عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    16-Nov-2020

الانتخابات.. المقاطعون يصوتون سلبياً والغائبون يصدرون الأحكام *سامح المحاريق

 الراي

أمام حالة من العزوف الواسع من شخصيات سياسية عن الترشح، وهي الشخصيات التي كانت لها صولات وجولات في البرامج التلفزيونية ومواقع التواصل، وهو ما أسهم أيضاً في حالة من الإحجام لدى كثير من الناخبين، فإن ما يمكن ملاحظته عن الانتخابات الأخيرة هو رغبة الناخبين في عدم إعادة كثير من المترشحين الذين تواجدوا في المجلسين السابقين إلى مجلس النواب من جديد، أي أنه بالإضافة إلى من أعلنوا المقاطعة، وبجانب من قاطعوا لأنهم ببساطة لا يشاركون سياسياً، وهي فئة موجودة في كل مكان من العالم، فإن تغيباً لناخبين مخذولين من ممثليهم في الدورات الماضية يمكن أن يضاف وأن يعتبر عاملاً مؤثراً في النتائج الأخيرة.
 
وجود نحو مئة نائب لم يتمكنوا من العودة إلى التمثيل النيابي، لا يمكن أن يجعلنا نتوقع سوى إضافة شكل جديد للمعارضة، فهي معارضة ليست جوهرية، ولا هي معارضة سياسية أو اقتصادية، فبين عدم الموفقين في الوصول إلى المجلس من لم يتردد في منح الثقة والموافقة على أي مقترح كما يرد من الحكومة، وبالتالي فالمهمة التي سيواجهها الوافدون الجدد ستكون مزدوجة، فأمامهم المعارضة التقليدية والتي شاركت بعض أطيافها، وحققت نسباً متباينة من النجاح والفشل، وأمامهم المنافسة من النواب السابقين الذين لن يتوقفوا عن المناورة والمداورة والمحاورة والمشاغبة.
 
بعض النواب السابقين من أصحاب الفطنة، لمحوا مبكراً التحول في مزاج الناخب، وفضلوا الانسحاب في الوقت المناسب، ومع ذلك يبدو أن عديداً من القوى السياسية ومن المتابعين لم يتمكنوا من التقاط هذه الإشارات وتوقع هذه الاستدارة الواسعة من الناخبين، وبدلاً من الاعتراف بهذه النقطة، أخذوا يذهبون بآراء تدور حول إنتاج المجلس لشخصيات غير معروفة، وهي إن كانت غير معروفة للصالونات السياسية وللجسد الإعلامي فإنها معروفة في أوساطها الانتخابية، وبعضها لا يختلف عن كثير من النواب الذين كنا نجهلهم لدى تواجدهم للمرة الأولى في المجلس ولم يلبثوا أن قدموا وسريعاً جديداً إعلان حضور، وأخذنا نعرف إمكانياتهم مع الوقت، بل وأصبحنا نقرأ مواقفهم قبل أن يتخذوها، لقد أصبحوا جزءاً من اللعبة ووجوهاً معروفة، وكذلك سيصبح النواب الجدد الذين تعرضوا لهجمات مبكرة وقد تبدو محبطة، وما زلنا في المقابل، لا نعرف عنهم شيئاً، ولا يمكن أن نتعالم ونقرأ في بلورة سحرية لنطلق أحكامنا حيالهم.
 
من يقول أن الانتخابات أنتجت مجلساً عشائرياً، يتناسى أن جميع الانتخابات السابقة كانت تقدم نواباً عشائريين ومناطقيين، وليس هذا أمراً جديداً، وكما يوجد النائب العابر للمجالس يتواجد النائب الذي يحضر لمرة واحدة، فلا شيء تغير، والهدف الإصلاحي هو وجود قوى حزبية برامجية يبقى يدور في حلقة القناعات الاجتماعية التي لم تتحرك تجاه الأحزاب مع وجود فائض من المعروض حزبياً في هذه الانتخابات.
 
من لم يذهبوا للانتخابات كانوا الناخبين الحقيقيين، لأنهم ببساطة لم يجدوا في المعروض انتخابياً ما يتوافق مع خياراتهم أو تطلعاتهم، فالوجوه المجربة لم تكن مقنعة ولا يوجد ما يبرر إعادتها للمجلس، أما الوجوه الجديدة فكانت تعمل في دوائرها الانتخابية ولم يتحصلوا على فرصة لأن يقدموا أنفسهم على المستوى الوطني.
 
من يحمل الناخبين وحده المسؤولية يتغاضى عن أمور كثيرة وهي المترشحين الذين تغيبوا، فهل شهدت هذه الانتخابات مثلاً تواجداً لوزراء سابقين كما كانت تشهد الانتخابات السابقة، هل شهدت كثافة في حضور المترشحين من الإعلاميين؟ للأسف كثيرون يعرفون أن المرحلة المقبلة حرجة ولها متطلبات كثيرة ويفضلون الاختباء من الاستحقاقات، على أن تأتي مرحلة مواتية أكثر مستقبلاً، وهذه الفئة تحديداً تراهن على فشل النواب الجدد الذين يجب أن يحصلوا على فرصتهم لأن المقاطعة أو المعارضة لا يمكن أن تمارس التذاكي وتصدر أحكاماً مبكرة تجاههم.