وقال الباحث أبو عريضة: "إن عمان – حول السيل - ظلت منذ مطلع القرن السادس عشر وحتى الربع الأخير من القرن التاسع عشر بلا سكان، وذلك لأسباب توطن الملاريا في المكان، بينما كانت الجبال والمناطق المحيطة بعمان شبه فارغة. غير أن أسبابًا تاريخية دفعت عمان لتعود إلى الحياة من جديد، بعد أن وصلتها أولى هجرات العشائر الشركسية العام 1876، ونظفت السيل، واستقرت في المكان، لتأتي بعدها موجات متلاحقة من الهجرات من مناطق مختلفة، بخاصة من القبائل الشركسية ومن الشام ونابلس".

 

وأضاف أن اختيار عمان عاصمة لإمارة شرق الأردن، شكل محطة مهمة في تطور المدينة ونموها، وجاءت هجرة مئات آلاف الفلسطينيين إلى الأردن إثر الحروب مع الدولة الصهيونية، لتشكل محطة مهمة أخرى نحو توسع المدينة واكتسابها سمات محددة.

أبو عريضة اعتبر العام 1973، الذي أطلق عليه عام "الطفرة النفطية" من أبرز محطات التحولات في عمان، لجهة أن ارتفاع أسعار النفط، حقق فائضًا نقديًا هائلًا للدول النفطية، أصاب الأردن قدرًا منه، ما دفع لحدوث تحولات اجتماعية في نمط العيش. وجاء العام 1990، وعاد أكثر من نصف مليون مواطن من الكويت إلى الأردن، حاملين معهم خبراتهم وأموالهم، وأنماط عيشهم المختلفة، لتضفي على المدينة وأهلها واقعًا جديدًا حفر عميقًا في أدق تفاصيل حياة المدينة وحياة القاطنين فيها.

وتلا ذلك محطة احتلال العراق العام 2003، ولجوء عشرات آلاف العراقيين إلى عمان، ما أحدث طفرات في قطاعات اقتصادية، خاصة في قطاعي الخدمات والعقارات. من ثم جاء "الربيع العربي"، الأزمة السورية، ولجوء مئات آلاف السوريين إلى الأردن، وكان نصيب عمان منهم نسبة وازنة، وما أحدثه ذلك من تحولات واضحة، ولا سيما أن السوريين أحضروا معهم خبراتهم المتراكمة في الصناعة والتجارة والأعمال الحرفية والزراعة. وتناول أبو عريضة واقع المدينة في ظل التحولات النمطية العميقة المرتبطة بتفشي جائحة "كورونا"، وشيوع ثقافة جديدة كنتيجة موضوعية لانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، التي طاولت أدق تفاصيل الحياة.

تلا مداخلة أبو عريضة، تعليقات ومداخلات قدمتها عدد من الحاضرات، أعضاء المنتدى ومن الضيوف على حد سواء. وكانت رئيسة المنتدى الدكتورة سناء كاظمي، قدمت المحاضر في كلمتها الترحيبية، وشكرت الحضور وأمانة عمان الكبرى.