عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Jul-2024

إدوارد سعيد يكشف عوار اتفاقية أوسلو*يوسف عبدالله محمود

 الغد

مَن لان للخطب الشديد توقع الخطبَ الأشد "عبد المحسن الكاظمي"
 
كتاب "سلام بلا أرض" مجموعة مقالات للأكاديمي والمفكر البارز د. إدوارد سعيد هو بحق يتعرض لفترة من أشد فترات التاريخ العربي والفلسطيني المعاصر درامية ومأساوية. 
 
 
ينتقد هذا المفكر "اتفاقية اوسلو". ينتقدها بجرأة وشفافية. "... الأمر الخطير في اتفاقيات أوسلو هو أنها حددت حلا مؤقتا، يتمثل في الوضع المهين المسمى بالاستقلال الذاتي المحدود أو الحكم الذاتي دون أي إشارة على الإطلاق تبين الوجهة التي ستنتهي إليها عملية السلام في مرحلتها الأخيرة". (المرجع السابق ص 162) 
هُمشت مدينة القدس وهي التي ينبغي أن تتصدر اتفاقية أوسلو بين الوفد الفلسطيني المفاوض والوفد الإسرائيلي، كان المفروض ووفق كلمات د. ادوارد سعيد "استخدام لغة جديدة في التعامل مع قضية القدس". (المرجع السابق ص 208) 
وهذا مع الأسف لم يحصل. 
وحقا ما ذكره من "أن أخطر ما في الاتفاقية أو أخطر نتيجة لها، هي هزيمة الإرادة الفلسطينية". (المرجع السابق ص 209) 
مع الأسف، فمع أن هذه الاتفاقية لم تكن متوازنة، وفيها من الثغرات ما فيها، فإن إسرائيل اعتبرتها حبرا على ورق أو كما قال رابين "إنها ليست نصا مقدسا". 
اتفاقية أوسلو قد فشلت تماما في وقف عملية التوسع في المستوطنات الإسرائيلية، الطموحات الوطنية الفلسطينية كحق تقرير المصير والحرية السياسية والحق في دولة فلسطينية مستقلة، كل هذا ذهب في مهب الريح. 
كما يقول مؤلف الكتاب: "إن اتفاق أوسلو لا توجد به جملة أو نص واحد يشير إلى حق تقرير المصير للفلسطينيين". (المرجع السابق ص 203) 
إن المشروع المرحلي الذي قبلت به القيادة الفلسطينية برئاسة الرحل ياسر عرفات -رحمه الله- أدى فعلا إلى إلغاء الطموحات الفلسطينية. 
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل رفعت اتفاقية أوسلو الظلم عن الفلسطينيين؟ الجواب طبعا لا، بل زادته. 
في كتابه ينتقد د. إدوارد سعيد موقف الكثير من المثقفين الفلسطينيين الذين تخلوا عن مبادئهم وقيمهم، وراحوا يتحدثون عن مزايا اتفاقية أوسلو وأنها ستحقق الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية . 
انتهازية هؤلاء كشفت عن خيانتهم لقضيتهم المقدسة. 
بدوره ينتقد هذا المفكر المثقف الأميركي الداعم للاتفاقية المشؤومة. إنه موقف يغطي على جرائم إسرائيل التي يذهب ضحيتها آلاف الفلسطينيين من شهداء وأسرى. 
يتساءل إدوارد سعيد: "كيف قبلت منظمة التحرير الفلسطينية الوصف الإسرائيلي للفلسطينيين، بأنهم مجرد سكان تقبل إسرائيل بإقامتهم في أرض تتمتع هي بالسيطرة الفعلية عليها". (المرجع السابق ص 162) 
الغريب أن المقاومة الفلسطينية من أجل تحرير الأرض المحتلة تم اعتبارها "إرهابا" في العرف الأميركي والإسرائيلي أكثر من هذا فإن مادلين اولبريات حين كانت سفيرة أميركية في مجلس الأمن، طالبت الدول الأعضاء "إما إلغاء أو تعديل أو تجاهل قرارات الأمم المتحدة" والتي حسب زعمها يمكن أن تضر بالمفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين". 
وفي كتابه يستذكر إدوارد سعيد مقولة لإسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق تدل على أن هذه المفاوضات الثنائية كانت عبثية. قال شامير: "إن النية كانت معقودة على استمرار المفاوضات دون نتيجة لسنوات". (المرجع السابق ص 152) 
إن كل الاتفاقات التي عقدت بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي "عززت قبضة إسرائيل الاقتصادية على المستقبل الفلسطيني". 
ونتيجة لهذا التخاذل الفلسطيني والعربي أيضا أحس الفلسطينيون أنهم لم يعودوا يملكون شيئا. 
كان إدوارد سعيد حين انخرط لفترة زمنية في منظمة التحرير الفلسطينية يعتقد أن هناك إمكانية لتحقيق قدر من التكافؤ والتصالح يسمح بقيام سلام حقيقي. 
لكنه فيما بعد، وبعد اتفاقية أوسلو أعلن انشقاقه عنها، وراح ينتقد مساوئها وثغراتها. 
إدورد سعيد يقول وبكل جرأة "لم يسبق لي أن أيدت أو آمنت قط بالحل العسكري بين الإسرائيليين والفلسطينيين". 
أكثر من هذا، فهو يقول في كتابه ما قد لا يوافق عليه الكثيرون من الفلسطينيين "إني مؤمن أن ما خسرناه كشعب في عام 1948 هو شيء لا يمكن استرداده رغم كل المواثيق الدولية حول حقوق اللاجئين". (المرجع السابق ص 151) 
بدوري، مع احترامي لوطنيته، أنتقده حيث يقول "وقد عارضت دوما استخدام العنف والإرهاب لاستعادة ما أصبح متعذرا -أخلاقيا وإنسانيا- استعادته، نظرا لوجود شعب آخر". (المرجع السابق ص 151) جدلية تستحق النقاش. 
كان عليه أن يدين الإرهاب الإسرائيلي ليميز بين المقاومة الفلسطينية المشروعة وبين الإرهاب الذي يمارسه الإسرائيليون لا يجوز المساواة بين إرهاب صهيوني وبين مقاومة فلسطينية مشروعة تدافع عن أرض محتلة، لا يجوز المساواة بين القاتل والضحية.