عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Oct-2020

مؤشرات خطيرة لبلوغنا هرم التدخين عالمياً!!*حيدر المجالي

 الراي

يبدو أن التراخي في الرقابة الصحية على التدخين في الأماكن العامة، وعدم متابعة المراهقين والأطفال، الذين أصبحوا مدخنين في عمر غض، وتهاون الحكومة في وضع معايير لبيع وشراء وتصنيع التبغ؛ جعلنا الدولة الأولى عالمياً في ممارسة التدخين بأنواعه.
 
تلك مشكلة خطيرة تقض مضاجع المسؤولين عن القطاع الصحي، كما تؤرق الجمعيات والهيئات التي تكافح التدخين، وتحاول الحد من ظاهرة إنتشارة، خصوصاً بين الأطفال.
 
فقد يتشارك مجموعة من طلبة الصفوف الأساسية في مدرسة ما، بمصروفهم اليومي لشراء علبة سجائر لتناولها؛ وبالتالي الشعور بالفخر وهم يقلدون الكبار، وما يلبثون إلا ويقعون في مصيدة النيكوتين، الذي يفضي لولوجهم مستنقع المخدرات؛ إذ ثبُت علمياً بأن هنالك ارتباطا وثيقا بين الإدمان على التبغ والمخدرات.
 
فالدراسات العلمية تشير إلى أن ثمة إفراطاً في تناول السجائر عند الأردنيين، وهو ما أكدته دراسة مشتركة بين وزارة الصحة الأردنية ومنظمة الصحة العالمية أُجريت عام 2019، أن الأردن الأول عالمياً من حيث انتشار التدخين، أذ أن 8 رجال أردنيين من أصل 10 مدخنين، أو يستخدمون منتجات النيكوتين كالسيجارة الإلكترونية، ومعدل الإستهلاك اليومي 23 سيجارة.
 
ما صرّح به رئيس قسم الأمراض الصدرية في مركز الحسين للسرطان الدكتورفراس هواري كان صادماً، فهو يعزو وصولنا للمرتبة لأولى لأمرين، الأول: عدم تطبيق قانون الصحة العامة رقم (47) والثاني: دخول صناعة التبغ للأردن ومساهمتها في صناعة القرار والترويج للمراهقين والأطفال؛ وهو ما يشجع على ولوج أطفالنا نادي المدخنين مبكراً، ليقعوا في مستنقع المخدرات؛ فكل متعاطٍ للمخدرات غالباً ما يكون مدخناً.
 
أيضاً أظهرت دراسة قام فيها فريق من الباحثين في جامعة (البترا) أن نسبة المدخنين بالأردن 51.1 بالمئة، وهي أقل من نسب الدراسة السابقة، لكنها تُعد مرتفعة جداً، وأوصت بأخذ تدابير وإجراءات وقائية، خاصة وأنها تأتي في ظل وباء كورونا ولها ارتباط مباشر بالمرض؛ كما وأوضحت الدراسة ان ما نسبته 35.8 بالمئة مدخنون للسيجارة العادية و 11.7 بالمئة للسيجارة الإلكترونية؛ فيما تتطابق المعلومات الواردة بالدراسة مع منظمة الصحة العالمية، لجهة أن المدخنين اشد عرضة للإصابة بفايروس (كوفيد 19).
 
التدخين بين جميع افراد المجتمع بات كالنار في الهشيم، حين منحت البلديات تراخيص للمقاهي بدون قيود صارمة، وكذلك محال بيع التبغ بأنواعه، واكشاك القهوة التي تبيع السجائر أيضاً، كما تفشّت ظاهرة بيع (الدخان المهرب) في كثير من المناطق والأحياء؛ وأصبح المراهقون يتدافعون لشرائها، عبر التشارك في ثمن العلبة الواحدة من مصروفهم اليومي.
 
أن عدم تفعيل قانون الصحة العامة، الذي يمنع التدخين في الأماكن العامة، وبيع السجائر للأطفال، ما يزال حبراً على ورق، وسط تغول التجار في عرض هذه المادة السامة التي يعتبرونها مهمة لجرَ قدم الزبائن، فيما يتهاون المجتمع في مكافحة هذه الآفة التي تهدد أمننا الصحي والقتصادي على حدٍ سواء.
 
لكن الجهود الدولية مستمرة للحد من ظاهرة التدخين، عبر منظمة الصحة العالمية، التي تبرعت بمليون دينار لوزارة الصحة الأردنية، لعلاج بدائل النيكوتين، وخدمات الإقلاع عن التدخين ضمن مبادرة (الوصول لمرحلة الإقلاع عن التدخين) والأردن أول دولة يتلقى هذا الدعم، في ظل جائحة كورونا التي تهدد المدخنين أكثر من غيرهم.
 
تأتي جهود المنظمة لحماية أفراد المجتمع أو ما يُطلق عليهم المدخنون السلبيون، اذ أن 80 بالمئة منهم يتعرضون للنيكوتين بطريقة غير مباشرة؛ فقد أثمرت الجهود عن اقلاع ما نسبته 44 بالمئة من المدخنين وهذا أمر جيد، لكن نسبة ضئيلة استمرت بينما الغالبية عادوا لممارسة عادة التدخين من جديد.
 
على صعيد الهيئات والجمعيات المحلية فثمة جهد كبير يُبذل، من حيث التوعية وجمع البيانات لكنه غير كافٍ، فالأرقام التي تسجلها الجمعية الأردنية لمكافحة التدخين مرعبة، إذ يموت 39 فرداً اسبوعياً في الأردن نتاج أمراض تتعلق بالتدخين، بمعدل 1566 وفاة سنوياً؛ بينما تُنفق تكاليف باهضة على العلاج تتجاوز المليار دينار، في حين تؤكد غرفة التجارة ان ما نسبته 25 بالمئة يباع بشكل رسمي من السجائر، بمعدل مليوني كرتونة سنوياً، بينما يباع ما نسبته 75 بالمئة بطرق غير مشروعة، وهذا يؤكد أن نسبة الإنفاق عل السجائر تزيد على مليار دينار.
 
هنالك محاولات لدق ناقوس الخطر بعد الزيادة الكبيرة لعدد المدخنين محلياً، وخاصة المراهقين والأطفال؛ بيد أن الحد من الظاهرة يسير بطريقة سلحفائية، وسط تراخ في تطبيق القانون من جهة، وقوى الشد العكسي التي تروج لتجارة التبغ. hmkarak70@yahoo.com