في عالم يطغى عليه التواصل الرقمي، يبرز فيلم "وينك إنت؟" للمخرج محمد كوطه كعمل يعكس العمق الحقيقي للوحدة والتواصل الإنساني. يركز الفيلم على الحاجات البسيطة التي تربطنا ببعضنا بعضا، متجاوزا الضجيج الرقمي الذي بات جزءا من حياتنا، ليقدم لنا قصة عن العزلة والألفة من خلال علاقة غير متوقعة بين شخصين يعيشان في عالمهما المنعزل.

 

 

في عرضه العالمي الأول ضمن مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي بالجزائر، يقدم الفيلم قصتين لشخصيتين من خلفيتين مختلفتين تماما، لكن تجمعهما معاناة واحدة؛ الوحدة العميقة التي تصدرت حياتهما. آدم، الذي يجسد دوره فارس البحري، وهو أحد أبطال مسلسل "مدرسة الروابي للبنات"؛ حيث يجسد دور شاب في العشرينات من عمره يعشق الموسيقا لكنه يعيش تحت وطأة قيود العادات والتقاليد. يجد آدم نفسه منعزلاً في شقته الصغيرة، هاربا من أسرته ومن مجتمعه الذي يرفض حلمه.

 

على الجانب الآخر، نجد سميرة، التي تقدمها الممثلة الأردنية ريم سعادة (المعروفة أيضا بدورها في "مدرسة الروابي للبنات")، امرأة مسنة أهملتها عائلتها وتعيش بمفردها في شقتها المليئة بالفوضى. تشعر سميرة بالحاجة للدفء الإنساني، وتفتقد التواصل البشري بعد أن تركها أقرب الناس. في لحظة بسيطة يجمع القدر بين آدم وسميرة، حين تطلب منه المساعدة في أمر بسيط داخل شقتها. تلك اللحظة الصغيرة تصبح شرارة لبداية علاقة عميقة يتشارك فيها كلاهما الألم والوحدة، ليصبح كل منهما ملاذاً للآخر. يجد آدم في سميرة الأم التي يحتاجها، وتجد سميرة في آدم الابن الذي فقدته. ومن خلال هذه العلاقة البسيطة والمليئة بالتفاهم، يحولان وحدتهما إلى مساحة دافئة وملجأ آمن يهربان إليه عندما تعصف بهما الحياة.

الحوارات بين الشخصيتين بسيطة، ولكنها مليئة بالتفاهم المشترك والاحتياج غير المعلن. يشعر المشاهد بقربهما تدريجيا، وكأنهما يرممان بعضهما بعضا من الداخل، مستمدين القوة من علاقتهما المتنامية.

بدعم من صندوق الأردن لدعم الأفلام والهيئة الملكية الأردنية للأفلام، يركز "وينك إنت؟" على أهمية التواصل الإنساني البسيط، ويركز على تلك اللحظات الصغيرة التي يمكن أن تغير حياتنا وتمنحنا الإحساس بالانتماء. الفيلم يذكرنا بأننا، رغم اختلافاتنا، نشترك جميعا في حاجتنا إلى أن نكون مفهومين ومحبوبين.

الفيلم لا يقدم إجابات واضحة أو نهايات مثالية، ولكنه يدعونا للتفكير في علاقاتنا الشخصية وكيف يمكن للإنسان أن يجد العزاء والدفء في أبسط الأشكال، حتى عندما تبدو الحياة صعبة ومعقدة.