عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Nov-2020

منصات التواصل “تتشح” بـ”السواد”.. ومتصفحون يقررون مغادرتها!

 الغد-مجد جابر

لم تعد منصات التواصل الاجتماعي، مصدرا للبهجة أو الفرح، أو طريق الشخص نحو قراءة خبر ما أو مشاهدة فيديو وحتى صورة تسهم برسم الابتسامة على الوجه، أو ضحكة تصدر من القلب.
منذ بدء جائحة “كورونا”، والأخبار المحزنة والمحبطة وإعلانات النعي تتسيد صفحات التواصل، تحديدا “فيسبوك”، ليشعر الشخص أنه يعيش داخل عالم من الآلام التي تلاحقه حتى في دقائق يحاول خلالها أن يتصفح هذه المواقع للخروج من الأجواء السلبية المحيطة به.
حالة من الإحباط والقلق تنتاب الشخص بمجرد أن يقرر الدخول لإحدى صفحات مواقع التواصل بسبب كمية الأخبار المحزنة التي تمتلئ بها، فازدياد حالات الوفاة بشكل كبير وتفشي أعداد الإصابات والحديث عمن يمكثون داخل المستشفيات وحتى المنشورات المغلفة بالسلبية، باتت المسيطرة، خصوصا وأن العديدين يلجؤون إلى مواقع التواصل الاجتماعي كخيار وحيد ينفس عما بدواخلهم.
ذلك الشيء، أوجد ردة فعل من كثير من الأشخاص الذين باتوا يعتبرون “فيسبوك” مصدرا للإحباط والطاقة السلبية، والخوف مما هو مقبل، ليقرر عدد كبير الابتعاد ولو لوقت قصير عن هذه المواقع التي أصبحت تزيد من أوجاعهم، فهم ومع الضغوطات النفسية التي يعيشونها بحاجة إلى باب يدخل عليهم ولو القليل من الأمل والطاقة الإيجابية، وليس العكس.
اختصاصيون اعتبروا أن ما يمر به العالم بسبب جائحة كورونا، أوجد حالة من الخوف والقلق وانعدام الطمأنينة والأمان، وانعكس ذلك الشعور على مواقع التواصل الاجتماعي، لتفريغ ما بداخلهم أو الحديث عن الموت الذي غيب أحبابهم، وعن الإصابات المنتشرة حولهم.
وأظهرت إحصاءات عالمية حديثة أن عدد مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا حول العالم “فيسبوك” في الأردن بلغ مع نهاية العام الماضي حوالي 5.8 مليون مستخدم.
ووفقا للبيانات المنشورة على موقع “انترنت وورلد ستاتيس” -الموقع العالمي الذي يرصد تطورات ومؤشرات استخدام الإنترنت و”فيسبوك” حول العالم- فإن وصول عدد مستخدمي “فيسبوك” في الأردن الى هذا المستوى يعني أن نسبة انتشار استخدام “فيسبوك” قياسا بعدد السكان المقدر بأكثر من 10 ملايين نسمة تصل الى نحو 57 %.
وبحسب الأرقام، فإن عدد مستخدمي “فيسبوك” في الأردن يشكل نسبة تصل الى 67 % من عدد مستخدمي الانترنت في المملكة والبالغ نحو 8.7 مليون مستخدم.
وفي ذلك، يذهب الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة، إلى أن طبيعة الأوضاع وما يحدث من تفش للوباء وزيادة أعداد الوفيات بطريقة كبيرة جداً، كلها أمور بثت الرعب في نفوس الناس، وأصبحوا يشاركون ما يحدث معهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ما سبب حالة من الإحباط والقلق والتوتر بين الناس.
ويضيف أن أغلب المواقع الإخبارية تشارك مجمل أخبارها على منصات التواصل، وأغلبها تصب بما أحدثه كورونا في العالم، الى جانب أن ما يحدث مع الناس من قصص يومية وإصابات لأشخاص مقربين منهم وحالات وفاة يشاركونها على مواقع التواصل الاجتماعي، كل ذلك ضاعف من حالة الإحباط لديهم.
ويشير مطارنة إلى أن الكثيرين أصيبوا بحالة نفسية صعبة وبحاجة الى “إنعاش وإسعاف نفسي”، وصناعة ثقافة مجتمعية مختلفة، ولابد أن يكون هناك خطاب إعلامي مختلف، مبينا أن مواقع التواصل الاجتماعي تبرز صورة الواقع الذي تعيشه مختلف الطبقات والفئات الموجودة، بالتالي من الطبيعي إيجاد كل هذه “السوداوية” على هذه الصفحات.
لكن، ووفق مطارنة، ينبغي على الأشخاص البدء بالتفكير في أداة تبث الفرح والأمل والطاقة الإيجابية والروحانية التي يستطيع الإنسان من خلالها أن يرى الأمور بطريقة مختلفة، مبيناً أن “كورونا يعيش بيننا وأعداد كبيرة تغادر الحياة، لكن هذا قدر ينبغي التعامل معه.. فالعالم كله يمر بالحالة ذاتها من الخوف”.
ويشير الى أن حالة من الخوف مع غياب الإحساس بالأمان وتردي الوضع الاقتصادي، كلها أمور يختبرها الشخص، فكل ما حوله لا يبعث على التفاؤل، لكن لابد من إبراز صور إيجابية في الحياة والتخفيف من الأخبار المزعجة والمشوهة للحياة بشكل عام.
ويضيف “نحن نحتاج الى برامج واستراتيجيات ومتخصصين نفسيين يساعدون على بث الإيجابية وإحياء الأمل في نفوس الناس والمساعدة على تخفيف وطأة المشكلة”.
إلى ذلك، التعامل مع أساليب الوقاية والإجراءات الاحترازية، من دون العيش في دائرة المخاوف وتعزيز الروحانيات والابتعاد عن الضغط النفسي كونه يدمر أكثر من المرض نفسه، فالقلق والتوتر يخفضان المناعة، وأهم شيء لمواجهة “كورونا” هو تعزيز جهاز المناعة، وينبغي على كل شخص أن يدافع عن نفسه في هذه الأزمة وبكل السبل، والتعامل معها على أنها أزمة وسوف تمر.
ومن وجهة نظر علم الاجتماع، يرى الاختصاصي الاجتماعي الدكتور حسين الخزاعي، أن الأخبار المؤلمة والمعلومات التي يتلقاها المتابع لمواقع التواصل الاجتماعي كلها تركز على الخوف والقلق والتوتر وعدم الطمأنينة وفقدان الأمل في المستقبل، خصوصا مع ازدياد عدد حالات الوفيات بشكل كبير بين الناس، بالأخص بين الكوادر الصحية التي تعد خط الدفاع الأول. وبالتالي، كل هذه الأخبار ما بين حالات الوفاة وازدياد حالات الكشف الإيجابي لدى الناس، أوجدت حالة من الإحباط لدى الناس، خصوصا أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت نافذة الشخص الذي يتلقى من خلالها الأخبار وما يدور من حوله، فهي تعكس الحالة العامة لمحيطه وما يحدث في الخارج، بالتالي فإنه وبمجرد أن يفتح الشخص أيا من مواقع التواصل الاجتماعي يجد كمية من الأخبار والمنشورات السلبية حتى وإن كانت تعكس الواقع، إلا أنها تزيد من الأوجاع النفسية.