عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Sep-2023

عن مكافحة التدخين.. ودور وزارة الصحة*د. زيد حمزة

 الراي 

من البديهيات التي ينبغي ان يلمّ بها المسؤول قبل المواطن أن كل القوانين تولد فاعلةً واجبة التطبيق بمجرد مرورها بمراحلها الدستورية وتوشيحها بالإرادة الملكية ونشرها في الجريدة الرسمية، ولم يقل لنا الدستور قط ان هناك قوانين تولد ضعيفةً خاملة تنتظر بطلًا هماماً كي يفعّلها وينشّطها، لذلك استغرب الكثيرون تصريحات بعض المسؤولين بانهم سوف يقومون «بإنفاذ» القوانين الصحية ذات العلاقة وذلك امتثالًا لتوجيه جلالة الملك في الأسبوع الماضي بضرورة مكافحة التدخين بعد ان استشرى بانتشاره خصوصًا بين الشباب والأطفال فشوّه صورة الوطن بأعلى نسبة مدخنين في العالم.
 
اننا ونحن نسعد ونرحب باهتمام جلالته بهذا الشأن الصحي الخطير سوف نكون ايجابيين فلا نضيّع وقتنا بلوم المقصرين بل نمضي قُدُمًا في اجتراح الحلول التي تنجّي أجيالنا القادمة من هوة الادمان على التدخين كما سقط قبلهم مئات الالوف، وذلك اعتمادًا على خبرات غزيرة من صلب الرعاية الصحية الاولية راكمتها مع الزمن جيوش العاملين في وزارة الصحة إذ نجحت قبل اكثر من أربعين عامًا بمكافحة هذه الآفة وكانت من اوائل الدول التي استطاعت منع الدعاية والترويج لمنتجات التبغ في وسائل الاعلام المختلفة رغم مقاومة واعتراض شركات الإعلانات بلغت حد التلويح بالرشوة، وقد نالت بذلك تقدير واعجاب منظمة الصحة العالمية، لكن عندما قامت الوزارة نفسها بالمصادقة على الاتفاقية الاطارية التي اقرتها المنظمة عام ٢٠٠٨ وبضمنها منع التدخين في الاماكن العامة، فشلت باستسلامها لضغط ذوي المصالح والأهواء من اصحاب مصانع السجاير وما «تطوّر» منها لصناعة المعسّل بسمومه المضافة المسرطنة، وبتحايل المطاعم والمقاهي وسواها على تحديد وصف الأماكن العامة، فجاء التطبيق مشلولًا بالاستثناءات التي افرغته من جدواه ! إن الدرس المستفاد من الانتكاس يجعلنا نطالب بإعادة الهيبة لهذه الوزارة وتعزيز موقفها لاستعادة «التثقيف الصحي» في مجال مكافحة التدخين بعد ان اختطفته جهة ليس من واجباتها المألوفة وهي منشغلة حتى قمة رأسها بوظيفتها الأساسية الكبيرة، حتى تراجع كثيرًا لسنوات طويلة، علمًا بانه من اهم اعمال الوزارة اذ يشكل السطر الاول في مبادئ الرعاية الصحية الاولية، وتعتبر كوادرها المنتشرة في مئات المراكز الصحية في جميع محافظات المملكة مؤهلة وقادرة على القيام به خير قيام،كما اننا نطالب بدعمها مثلًا في تعريف وتحديد الأماكن العامة التي يمنع التدخين فيها منعًا باتًّا بانها تلك التي تضم اكثر من شخصين، كما فعلت بحزم دول اخرى نجحت حقا في خفض أعداد المدخنين والمتضررين من التدخين السلبي، وليست تلك التي يحددها أشخاص متنفذون ذوو اهواء ذاتية او مؤسسات وشركات لا تفكر في صحة الناس بل في مصالحها وارباحها.
 
 
وحتى لا ننسى فضل الرواد من القطاع التطوعي فعلينا اعادة الاعتبار لجمعية مكافحة التدخين التي كانت لعقود وبالتعاون مع منظمة الصحة العالمية خير معين لوزارة الصحة، لكنها ضعفت وتوقفت بعد ان سُلب هذا النشاط من الوزارة.