القاهرة.. مغردة تستقبل الخير والبشرى.. أهلًا وسهلًا يا أفندم
القاهرة -الدستور- محمود كريشان - انت في القاهرة الحالمة والتي تعيش هذه الايام اجواء وادعة وآمنة ومستقرة بإذن الله، وهذا صدى صوت الشاعر الراحل احمد فؤاد نجم يعطر الزمان والمكان: «يسبق كلامنا.. سلامنا.. يطوف ع السامعين معنا..عصفور محندق.. يزقزق.. كلام موزون و له معنى.. عن ارض سمرا و قمرا، وضفة و نهر و مراكب، ورفاق مسيرة عسيرة، وصورة حشد ومواكب، في عيون صبية.. بهية، عليها الكلمة و المعنى.. مصر يا امّة.. يا بهية.. يام طرحة و جلابية، الزمن شاب وانت شابة، هو رايح وانت جاية»..
في القاهرة تمضي في التكسي برفقة الزميل عقبة العبادي، وتدخل في حوارية جميلة مع السائق الذي تلمس فيه طيبة المصريين وبساطتهم وكريم اخلاقهم.. اهلا يا افندم.. عاوزين الدقي.. فين بالدقي يا افندم..!.. (6) شارع باسم الخطيب متفرع من شارع التحرير.. تقريبا «السفارة الأردنية».. انتم اردنيين.. اجدع ناس والله.. الاردن بلد عظيمة، وانا ليه قرايب كثير بيشتغلوا في عمان، وهم مبسوطين والله.. شكرا يا باشا..
جامع البنات
نبدأ هذه الجولة من جامع البنات، ولأن رحلة البحث عن العريس او فارس الأحلام الذى طال انتظاره مع قبل «العوانس» ومن تقدم بهن قطار العُمر واحلامهن بالعثور على «ابن الحلال» ففي شارع بورسعيد وتحديدا بالقرب من محكمة الاستئناف بالقاهرة، يقع مسجد اسمه «جامع البنات» الذى يعتقد البعض إنه يحل مشكلة البنات مع العنوسة التى تسود المجتمع المصري بعد ان وصلت الى ارقام قياسية وفقا لإحصائية جهاز التعبئة والإحصاء هناك.
وعودا الى قصة «جامع البنات» فالحكاية المتداولة، وهي أسطورة عمرها أكثر من 400 عام روجها رحالة مسلم هو «عبد الغنى فخري»، وذلك العام 1693 م، وهو «أرميني الأصل» من مماليك الدولة البرجية، رزق بسبع بنات، فحبه الشديد لهن جعله يخلد ذكراهن، بعد وفاتهن عذراوات بمرض الطاعون، وقام بدفنهن بضريح بنى عليه مسجدا، ما جعل منه مثارا للأساطير والقصص الخرافية، وقد اصبح المعتقد أن جامع البنات من الأماكن التى تحل مشاكل العنوسة فى مصر، وأن البنت التى لا يتيسر لها الزواج تأتي إلى هذا المسجد يوم الجمعة وتجلس فى مكان قريب أثناء صلاة الجمعة وحين تأتي لحظة سجود المصلين تنهض الفتاة وتمر بين صفين للمصلين، ثم تذهب فيتيسر لها الزواج حسب هذا الاعتقاد الشائع، ونتيجة لهذه المقولة أطلق على المسجد والمدرسة الملحقة به اسم «جامع البنات».
ولا أحد يعلم كيف جاء الارتباط بين هذا الجامع الذي يضم تحت ثرى صحنه المكشوف رفات بنات الأمير المملوكي عبد الغني الفخري السبع، وبين تردد البنات الراغبات في الزواج عليه للدعاء في صحنه المكشوف بأن يرزقهن الله بابن الحلال الذي يفك كربة عنوستهن.
هذا المسجد الذي تواظب على زيارته الأمهات ويضعن النقود فى صندوقه وهن يبتهلن أن تُرزق ابنتها بـ»ابن الحلال».. ضمن اعتقادات يقول عنها علماء الدين انها «بالية وخرافية»!.. لكن وكما يقال الغريق يتعلق بقشة فإن الفتيات وأمهاتهن يلجأن إلى التبرك بالضريح الموجود بالمسجد، من أجل الحصول على «عريس المستقبل»، لتنتهي عنوسة البنت التواقة الى السترة والاستقرار في بيت زوجها المنتظر.
امام ذلك يقول احد مشايخ الجامع ان واجبه يفرض توعية هؤلاء الفتيات بالحكم الشرعى لهذه الخرافات وأنها تعدّ فتنة، وضرورة الالتزام بالعبادات والصلاة وطاعة الله سبحانه وتعالى وقراءة الرقية الشرعية دوماً، واليقين بأن الزواج قسمة ونصيب من الله سبحانه وتعالى.
«مقهى الفيشاوي»
نمضي في جولتنا الى «مقهى الفيشاوي».. تدخل اليه وكأنك تسمع صدى صوت الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي وهو يردد: فينك يا عبد الحليم..! فين صوتك اللى كان فرح وهموم..! وكان سما بنجوم اللى طلع م القلب عارف يعيش..ويدوم.. فينك يا عبد الحليم.. فينك..! اذا.. انت في هذا المقهى التاريخي، الذي يقع في قلب القاهرة الفاطمية، وتحديدا في إحدى الأزقة المجاورة لمسجد سيدنا الحسين بحي الأزهر الشهير وتحديدا في اروقة خان الخليلي التراثي الشهير.
