الغد-نادية سعد الدين
تشهد القدس المحتلة وشمال الضفة الغربية هجوما استيطانيا وتهجيرا قسريا لعائلات فلسطينية بشكل غير مسبوق، في إطار حملة عسكرية واسعة يشنها الاحتلال لمرحلة جديدة من الضم التدريجي الذي يجري تثبيته بخطوات متسارعة لتمزيق الأراضي الفلسطينية وعزلها عن محيطها بالمستوطنات.
وتستخدم الحكومة المتطرفة زخم الحركة الاستيطانية الأخيرة لتمكين الجماعات الاستيطانية من الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين في القدس المحتلة تحديدا، وطرد سكانها، بحجة ملكيتها المزعومة، مما يؤدي إلى زيادة عدد المستوطنين، وإخلاء التجمعات الفلسطينية.
ونتيجة لذلك؛ أقام المستوطنون بؤرة استيطانية جديدة سيُصار إلى تحويلها لاحقا لمستعمرة، في حي صور باهر بالقدس المحتلة، استجابة لدعوة جمعية إلعاد الاستيطانية، مقابل هدم وإخلاء محال تجارية لربط المنطقة بمشروع استعماري يمر في بلدة العيزرية.
ويستهدف المشروع الاستيطاني الجديد المزيد من التضييق على المقدسيين، حيث لا يتعلق فقط بممتلكات الفلسطينيين وأراضيهم، بل يهدف إلى قطع التواصل الاجتماعي، في سياق تنفيذ مشروع E1 لبناء استعماري جديد، يمتد على مساحة 12 كيلومترا مربعا شرقي القدس المحتلة.
وأفاد المكتب الوطني الفلسطيني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان إن محافظة القدس المحتلة تتعرض، أسوة بالأغوار الشمالية، لهجوم استعماري، له تداعيات واسعة وخطيرة على مستقبل المناطق المحيطة بمدينة القدس، وعلى الأراضي الزراعية الواسعة في محافظة طوباس والأغوار الشمالية.
وأضاف، في تقرير أصدره أمس، أن سلطات الاحتلال بدأت تستخدم وسائل متعددة بمسميات مختلفة للتوسع الاستيطاني والسيطرة على الأراضي الفلسطينية على حساب الأرض والمجتمعات الفلسطينية المحلية، عبر ما تسميه بالأوامر العسكرية أو الأوامر القضائية.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت مؤخرا أوامر عسكرية يجري بموجبها الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، لشق طريق عسكري، وذلك بوضع اليد على أراضٍ فلسطينية ممتدة عبر مساحات شاسعة.
وبموجب ذلك المخطط، يستولي الاحتلال على نحو 1042 دونما من أراضي الفلسطينيين، مما يحوله إلى ممر استراتيجي يعيد رسم البنية الجغرافية للأغوار الشمالية، ويؤسس لمرحلة جديدة من الضم التدريجي الذي يجري تثبيته بدون إعلان رسمي، ويعيد تشكيل كامل المشهد الميداني شرق طوباس، ويحرم المزارعين والرعاة من الوصول إلى السهول الشرقية، التي تُعد العمود الفقري للحياة الاقتصادية والبيئية في المنطقة.
وإلى جانب ذلك، يخطط الاحتلال للاستيلاء على 180000 دونم من أراضي محافظة طوباس، لعزلها عن محيطها الفلسطيني وتكريس سياسة الفصل التي تنتهجها حكومات الاحتلال المتعاقبة، والاستيلاء على 77 دونما من أراضي أهالي بلدتي الزعيم والعيسوية للقدس المحتلة، في سياق سياسة تمزيق المناطق الفلسطينية.
وطبقا لما يسميه مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان بتسيلم، فإن الوضع في الضفة الغربية المحتلة يشهد استباحة مطلقة لحياة الفلسطينيين من قبل منظمات المستوطنين الإرهابيين وقوات الاحتلال، نتيجة غياب أي آلية داخلية أو خارجية تمنعهم من ممارسة التطهير العرقي، داعيا المجتمع الدولي لإلغاء الحصانة التي تتمتع بها سلطات الاحتلال ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم بحق الفلسطينيين، وفق ما جاء في تصريحها.
وأشارت إلى أن المستعمرين المسلحين يهاجمون الفلسطينيين يوميا ويحرقون المنازل والمحاصيل الزراعية وينهبون ويقتلون، في حين نادرا ما تجري سلطات الاحتلال تحقيقات ضدهم، حيث لم تسجل أي إدانات قانونية، رغم توثيق معظم الهجمات.
ويتزامن ذلك مع حملة الاعتقالات والتهجير القسري التي يشنها الاحتلال بحق عائلات فلسطينية في بلدة طمون، التابعة لمحافظة طوباس، شمال الضفة الغربية. وأجبرت قوات الاحتلال أكثر من عشرين عائلة فلسطينية على إخلاء منازلها والخروج إلى العراء، تحت ذريعة التمشيط والبحث عن وسائل قتالية وعتاد عسكري مزعوم داخل الأحياء السكنية، وذلك قبيل انسحابها من البلدة، مخلفة وراءها دمارا كبيرا في البنية التحتية، خصوصا في المنطقة الشرقية، بالإضافة إلى إلحاق أضرار جسيمة بممتلكات الفلسطينيين.
من جانبها، دعت حركة حماس إلى تصعيد الحراك العالمي ضد الاحتلال وممارساته الإجرامية بحق الشعب والأرض الفلسطينية، وتعزيز كل أشكال التضامن مع القضية الفلسطينية العادلة والحقوق المشروعة في الحرية والاستقلال، وضد خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتصعيد إرهابه في الضفة الغربية والقدس المحتلة.
وأكدت الحركة، في تصريح لها بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني أن أرض فلسطين، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك، كانت وستبقى أرضا فلسطينية، ولا مكان ولا شرعية ولا سيادة فيها للاحتلال الصهيوني، وأن مسؤولية تحريرها ليست مسؤولية فلسطينية فحسب، وإنما هي مسؤولية سياسية وحقوقية وإنسانية وأخلاقية يشترك فيها كل أحرار العالم، إلى جانب الأمتين العربية والإسلامية.
وشددت على أن حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية الثابتة، وفي مقدمتها الحق في المقاومة بأشكالها كافة، وعلى رأسها المقاومة المسلحة، هي حقوق مشروعة لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها، وفق القوانين والأعراف الدولية، وعلى شعوب الأمة وأحرار العالم تعزيز صور التضامن والالتفاف حول حقوقه ودعم صموده وإسناد نضاله بكل الوسائل حتى التحرير وإنهاء الاحتلال وتقرير المصير.