غیاب الاحترام.. حاجز نفسي یفرق بین الإخوة ویفقدهم السند
ربى الریاحي
عمان –الغد- ألم وخذلان ومرارة، تلك الأحاسیس التي یشعر بھا الثلاثیني خالد عبدالله، إذ یستغرب معاملة أخیھ السیئة لھ والمشتملة أیضا على الألفاظ الجارحة المھینة بأكثر الأوقات بصفتھ الأخ الأكبر.
شعوره بأنھ یتعمد التقلیل من احترامھ أمام الناس، وأذیتھ بشتى الطرق خلق بینھما فجوة أخذت
تتسع مع مرور الوقت وجعلتھ یقرر الابتعاد عن أخیھ باعتباره لم یفھمھ یوما ولم یحاول التقرب منھ غیر مكترث بالمحافظة على رابطة الدم التي تجمعھما بل على العكس تماما تمادى في إیذائھ والتطاول على إمكاناتھ وطموحاتھ وأكثر من انتقاده.
خلافات وأحقاد وقسوة، كلھا رواسب ینتجھا ذلك الحاجز النفسي وشعور الإخوة بأنھم أغراب عن بعض رغم المحبة الكبیرة. غیاب قیمة الاحترام ھي واحدة من أھم المشكلات التي تتسبب بإضعاف علاقة الإخوة ومعنى السند مع مرور الوقت.
أشخاص یعیشون تحت مسمى الإخوة تنقصھم تلك المشاعر الحقیقیة الدافئة، وتغیب عن أیامھم
أدق التفاصیل التي من شأنھا أن تزید من ترابطھم وقربھم، لأنھم اختاروا أن یقللوا من قیمة بعضھم البعض، لتصبح العلاقة ھشة متوترة، وتفتقر الاحتواء.
سارة عدنان تلقي باللوم على الآباء الذین لھم الدور الأكبر في إرساء قواعد الاحترام بین الإخوة منذ الطفولة، إذ تبین أن الاحترام لا یتحقق إلا إذا كانوا یؤمنون بھ كثقافة یتشبعون مبادئھا في الصغر وطریقة حیاة یعیشونھا حتى في أحلك الظروف.
وتبین أن أختھا الصغیرة تستغل دلال والدیھا المفرط لھا وتتجاوز حدودھا مع إخوتھا، الأمر الذي یدفعھا إلى التصرف بطریقة غیر لائقة، بالإضافة إلى أنھا لا تتردد في رفع صوتھا والتجرؤ علیھم بإطلاق أبشع النعوت والألفاظ.
وترجع سارة ذلك الى الخطأ في التربیة وتبریرات والدتھا التي فاقمت من خطورة الوضع وتزاید الخلافات لدرجة أنھ لم یعد ھناك ما یردعھا عن مھاجمة إخوتھا، وتوجیھ الشتائم لھم غیر مبالیة بتلك الفروقات العمریة أو المشاعر التي توطد علاقتھا بإخوتھا وتبقیھم یدا واحدة، دون تجاوزات.
مرام علي تحزنھا كثیرا فكرة الفرقة بین الإخوة، وتؤكد أن قلة الاحترام تقود حتما إلى توریثّ الكره والجفاء جیلا بعد جیل، مبینة أن الأخوة من أسمى العلاقات الإنسانیة التي لا تعوض، ومن الضروري حمایتھا لكونھا سلسلة مترابطة یصعب فصلھا.
وتضیف سارة أن ھنالك مواقف وأحداثا مفصلیة داخل الأسرة الواحدة من شأنھا أن تجر الإخوة لمفترق طرق، وتبعدھم تماما عن بعض. لكن في المقابل، تؤكد أن ھنالك ذكریات مشتركة ومشاعر حقیقیة لا یمكن إنكارھا تجمع بینھم كفیلة بأن تعیدھم إلى المسار الصحیح وتنقذھم من قطیعة قد تطول لسنوات.
وتلفت إلى أن قلة احترام إخوتھا لبعضھم البعض انتقل بالتوارث إلى أبنائھم حتى أنھم باتوا الیوم
لا یشعرون بالحب تجاه أعمامھم ویرفضون التعرف علیھم أو الاقتراب منھم كل ذلك لأنھم كبروا على تلك المشاھد التي تجسد قلة الاحترام والعدائیة وصولا إلى الفرقة والاغتراب.
ویذھب الأخصائي النفسي الدكتور موسى مطارنة إلى أن الاحترام بین الإخوة نتاج تربوي ویتضح ذلك بتركیز الوالدین على تعمیق ھذه القیمة المھمة وترسیخھا لدى أبنائھم منذ الطفولة، مضیفا أن غیاب الاحترام عن علاقة ھي في الأصل من أرقى العلاقات، یولد حتما الجفاء والقسوة ویؤثر بالتالي على متانة ذلك الترابط الأسري.
ویوضح أن مسؤولیة الأب والأم، تقدیم النموذج السوي الذي یؤكد على احترامھم لإخوتھم حتى ینعكس ذلك على شخصیة أبنائھم وتعاملھم مع بعضھم البعض، إذ أن زرع ھذا المبدأ بینھم یزید من قوتھم ویمكنھم من الوقوف دائما إلى جانب بعضھم البعض، وتقدیر طموحاتھم وخط سیرھم في الحیاة.
ویلفت إلى أن الاختلاف في الرأي لا یعني أبدا أن یسمح الإخوة للتفاصیل العابرة بھدم المشاعر الدافئة وإحداث ذلك الشرخ الذي قد یصعب ترمیمھ أحیانا، مشددا على ضرورة تجنب الوالدین للمقارنة وعدم العدالة في معاملة الأبناء، وذلك من خلال تفضیل ابن على آخر وإشعاره بأنھ وحده الممیز بین إخوتھ، لأن ھذا من أخطر التصرفات التي تقود الإخوة للفرقة والتفكك والضعف.
الاستشاري الأسري د. أحمد سریوي یلفت إلى أن التربیة مھمة لیست سھلة، وفي ذلك عبء لا
یمكن التنصل منھ والقاؤه على الآخرین، وللأسف یغفل الوالدان عن زرع الأسس الصحیحة والسلیمة بین الاخوة، وتوطید الترابط الأسري.
وللأسف یفرق بعض الآباء في التعامل بین الأولاد والبنات، وفق سریوي، فیكون للأولاد النصیب من كل شيء والبنات آخر ما ینظرون الیھ وقد یصنعون من الولد ولیا یتحكم بلا رقیب مما یسبب الفرقة والكره والبغض بینھم، وھذه المشاعر تزید وتكبر كلما تقدموا أكثر في العمر.
وینصح الأھل أن یملكوا الوعي بكیفیة صنع الحب والمودة بین ابنائھم منذ الصغر، كذلك عدم اظھار الحب لطفل معین بشكل مبالغ فیھ واھمال بقیة الابناء، لافتا إلى أھمیة أن یشتري الأھل ھدیة لأحد الابناء ویقولوا انھا من اخیھ الاصغر، كذلك قراءة القصص لھم عن الإخوة والترابط الاخوي، وتوضیح الخطأ، وتقریب وجھات النظر وتحبیب كل طرف بالآخر.