لندن ـ «القدس العربي»: توصل علماء مختصون إلى الطريقة التي يُمكن بواسطتها تحفيز الدماغ من أجل تنشيطه في مجال الرياضيات والمسائل الحسابية، وخلصوا إلى أن «تحريك الدماغ يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من الرياضيات على التحسن في الحساب».
وحسب تقرير نشرته جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليه «القدس العربي» فقد أعطى الباحثون 102 شخصاً مجموعة من المسائل الحسابية الصعبة، والتي تضمنت كل منها ضرب رقم مكون من رقمين في رقم مكون من رقم واحد، مثل 16 × 3 = 48.
وتم صعق نصف الأشخاص في الدراسة بتيار كهربائي خفيف لتحفيز خلايا الدماغ.
ويدعي الباحثون أن الأشخاص الذين تم تحفيز دماغهم، والذين تم اختبارهم أيضاً في ظل ظروف تعليمية أكثر صعوبة، أجابوا على الأسئلة في حوالي نصف الوقت، مقارنة بالأشخاص الذين لم يتم تحفيز أدمغتهم.
وحسب نتائج الدراسة فإن الذين تم تحفيز أدمغتهم عبر الصعق بالكهرباء قدموا الإجابات بشكل أسرع بنسبة 52 في المئة. لكن هذه التقنية لم تنجح إلا مع الأشخاص الذين لديهم نشاط منخفض لخلايا الدماغ في منطقة من دماغهم تسمى القشرة الجبهية الظهرية الوحشية عندما حاولوا حل مسائل الرياضيات.
وتشير الأبحاث السابقة إلى أن هؤلاء هم الأشخاص الذين يعانون من الرياضيات.
ويشير هذا إلى أن توصيل تيار كهربائي إلى الدماغ يمكن أن يساعد الأشخاص الذين يؤدون أداءً سيئاً في الرياضيات على التحسن، لكنه قد لا يوفر دفعة لأولئك الذين يتمتعون بالفعل بقدرات رياضية.
وقال روي كوهين كادوش، المؤلف الرئيسي للدراسة وأستاذ علم الأعصاب الإدراكي في جامعة ساري البريطانية: «ما وجدناه هو كيف يعمل هذا التحفيز العصبي الواعد وتحت أي ظروف يكون بروتوكول التحفيز أكثر فعالية».
وأضاف: «هذا الاكتشاف يمكن أن يمهد الطريق لنهج أكثر ملاءمة في رحلة تعلم الشخص».
وقد ثبت سابقاً أن التحفيز الكهربائي يمكن أن يعزز الذاكرة والتعلم، لكن الدراسة الجديدة تهدف إلى فهم كيفية عمل ذلك، ولمن، وفي أي ظروف تعليمية.
وارتدى المتطوعون البالغ عددهم 102 قبعة تحتوي على قطبين كهربائيين لصعق أدمغتهم، بينما قام 30 قطباً كهربائياً آخر بقياس نشاط أدمغتهم.
وتشير النتائج إلى أن تحفيز الدماغ يساعد الأشخاص على الإجابة على أسئلة الرياضيات بشكل أسرع من خلال تعزيز خلايا الدماغ، ربما عن طريق استدعاء المواد الكيميائية في الدماغ التي تجعل خلايا الدماغ نشطة، أو تقليل تلك التي تبقيها غير نشطة.
وأعطت الدراسة تحفيزاً لدماغ نصف المتطوعين، بينما حصل النصف الآخر على تيار كهربائي ضعيف «زائف» ما أعطى نفس الإحساس بالوخز ولكنه لم يؤثر على خلايا الدماغ. لكن كلا المجموعتين انقسمتا أيضاً إلى النصف عندما يتعلق الأمر ببنية أسئلة الرياضيات.
وحصل نصف كل مجموعة على مجموعة من المسائل مع المزيد من الأسئلة المتكررة حتى يتمكنوا من تذكر الإجابات ببساطة.
ولم يعزز تحفيز الدماغ بشكل كبير قدرات هؤلاء الأشخاص في الرياضيات، على الرغم من أنه نجح مع الأشخاص الآخرين في كل مجموعة، حيث حصلوا على مجموعة من المسائل مع عدد أقل من الأسئلة المتكررة.
ولذلك، تشير الدراسة إلى أن الأشخاص بحاجة إلى أن يكونوا أقل من ممتازين في الرياضيات، وأن يواجهوا أيضاً تحديات في مسائل الرياضيات، للاستفادة من ذكاء أدمغتهم.
في غضون ذلك، فان العلماء يعملون على استحداث تكنولوجيا يمكن بفضلها ربط الدماغ البشري بأجهزة الكمبيوتر، فيما يقول الخبراء إن هذه التكنولوجيا قد تصبح موجودة في العالم «خلال عقود قليلة فقط» وهو ما يعني في نهاية المطاف الاستغناء عن إجراء العمليات الحسابية بالدماغ.
وفي بحث جديد نُشر مؤخراً شرع الباحثون في تعاون دولي يتنبأ بالتطورات الرائدة في عالم «الدماغ البشري» خلال العقود القليلة القادمة.
وباستخدام مزيج من تكنولوجيا النانو والذكاء الاصطناعي وغيرها من الحوسبة التقليدية، يقول الباحثون إن البشر سيكونون قادرين على ربط أدمغتهم بسلاسة بسحابة من أجهزة الكمبيوتر لجمع المعلومات من الإنترنت في الوقت الفعلي.
ووفقاً لروبرت فريتاس جونيور، كبير مؤلفي البحث، فإن أسطولاً من الروبوتات النانوية المدمجة في أدمغتنا سيكون بمثابة جهات اتصال مع عقول البشر وأجهزة الكمبيوتر العملاقة، لتمكين تنزيل المعلومات «بأسلوب المصفوفة».
ويوضح فريتاس: «ستتنقل هذه الأجهزة عبر الأوعية الدموية البشرية، وتعبر حاجز الدم في الدماغ، وتضع نفسها بدقة بين خلايا الدماغ، أو حتى داخلها».
ويضيف: «سيقومون بعد ذلك بنقل المعلومات المشفرة لاسلكيًا من وإلى شبكة كمبيوتر عملاقة قائمة على السحابة لمراقبة حالة الدماغ في الوقت الفعلي واستخراج البيانات».
ويقول الباحثون إن الواجهات لن تتوقف عند مجرد ربط البشر وأجهزة الكمبيوتر. ويمكن لشبكة من الأدمغة أن تساعد أيضاً في تشكيل ما يسمونه «الدماغ العالمي الفائق» الذي من شأنه أن يسمح بالتفكير الجماعي.