عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    04-Feb-2020

إسرائيل تضم والعالم يصمت - يوسي ميلمان

 

هآرتس
 
في الـ 52.5 سنة التي مرت منذ حرب الايام الستة ضمت اسرائيل مرتين مناطق فلسطينية. واذا لم يحدث أي شيء استثنائي فنحن في الطريق الى الضم الثالث، الاكبر منها جميعا، نحو 1900 كم مربع. الضم الاول الذي جاء بعد فترة قصيرة على حرب حزيران 1967، كان 70 كم مربع في شرقي القدس. وفي العام 1981 ضمت اسرائيل هضبة الجولان التي مساحتها 1800 كم مربع.
الضم الاول والضم الثاني والضم الثالث الذي هو على الطريق، حدثت وكأنها عرض وبصورة مرتجلة وبدون اعدادات مسبقة، وبدون فهم عمق مغزاها وتداعياتها، ومن خلال خلافات في جهاز الامن. لقد كانت نتيجة مباشرة لنزوات القادة.
ضم شرقي القدس في 28 حزيران 1967 نبع من ثورة للمشاعر على خلفية الهيجان الذي جر اجزاء واسعة من الجمهور الاسرائيلي في اعقاب الحرب واحتلال المناطق. الصحفي عوزي بنزيمان الذي ألف كتاب “القدس – مدينة بدون سور” (من منشورات تشوكين، 1973) كتب بأن القرار لم ينبع من حاجة وجودية، أو من حاجة امنية واضحة، بل نبع بالاساس “من دوافع عاطفية ومن حسابات شخصية مع التاريخ الذي كان لعدد من الاشخاص في قمة القيادة الاسرائيلية”.
الاشخاص الثلاثة الرئيسيون الذين كانت لهم حسابات هم الوزير يغئال الون والوزير مناحيم بيغن والوزراء موشيه ديان. معظم هؤلاء الوزراء أيدوا الفكرة. والقلائل، منهم وزير الداخلية موشيه حاييم شبيرا (المفدال)، عارضوا. ورئيس الحكومة ليفي اشكول الذي اظهر خلال حياته السياسية الحذر والاعتدال، خضع لمن يؤيدون الضم و”روح العصر”.
ايضا ضم هضبة الجولان وفرض قانون السيادة فيها، كما تسمى عمليات الضم، حدث بشكل متسرع، اذا لم يكن متهورا، وكان بدافع الحالة النفسية. في صباح 14 كانون الاول 1981 عقد بيغن جلسة خاصة للحكومة في منزله. وبيغن الذي كان يمر بتغير في حالته نفسية مكث في منزله منذ كسرت ساقه في 26 تشرين الثاني، وتم اجراء عملية له في المستشفى. في هذه الجلسة الخاصة اقترح على الحكومة المصادقة على مشروع القانون فورا. الحكومة صادقة بالاغلبية، رغم أن عدد من وزراء اليمين المعتدل (الجزء الليبرالي في الليكود) تحفظوا من التعجل أو من القرار نفسه. وفي اليوم التالي، حضر بيغن الى الكنيست على كرسي متحرك. وبشكل متسرع صادقت الكنيست في يوم واحد على قرار الضم بالقراءات الثلاث.
الضم الثالث الذي هو في الطريق يذكر بالضمين السابقين. فقد جاء بدوافع شخصية لرئيس الحكومة. لقد كان لبنيامين نتنياهو 11 سنة من اجل القيام بعملية ضم الغور والمستوطنات. وفي كل مفترق طرق تردد وامتنع. الآن فقط، من شدة يأسه وعند فشله في الحملتين الانتخابيتين وتم تقديم لائحة اتهام ضده، تذكر بأن يستخدم ما يعتبر حسب رأيه سلاح يوم القيامة الذي يمكن أن ينقذه من مأزقه.
هناك قاسم مشترك بين عمليات الضم الثلاث. يوجد اجماع سياسي على عمليات الضم. في العام 1967 كانت اغلبية ساحقة لقرار ضم شرقي القدس. واليسار الصهيوني صوت مع، وهذا ما فعله حتى عضو الكنيست أوري افنيري، الذي ركب على موجة الانتصار. وفقط الحزبان الشيوعيان ماكي وركاح عارضا ذلك.
في العام 1981 كانت هناك ايضا اغلبية ساحقة في الكنيست أيدت فكرة ضم الجولان. كتلة المعراخ (العمل ومبام) التي قادت المعارضة، غابت عن التصويت. فهي لم تعارض القانون لأسباب مبدئية أو ايديولوجية، بل بسبب اجراءات اجازة قانون مهم جدا في عملية سريعة وغير مسبوقة.
الآن ايضا، باستثناء اليسار الصهيوني الآخذ في التلاشي، والقائمة المشتركة، توجد موافقة جارفة على خطة ترامب. ازرق ابيض برئاسة غانتس يؤيدها. والمعارضة الوحيدة هي على توقيت بنيامين نتنياهو ومحاولته الساخرة لاجازة القانون بشكل متسرع قبل الانتخابات، على أمل أن يساعده ذلك في مواصلة البقاء في بلفور. ازرق ابيض يأمل أن يشكل الحكومة القادمة بعد شهر تقريبا وأن يقود عملية الضم.
ربما الاهم من كل ذلك هو أن سياسة الضم القانوني أو الضم الزاحف التي استمرت منذ العام 1967 حظيت دائما بدعم مباشر أو غير مباشر من معظم الادارات الاميركية. وقد دفعت ضريبة كلامية بسبب معارضتها للاعتراف بضم القدس، لكنها سلمت بذلك. ادارة الرئيس رونالد ريغان عاقبت اسرائيل على ضم هضبة الجولان حيث أوقفت مذكرة التفاهمات الاستراتيجية بين الدولتين وجمدت طلبات اسرائيل بتزويدها بالطائرات. وبعد فترة ألغت الولايات المتحدة هذا التأخير والتجميد والعلاقات عادت الى مسارها.
ايضا المجتمع الدولي، ومن ضمنه العالم العربي، سلم مع مرور الزمن مع سياسة الاحتلال والضم الاسرائيلية. وقد اتخذت الدول العربية قرارات تدين اسرائيل وقامت بخطوات احتجاجية، هنا وهناك، وفي نهاية المطاف سلمت بذلك.
الاستنتاج المؤسف هو أنه عندما يكون اتفاق وطني واسع فإن الولايات المتحدة والعالم يؤيدون أو يتغاضون. ومعظم الدول العربية تسلم بضم مناطق. يبدو ايضا أن فرض القانون الاسرائيلي في المستوطنات وفي غور الاردن سيتحول آجلا أم عاجلا الى حقيقة منتهية. وما سيحدث في حينه لإسرائيل والحلم الصهيوني – اقامة دولة واحدة لكل مواطنيها، ترحيل أو نظام ابرتهايد عنصري – هو مسألة اخرى، زعماء اسرائيل في الائتلاف والمعارضة يتصرفون وكأنها لا تمسهم ولا تمس اولادهم أو احفادهم.