عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Jul-2024

نقاد يناقشون المكان الفلسطيني في"لقاء البحر" للروائي محمود السلمان

 الغد-عزيزة علي

 بتنظيم من منتدى المستقبل الثقافي وصالون المنتصف للثقافة والأدب؛ أقيمت أول من أمس في مقر المكتبة الوطنية، ندوة حول "المكان الفلسطيني في رواية لقاء البحر"، للدكتور محمود السلمان.
 
 
تحدث في الندوة التي أدارها الزميل إبراهيم السواعير، وحضرها مدير عام المكتبة الدكتور نضال العياصرة، كل من: الدكتورة دلال عنبتاوي، والدكتورة مرام أبو النادي.
 
قال الروائي محمود السلمان: "الحديث عن رواية "لقاء البحر"، ذو شجون، فهي "الرواية التي أخذت مني سنين وأنا أكتب فيها، بعد قصة مأساة في "طيرة حيفا"، فهي قصة واقعية توثيقية بلغة روائية، فكانت الفضاء الذي حلق فيه خيالي الروائي". 
وأضاف السلمان أن الرواية تتحدث عن التنقل الروحي السيكولوجي بين مكانين. هناك تظهر الأرض بكل تفاصيلها بمعان جديدة. هي تجربة من هجر من وطنه، لكن "الحبل السري" بينهما يصعب قطعه. في هذه الرواية يتغير معنى الأشياء. الأحداث الجسام تدخل في أدق تفاصيل الحياة بعد حدوثها.
قالت دلال عنبتاوي: "إن البحر ظل مكانا يحمل قيمة خاصة في حياة الإنسان الفلسطيني فهو يعيش في ذاته ضمن بعدين أساسين، الأول أنه يشكل جزءا رئيسيا ومهما من البيئة الجغرافية التي عاش فيها الإنسان الفلسطيني، وبعد أن تعرض للتنكيل والظلم من العدو الصهيوني كان يشكل في بعض الأحيان منفذه للخروج من دائرة الظلم والانطلاق نحو العالم للسفر أو الهجرة من خلاله لاكتشاف العالم والانطلاق للحصول على الرزق والحياة، لذلك تعلق الفلسطيني بالبحر تعلقا كبيرا وأخذ حيزا كبيرا في حياته. ويعد البحر ثيمة مهمة من الثيمات البارزة في الأدب الفلسطيني سواء أكان شعرا أم نثرا . والبحر يعد مكانا مهما ويشغل حيزا كبيرا في الكثير من الأعمال الإبداعية".
وأضافت عنبتاوي أن رواية "لقاء البحر"، هي رواية مكانية بامتياز مكانها الأول البحر، وجاء عنوانها "لقاء البحر"، لقد لاحظت أن لفظة البحر وحضورها الجغرافي ظل ملازما للنص الروائي، لافتة إلى أن الروائي يريد أن يقص ويحكي في هذه الرواية عن الأماكن الفلسطينية التي كانت وستظل تؤكد وترسخ علاقة الفلسطيني بأرضه وببحره رغم كل محاولات اقتلاعه من جذوره، وفي الحقيقة يمكن القول: "إن هذه الرواية هي "رواية توثيقية لكل ما دار على أرض فلسطين منذ العام 1948".
وأشارت عنبتاوي إلى وجود أمكنة أخرى ظهرت بقوة وزخم يظهر فيها البحر ومن أهمها، المدن الفلسطينية التي تقع على البحر مدينة حيفا "طيرة حيفا" التي كانت أخت البحر وحبيبته وقد رافقها ورود مدن أخرى في فلسطين منها، عكا، يافا، وبيسان التي قد تم تغيير اسمها من بيسان إلى "بيت شان" وغيرها الكثير الكثير من الأمكنة الفلسطينية وقراها المهمة، والتي أخذت في ذاكرة الكاتب حيزا مهما وفي ذاكرتنا كذلك، لافتة إلى ما قاله الراوي في ص4 عن تلك الأمكنة: "في أعالي الكرمل وجدت عسفيه تلك القرية التي غزلت ذكرياتها في جديلة واحدة وطيرة أحمد أصبحت بعد كل هذا مدينة مزدهرة، وأصبحت حكاياتها مع الطيرة بعد كل هذا الحصار نادرة الحدوث مطاعمها وفنادقها انتشرت في كل مكان".
وقالت عنبتاوي: "إن الروائي أراد هنا أن يحفظ للأمكنة قيمتها وذاكرتها وكأنه يقوم بترسيخ المكان الفلسطيني وتأكيد قيمته القوية المهمة حتى لا تنساه الأجيال فيما بعد أو تتجاهله، وهنا لابد من الوقوف عند مكان مهم من الأمكنة الفلسطينية التي ارتبط بها الكاتب وعبر عنها.
