على جسر في طرابلس، وصورة أخرى لمقاتلين من ضاحية جنزور رافعين نفس العلم. ولكن الصورة الثانية التقطت خلال عملية "البنيان" ضد التنظيم في مدينة سرت.
 
وفي نفس الوقت، كان الإعلام الحربي للقوات المهاجمة يتحدث عن قتل العشرات من "داعش" والقاعدة" و"الإخوان" (من قوات حكومة الوفاق) على المشارف الجنوبية للعاصمة.
 
وكان يتم تصوير بعض القادة الميدانيين المشاركين في الدفاع عن العاصمة -على غرار صلاح بادي قائد لواء "الصمود" القيادي السابق في عملية "فجر ليبيا"- باعتبارهم إرهابيين، بالإضافة إلى اتهام حكومة الوفاق بأنها تشرك في المعارك عناصر من مجموعات متهمة بالإرهاب أُجبرت بالقوة على الخروج من شرقي ليبيا، على غرار مجلس شورى ثوار بنغازي وسرايا الدفاع عن بنغازي.
 
دعاية حربية
وبالإضافة إلى قنوات فضائية محلية وأخرى عربية، تستعين قوات حفتر في هجومها على طرابلس بأذرع إعلامية -بينها "شعبة الإعلام الحربي"- تنشط في شبكة الإنترنت، وتنشر مقاطع مصورة أو بيانات تتعلق بما يجري على الميدان.
 
وبعيد السيطرة على مدينة غريان (100 كلم تقريبا جنوب طرابلس)، واختراق بعض الضواحي الجنوبية للعاصمة في الساعات الأولى للهجوم، تحدث الإعلام التابع لخليفة حفتر عن "استقبال شعبي حافل" للجيش في كل تلك المناطق.
 
وفي الواقع لم يكن هناك سوى عشرات من الأشخاص في استقبال القوات المهاجمة حين دخلت منطقة قصر بن غشير المتاخمة لمطار طرابلس المدمر جراء معارك جرت عام 2014.
 
وفي وصفه لمجريات المعركة، كان الإعلام الموالي للواء المتقاعد يصر على أن المعركة ستكون خاطفة وقد لا تستغرق إلا ساعات، وأن الأعلام البيضاء ستُرفع، وأن من "أغلق عليه بابه فهو آمن"، ولكن ذلك لم يحدث خلال أسبوعين.
 
وفي نفس الوقت كان هذا الإعلام يحاول تقديم صورة القوات المهاجمة في ثوب إنساني بوصفها من سيخلص أهالي طرابس من حكم المليشيات والإرهاب ومن "دواعش المال".
 
لكن استهداف أحياء مكتظة بالسكان في اليومين الماضيين بصواريخ غراد وقتل وجرح عشرات المدنيين، كما حصل في حيي بوسليم والانتصار قرب المطار القديم، واستهداف المطار المدني الوحيد في العاصمة (مطار معيتيقة)، ومدارس ومرافق أخرى، لطخ تلك الصورة تماما.
 
وللتملص من القصف الذي عدته حكومة الوفاق جريمة حرب، فقد نسبه إعلام حفتر إلى المدافعين عن العاصمة رغم أن صفحات موالية للمهاجمين كانت نشرت مقاطع مصورة لها وهي تتفاخر بإطلاق صواريخ غراد من مواقعها جنوب طرابلس.
 
وفوق ذلك، كان نفس الطرف ينشر أخبارا مزيفة مثل اقتحام مسلحين مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، أو اقتحام قائد المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة جويلي مقر السفارة الأميركية بطرابلس واستيلائه على آليات ومعدات تابعة للمارينز.
 
وفي هذا السياق، تحدث اللواء أحمد المسماري عن "مرتزقة أجانب" يقاتلون إلى جانب حكومة الوفاق، وذكر بالاسم طيارا أميركيا يدعى فريديريك شرودر. لكن الأخير ظهر في مقطع فيديو في بلاده وهو يحمل نسخة من "وول ستريت جورنال" بتاريخ 13 أبريل/نيسان الجاري.
 
دعاية مضادة
في المقابل، يرد الموالون لحكومة الوفاق بدعاية إعلامية مضادة تركز على تقديم حفتر في صورة الطاغية الطامع في حكم ليبيا بالحديد والنار، وتظهر قواته كأنها نسخة لكتائب نظام معمر القذافي المستعدة لتدمير المدن والانتقام من أنصار ثورة 17 فبراير 2011.
 
وفي مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر هؤلاء أخبارا عن الانتهاكات التي تقترفها القوات المهاجمة، بما فيها إعدام بعض الأسرى والتنكيل بهم، وقصف المدنيين والمرافق العامة.
 
ومن بين ما ينشر في هذا الباب مقطع مصور لحفتر يظهر فيه وهو يدعو إلى قتل أي من جنوده الذين ينسحبون من ميدان القتال، ومقاطع أخرى يهدد فيها جنود من القوات المهاجمة أهالي العاصمة.
 
كما يذكر هؤلاء بأسر حفتر في حرب تشاد خلال معركة "وادي الدوم"، ولهذا سمى البعض الدفاع عن طرابلس بمعركة "وادي الدوم 2".
 
وفي إطار الدعاية الإعلامية أيضا، تنتصر لقوات حكومة الوفاق قنوات فضائية محلية على غرار قناة "فبراير" التي بدأت البث حديثا، وطلبت من الإعلاميين المؤيدين للثورة العمل فيها تطوعا.
 
المصدر : الجزيرة