عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    17-Feb-2019

حِلف وارسو «الجديد»: حِكايَة تَطّبيعٍ مُعلَنْ - محمد خروب

 الراي - كما كان مُتوقّعاً...لم يُسفِر مؤتمر «حلف وارسو» الجديد, الذي أنهى أعماله للتوّ في العاصمة البولندية.عن نتائج تُذكر اذا ما استثنينا خطابات الثنائي الأميركي...نائب الرئيس بنس ووزير الخارجية بومبيو, وثالثهم رئيس حكومة العدو نتنياهو.

وخصوصاً حفل التقاط الصور والطاووسية المَحمولة على استعلاء وغرور, التي ظهر بها نتنياهو في ظل اختفاء يبدو مقصوداً لباقي «شخصيات الدول» المشارِكة والتي قيل ان عددها وصل الى «60 ،«ما عدا بالطبع التركيز الواضح على «ممثلي» الدول العربية الذين كانوا مُجرّد ظِلال باهِتة الى جانب نتنياهو, الذي حظِي بمرتبة نجم المؤتمر بلا مُنازِع, مُوظِفاً ذلك ليس فقط لخدمة مستقبله السياسي المُهدّد, بل وأيضا في الحملة الإنتخابية التي يُخوضها وحِزبه في التاسع من شهر نيسان القريب.
ليس ثمّة من يعتقِد أن المؤتمر الذي عمِلت واشنطن على انعقاده ومارَست ضغوطاً هائلة على دول وعواصم عديدة, سواء للمشاركة فيه أم لرفع مستوى تمثيلها، قد أصاب نجاحاً يُذكَر,وبخاصة في غياب دول رئيسية ومركزية.إقليمية(شرق أوسطِية) ودولية مُؤثِّرة على حد سواء. ما يدعو للتساؤل ما إذا كان بمقدور مَن شاركوا أن يُقيموا سلاماً أو يُحقّقوا أمناً
في المنطقة؟وهل هُم على درجة من القوّة والتأثير لتحويل خطاباتِهم وتصريحات بعضِهم الرنّانة (ولكن المُرتبِكة ومُفرِطة التناقض) الى وقائع ميدانية, تُسهِم في تغيير موازين القوى أو تؤثَّر فيها, على النحو الذي يتمَنّاه أو يريده الأميركيون, وخصوصا قادة دولة العدو الصهيوني, الذين يُؤكِّدون وفي شكل علَني, أنهم لن يُحارِبوا ايران نيابة عن العرب(..),وإذا ما اضّطروا الى ذلك فإن على العرب دفع الثمن,وهو هنا ليس ثمناً مالِيّاً فقط, بل سِياسِي بامتياز ؟
يبدو أن عرب اليوم بصدد الدفع مُقدّماً, بعد أن أخَذَت النشوَة الثُلاثي الأميركي الصهيوني, الى المطارِح والمُربعات التي أرادوها من وراء انعقاد مؤتمر كهذا رغم حضوره التمثيلي الهزيل, والتأثير المُتواضِع لِمَن حضروا, الذي يكاد يكون أقرب الى الوهمي والفانتازي منه الى أي شيء آخر.ولهذا رأى نتنياهو في «العشاء» الإفتتاحي للمؤتمر «منعطفاً تاريخياً", فيما أبدى مايك بومبيو سروره واغتباطه من العشاء نفسه حيث (كما قال): يُوجَد مسؤولون عرب وإسرائيليون, في نفس القاعة على طاولة واحدة.. يتبادَلون الآراء.
تعليقات بائسة كهذه, تُؤشِّر الى إفلاس سياسي مُعلَن, وكل ما قيل عن بناء «جبهة» ضد ايران وعزلها تمهيداً لخنقها لا يعدو كونه ذرّ للرمال في العيون, بعد أن لم تُسفِر جلسات المؤتمر وعشاءاته ووجبات الفطور والغداء الفاخرة,عن نتيجة سياسية أو ميدانية مَلموسة.
إذ لم يتم الإعلان قبل انعقاد المؤتمر, عن قيام «الناتو العربي» أو ما سُمّي اختصاراً بالإنجليزية «ميسا", اي"تحالُف الشرق الأوسط الإستراتيجي» ولم يُوفِّر الحشد الأميركي الهزيل لهذا المؤتمر, بضاعة ذات مواصفات عالية تُلائِم أو تنسجِم مع ما رُفِع من شعارات وما تم تهويله من أوهام حول مُحاصَرة المشروع الإيراني, ورغم ذهاب بعض العرب بعيداً في «اعتبار التهديد الإيراني أَخطَر وأَهمّ من القضية الفلسطينية"(كذا).
يجدر بهؤلاء الذين يُريدون تبرير إخراجِهم مسيرة تطبيعِهم «السِرِّي» مع العدو الصهيوني الى العَلَن, أن يُعيدوا قراءة التاريخ ويُسارِعوا الى استخلاص دروسه وعبره. لأن الشعوب العربية ليس فقط لا تُشاطِرهم آراءهم الخطيرة هذه, بل وتدينها وتتبرّأ منها.وليس سُخرية «الولد» جاريد كوشنر, من «المُبادرة العربية» واعتبارها شيئاً من الماضي, وقول بومبيو: أنه سيكون صعباً إحلال السلام والإستقرار في الشرق الأوسط دون مواجهة ايران, وتأكيد نتنياهو على ان «تقرير المصير في أرض اسرائيل الكامِلة (فلسطين التاريخِيّة), هو حقّ حصري للشعب اليهودي»، سوى إشارات واضحة على أن حكاية الخطر الإيراني, ليست سوى ستاراً وذريعة للإجهاز على حقوق الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته. فهل هذا ما يريده البعض: عانى الناس في الشرق الأوسط كثيراً, لأنهم بَقوّا في الماضي؟, فيما يهذي «مُهندِس» صفقة القرن الحقيقي جيسون غرينلات مُغرداً: الفلسطينيون تَركوا العرب والمسلمين (وَحدَهُم) في مواجهة الخطر الإيراني (....). فإلى أي «مُستقبَلٍ» ستأخذوننا إليه؟ أيها العابِرون في مُؤتمَراتٍ..عابِرَة ؟
kharroub@jpf.com.jo