عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Mar-2020

المواطنة في زمن كورونا - د. محمد طالب عبيدات

 

الدستور- في ظل الأزمات كأزمة كورونا واستنفار أجهزة الدولة كاملة لوضع إجراءات احترازية وتحوّطية وعملية لدرء خطر الفايروس والوباء وفق التوجيهات الملكية؛ أعتقد جازماً بأن القطاعين العام والخاص معنيون في الدفاع عن الوطن وإظهار المواطنة كل وفق استطاعته وبما تجود به نفسه سواء معنوياً بالجهد والوقت والتطوّع أو مادياً بالتبرع بالمبالغ المالية التي أحوج ما تكون إليها الدولة في هذه الظروف؛ إضافة للمساهمة في الجهود الوطنية في الالتزام في التباعد الاجتماعي والحظر والعزل المنزلي وغيرها.
 
الوطن اليوم بحاجة كل أبنائه الشرفاء وسيحتاجهم أكثر وقت الشدائد والصعاب؛ حيث علينا جميعاً قطاعين عاما وخاصا أن نَظهر مواطنتنا على الأرض؛ فقد حان وقتها لأن الشدائد لا تفرّق بين غني وفقير أو مسؤول وعامل أو كبير وصغير. وموظفو القطاع العام يقدّمون وقتهم وجهدهم في سبيل هذا الوطن؛ وأبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية في الميدان وعلى خط المواجهة في كل الأزمات؛ ووقتهم وجهدهم للوطن لدرجة نسيانهم لبيوتهم وأبنائهم وعائلاتهم لأن الوطن وحمايته والمواطنون وأرواحهم وسلامتهم وصحتهم أولاً.
 
ومستثمرو القطاع الخاص بناة حقيقيون لهذا الوطن من حيث وقوفهم عضداً  للدولة لأنهم الجناح الآخر لها؛ فلهم يعود الفضل في تشغيل الكثير من شباب الوطن وأبنائه وهم دافعو ضرائب مادية ومعنوية للوطن؛ ونقدّر جهود وعطاء الشرفاء منهم الذين قدّموا الكثير الكثير.
 
والجهود الضخمة التي يقدمها أبناء القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والكوادر الطبية والخدمات والإدارة المحلية ومن معهم من كوادر لخلية الأزمة وغيرهم تُعدّ في ميزان مواطنتهم وعطائهم الذي لا ينضب؛ كيف لا وهم بناة حقيقيون في هذا الوطن الأشم وعلى كاهلهم يقع خط الدفاع الأول عن سمعة الوطن وحضاريته وتقدمه للأمام.
 
ولكن لاحظنا ما تحتاجه الدولة من مبالغ مالية ضخمة للصرف على المصابين حالياً وفي قادم الأيام؛ وبالطبع لم يكن ذلك محسوب حسابه في موازنة الدولة؛ فانبرى البعض بالتبرع بما تجود به نفسه لصندوق خاص بذلك وهذا جزء من مواطنتهم؛ وليس المهم هنا قيمة التبرع بقدر ما هو روحية العطاء؛ فدينار واحد من موظف مياومة ربما تعادل مليون دينار أو أكثر من مستثمر مُقتدر! فالتبرّع لدعم مكافحة الكورونا والأزمة مفتوح على مصراعيه وبكل الوسائل المتاحة؛ سواء بالمال أو بالتطوع أو باللوجستيات أو الجهد أو الوقت أو القلم أو الكلمة أو التوعية أو  العِلم أو الأفكار أو غيرها؛ وهذه روحية المواطنة بعينها.
 
وبادَرَ بعض المستثمرين والمؤسسات بالقطاع الخاص  بالتبرع مشكورين لحملة مكافحة كورونا؛ بغض النظر عن المبلغ المُتَبرع به أو نوعيته؛ ولكن ما زال الكثير من أصحاب المال لم يبادروا بتقديم شيء لهذا الوطن؛ فمطلوب منهم اليوم قبل الغد المبادرة بروحية عطائهم لتقديم شيء لهذا الوطن على سبيل الواجب الوطني وليس المِنّة!  
 
مطلوب إنشاء صندوق خاص للتبرع من قبل القطاع الخاص ومؤسساته وجمعياته ونقاباته ليكون له الأثر الواضح في مكافحة وباء كورونا؛ وهذا الصندوق يكون دوّاراً لأي جائحة أو أزمة لا قدّر الله تعالى.
 
وأخيراً؛ الوطن اليوم بحاجتنا جميعاً كمواطنين أنّى كان عملنا سواء في القطاع العام أو الخاص؛ ومطلوب من كل واحد فينا أن يقدّم شيء للوطن على سبيل الواجب وليس المِنّة وأن نهبّ هبّة رجل واحد في ذلك؛ ومن لا تظهر مواطنته في الشدائد فليس مِنّا!
 
- وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق- رئيس جامعة جدارا