عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Nov-2024

قرار الجنائية الدولية*احمد ذيبان

 الراي 

هذه سابقة فريدة من نوعها أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية، مذكرة اعتقال بحق رئيس وزراء اسرائيل، بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في حرب الإبادة المتواصلة، التي تشنها على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول عام 2023، والتي أسفرت حتى الان عن استشهاد نحو 45 ألف شخص غالبيتهم من الأطفال والنساء، وجرح قرابة 100 ألف شخص آخرين، فضلا عن عدد غير معروف من المفقودين، وتدمير هائل للبنية التحتية والمساكن وحصار غير مسبوق للقطاع، أدى الى انتشار المجاعة وانتشار الأمراض والأوبئة التي اختفت من العالم منذ فترة طويلة، في ظل عدم توافر المستلزمات الطبية والأدوية.
 
ليس مهماً من هو رئيس وزراء دولة الاحتلال ووزير حربه، سواء كان نتنياهو وغالانت أم غيرهما، من رؤساء الحكومات ووزراء الحرب السابقين، بل المهم أن هذا القرار غير المسبوق يشكل ادانة دامغة للكيان الصهيوني لأول مرة من انشائه، ذلك أنه أقيم على جماجم آلاف الفلسطينيين الذين ارتكبت العصابات الصهيونية وجيش الاحتلال، بحقهم مجازر مهولة منذ أقيمت هذه الدولة المارقة، المتمردة على كل القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بل أنها تضع نفسها فوق القانون الدولي الانساني وشرعة حقوق الانسان، وتعتبر نفسها فوق المساءلة القانونية مهما ارتكبت من مجازر، وهي اليوم ترتكب محرقة حقيقية في قطاع غزة، تذكر بما ارتكبته النازية من محرقة بحق اليهود، رغم وجود شكوك كبيرة من قبل مفكرين وساسة غربيين، بشأن عدد اليهود الذين قتلوا على أيدي ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية!
 
وكان لافتا ردود الفعل العديدة على قرار المحكمة الجنائية، من قبل العديد من الدول الأوروبية، التي أعلنت التزامها بتنفيذ القرار، واعتقال نتنياهو وغالانت اذا زاراها أو عبرا مطاراتها، وهو ما عبر عنه الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية، جوزيب بوريل الذي اعتبر القرار ليس سياسيا، إنما قرار محكمة دولية أنشئت بدعم قوي من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
 
وبالفعل أعلنت ايطاليا وايرلندا التزامها الواضح بالقرار، حتى بريطانيا صاحبة «وعد بلفور» الذي كان أساس اقامة دولة اسرائيل، عبرت عن تأييدها للقرار وان كان بصيغة ضبابية!
 
ليس مهما ما صدر من ردود فعل اسرائيلية على القرار، سواء من نتنياهو أو غيره من المسؤولين، التي اعتبرت انه «معاد للسامية» مثل كل القرارات التي تستهدف دولة الاحتلال وهي تصريحات متوقعة، بل أن أطياف المعارضة الاسرائيلية التي تنتقد حكومة نتنياهو ليل نهار، اصطفت خلف نتنياهو في ادانتها لقرار المحكمة الجنائية، لأن القرار يستهدف الكيان الصهيوني بغض النظر عن من يحكمه، أكان حكومة يمينية متطرفة أو تتكون من ائتلافات أخرى!
 
لكن مشكلة الحقيقة تتعلق بموقف الولايات المتحدة الأميركية، التي أدان رئيسها بايدن القرار واعتبره «شائنا»، وهو بالاضافة الى أنه موقف يعكس الرعاية الأميركية المتواصلة لدولة الاحتلال، المتمثلة بالدعم العسكري والمالي وتوفير الغطاء السياسي والدبلوماسي لجرائمها، كما حدث باستخدام الفيتو الأميركي في مجلس الأمن، لاحباط مشاريع قرارات تدعو لوقف اطلاق النار ووقف الابادة الجماعية في قطاع غزة، وهو موقف ينسجم مع ازدواجية المعايير التي تنتهجها واشنطن في مواقفها السياسية والأخلاقية، فهي مثلا تؤيد قرارات المحكمة الجنائية المتعلقة باصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي بوتين، بسبب ما ينسب اليه من جرائم نتيجة الحرب التي بدأها على أوكرانيا، ومذكرة الاعتقال التي صدرت بحق الرئيس السوداني السابق عمر البشير، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية تتعلق بحروب داخلية!
 
قرار الجنائية الدولية يضاف اليه قرارات محكمة العدل الدولية، التي اتخذتها خلال العام الحالي، تشكل مزيداً من العزلة الاخلاقية والسياسية لدول الاحتلال، وكانت محكمة العدل الدولية أكدت ضرورة أن تقوم إسرائيل بوقف الإبادة الجماعية، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، وأمرت المحكمة اسرائيل باتخاذ مزيد من التدابير المؤقتة الإضافية، في سياق اتهام جنوب أفريقيا لإسرائيل بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية في غزة، كما طالبت المحكمة في وقت لاحق بإبقاء معبر رفح مفتوحا، أمام توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل.
 
كما أصدرت «العدل الدولية » بتاريخ 19 تموز/ يوليو 2024 «حكما تاريخيا»، يعتبر احتلال إسرائيل لقطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية غير مشروع كما هو نظام الاستيطان المرتبط به، وضم الأراضي واستغلال الموارد الطبيعية، وألزمت المحكمة إسرائيل بإنهاء احتلالها وتفكيك مستوطناتها، وتقديم تعويضات كاملة إلى الضحايا الفلسطينيين وتسهيل عودة النازحين.