يتحدث الراوي عن "طيرة حيفا" في "ص 20"، عبر حوار دار بين البطل وشاب عربي قائلا: "استمر في مسيره وهنا وصل الشارع المتفرع من أوتستراد حيفا يافا وهو الشارع المؤدي إلى قريته طيرة حيفا تلك القرية القابعة في مكان جميل من جبل الكرمل على سفوحه الشمالية الغربية".
وخلصت عنبتاوي إلى أن "طيرة حيفا"، كما اعتدنا على تسميتها ومناداتها بـ"الطيرة" ومن ينسب إليها من أهلها بالطيراوي وأهل الطيرة "هي بطل هذه الرواية بامتياز فهي التي تدور كل أحداث الرواية حولها مع أن البحر شاركها هذا الحضور بل ويمكنني القول: "إنها تتقاسم معه تلك البطولة وذلك لسبب جغرافي أولا ولسبب روائي ثانيا، فالرواية معنونة بـ"لقاء البحر"، وذلك لشدة القرب بين "طيرة حيفا" و"البحر يافا"، فالعلاقة الوثيقة التي ربطت بين الكاتب الفلسطيني والبحر واضحة ويشاركه بهذا كل الفلسطينيين من أبناء ما يطلق عليه "الشريط الأخضر"، لذلك كان حضور البحر متميزا في هذه الرواية".
من جانبها، قالت مرام أبو النادي: "إن الرواية تبدأ بمشهد لأسرة فلسطينية في وحدة سكنية في مخيم ويبدأ الحوار بين أبي يوسف وزوجته جرحًا لحقبة بعيدة من الزمن، بل أبعد كثيرا مما قد تظنون وأقرب كثيرا من الزمن الذي عشناه مع كل عائلة فلسطينية منذ شهر أكتوبر2023. وتبين أن هذه الرواية هي رواية "تاريخية أدبية"، فإن كانت الشخصيات من نسج الخيال، فإن شواهد الأحداث بالزمان والمكان هو من التاريخ الماضي لفلسطين والواقع المعاش إلى هذه اللحظة". وأضافت عندما تقرأ الرواية ستجد أنك جزءا منها، فانصهارك ليس أمرا اختياريا، بل لا إراديا، فالروائي استطاع أن يعبر عن كل واحد منا وأحكم الإمساك بخيوط الشخصيات ليسيرها في مسار الأحداث، في سردية لن تشعرك بالاغتراب، لافتة إلى ان الروائي استخدم الحوار بين الشخصيات والحوار يستدل به على وعي الشخصية وتفردها ويساهم في تطوير الأحداث، فضلا عن دوره في المساعدة على بعث الحرارة والحيوية في المواقف المتميزة التي تساعد على تشكيل البناء الفني للحدث منطقيا.
ورأت النادي، أن رواية "لقاء البحر"، حققت في الحوار الوظائف المقصودة وتنوعت موضوعات الحوار بتنوع الشخصيات وتعاظم الحيرة بين الواقع والطموح. فقد ضمت شخصيات عديدة لن تجد أيا منها قد زج زجا، بل لضرورة اقتضتها السياقات، مبينة أن الحوار إبراز جوانب التفرد وسيادة الرأي الحر للشخصية ولعل شخصية أحمد هي من توجت بالتفرد، لأن الروائي حملها العبء الأكبر من كم الذكريات.
وتحدثت النادي عن السردية واللغة، قائلة: "سنجد سلسلة من الأحداث المرتبة زمنيا تعاقبيا وترتيبا سببيا منطقيا، فالواقع في الرواية لم يكن معزولا عن بعضه البعض". فعملية البحث عن المفقود كانت مرسومة بدقة منطقية في رحلة ستجعلك متوترا في مناطق سردية ولا سيما، تلك المناطق التي تمثل طريقا مسدودا ولكن هناك الأمل الذي جعله السلمان حاضرا بعد كل محاولة".
ورواية "لقاء البحر"، تميزت بسردية تتعاظم بالوصف بدءا من غرفة في مخيم كانت تجلس فيها والدة احمد بحالة من الحزن. إلى ممارسات الكيان المحتل والتي أكدها الروائي في معظم المشاهد، وسردية تبدل واقع الحياة، فقد لجأ الروائي إلى استخدام دلالات كذكر معالم الحياة قبل الاحتلال فاستشهد بمعالم الحياة الآمنة الخضراء. كالزيتون. وأسماء الحارات في الطيرة، وحلوى القزحة الطيراوية التي استحضر ذكرياتها في ذهنه، وقد كانت تعدها جدته بثوبها التقليدي. وحتى البرتقالات التي تناولتها تمام أم الهند الزوجة الثانية لأبي يوسف من تحت السرير، لتزود يوسف بها كانت لها رمزيتها ودلالتها لأهل الساحل الفلسطيني.