وتقول الزميلة سارة حسام الدين انه قبل نحو 245 عاما، كان هناك رجل يدعى الحاج فهمي الفيشاوي، بدأ بتقديم القهوة فقط إلى أصدقائه والزائرين لمنطقة الحسين في زقاق خان الخليلي في القاهرة، مساء كل يوم بعد صلاة العشاء، حتى أصبحت تعرف باسم «قهوة الفيشاوي» حتى استطاع أن يشتري المتاجر المجاورة له، ويحولها إلى مقهى كبير ذي ثلاث حجرات.
فيما يقول حفيده ضياء الفيشاوى، ان مقهى الفيشاوي بدأ ببوفيه صغير ثم وسعه شيئاً فشيئاً، ومات الحاج فهمي الفيشاوي سنة 1968 إثر إصابته بأزمة قلبية حادة، عقب صدور قرار من محافظة القاهرة في الستينيات بإزالة جزء من المقهى بحجة تحديد منطقة معالم الحسين القديمة، وطالبت وقتها العشرات من الصحف المصرية والفعاليات الثقافية، محافظ القاهرة بعدم الشروع فى هدم المقهي، على اعتبار أنه ذو تاريخ ويحمل عبق الماضي لكن محافظة القاهرة لم تلتفت لتلك الدعوات وأزالت جزءا كبيرا من المقهى لتصبح مساحة المقهى مائة وخمسين مترا بدلا من أربعمائة متر، فتوفى الحاج فهمي الفيشاوي متأثراً بصدمته بهدم مقهاه.
فيما يلاحظ ان رواد هذا المقهى معظمهم من السائحين الاجانب والزوار العرب ورواد الشعر والادب والثقافة في مصر ومن ضمنهم الأديب نجيب محفوظ والمطرب الكبير عبدالحليم حافظ والدبلوماسي والسياسي العريق عمرو موسى، والشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم وجمال الغيطاني والعديد من السياسيين.
فندق نوران
نواصل جولتنا في قاهرة المعز التي تنهض جميلة، آمنة، مستقرة.. وتحديدا في شارع محمد خلف المتفرع من شارع التحرير بمنطقة الدقي الراقية، يقع فندق نوران في مكان هادىء محاطا بالاجواء الوادعة وبين المنازل الفخمة لكبار الاثرياء.
ويتميز هذا الفندق الذي هو مصنف 3 نجوم بأنه يقدم لزبائنه خدمات فنادق الخمسة نجوم من حيث وجبات الطعام الفاخرة ومرافق الفندق الهادىء واثاث غرفه الوثيرة النظيفة التي تتضمن شرفات تطل على القاهرة من طوابق شاهقة، وترى من فوق شرفاته النيل يجري وادعا محملا بالفرح المقبل لمصر التي نحبها وندخلها.. بسلام آمنين.
نوران.. هو اكثر من فندق بالنسبة للأردنيين الذين يزورون القاهرة سواء بغرض الدراسة العليا او السياحة او العمل، كون الزائرين لمصر من الاردن يحرصون على المكوث في هذا الفندق لاعتبارات تتعلق بأمانة كافة العاملين بالفندق ونظافته وخدماته واسعاره المعتدلة جدا، وقبل ذلك قربه من مقر السفارة الاردنية في الدقي ولا تبعد سوى (100) متر عن هذا الفندق، كما لا يحتاج المقيم بهذا الفندق لاي وسيلة مواصلات للوصول الى معالم هامة قريبة من هذا الفندق الوادع وابرزها كوبري النيل وميدان التحرير وميدان طلعت حرب والمتحف ومعالم بارزة في القاهرة التي تحيا كعهدها على حب مصر.
وعلى صلة.. فأننا لبينا مع امين عام وزارة الثقافة الفلسطينية الشاعر عبدالناصر صالح، دعوة كريمة من الاستاذ ايمن المسؤول في فندق نوران لحضور حفل زفاف كريمته الآنسة المحترمة آلاء ايمن حارس مرمى نادي الجزيرة بكرة اليد ومصطفى كيجو لاعب نادي الزمالك ومنتخب مصر لكرة السلة.. الحفل النخبوي الكبير ضم كبار نجوم الرياضة في مصر وفعاليات دبلوماسية عربية واعضاء في السفارة الأردنية.. بالمناسبة والد العروس الاستاذ ايمن المسؤول في فنادق نوران الذي يعتبر «حبيب الأردنيين».
الكت كات.. حكاية مصرية
لابد هنا ان نتوقف عند ابناء مصر في الأردن ومنهم رجل الاعمال ممدوح الجمل مدير عام مطعم الكت كات السياحي في شارع بسمان وسط البلد ، ومدير الصالات في المطعم الجميل عبدالله الشامي واسرة الكت كات الذين يؤكدون محبته للأردن بقدر محبتهم الى بلدهم العزيز مصر.
ويعتبر الكت كات حكاية حب مصرية فوق الأرض الأردنية حيث يعتبر الملتقى الجميل لكبار المسؤولين والسفراء والدبلوماسيين والفنانين وكبار الكتاب والصحفيين حيث المأكولات البحرية المتميزة والمستمدة من مطاعم الاسكندرية وصواني اللحم والكفتة والتي يعدها الطاهي المحترف محمد الحوفي بالاضافة الى المشاوي اللذيذة والمقبلات اللبنانية الفاخرة ويشرف عليها الشاب الخلوق محمد ابراهيم.
ختاما.. تتشوق لأماكن جديدة في «أم الدنيا» وتود لو تبقى سنوات وسنوات تستمتع بجمال مصر وسحرها.. وتتجول في ربوعها الآمنة وانت تردد رائعة الغناء القشيب «على بلد المحبوب وديني»..