عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    15-Jan-2020

أخي مجيد عصفور.. إصلاح الإعلام! - عدنان الزعبي

 

الراي - على ضوء ما ورد في مقال الأستاذ مجيد عصفور يوم الأحد ١٢ كانون الثاني ٢٠٢٠ في صحيفة $ الغراء تحت عنوان «تطوير الإعلام الفكرة أهم من الأشخاص»، أود أن ألقي بعض الضوء على نهج الحكومات المتعاقبة في محاولات إصلاح الإعلام الرسمي التي عايشتُها ثلاثين عاماً متصلة في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
على مدار كل هذه السنوات لم تلتفت الحكومات للإعلام الرسمي إلا عندما كان جلالة الملك ينتقده، فتُسارع الحكومة إلى تغيير المدراء، وتشكيل لجنة «لتأليف» استراتيجية إعلامية جديدة مُصاغة بكلام جميل، قريب من الشعر، ولكنها فاقدة لآليةِ تنفيذ واقعية، وكأن المشكلة تكمن في ضعف المدراء وعدم وجود خارطة طريق إنشائية فقط.
لا أيها السادة.. المشكلة في القدرة على التشخيص ووصف العلاج، وإذا أجبنا على السؤال التالي: «ما هو المطلوب من الإعلام؟» نكون قد حددنا الأولويات ورسمنا خارطة الطريق الواقعية.
أما أخبار الأمس الممتد لثلاثين عاماً فنقول:
أولاً: إن الإعلام الرسمي قد أُتخم بمئات الموظفين غير المؤهلين ولا يمكن تأهيلهم، وتم التعامل مع المبدعين المؤهلين كموظفين، الأمر الذي أدى إلى هجرة معظم الكوادر طلباً للرزق ورغبة بالعمل في مؤسسات إعلامية تدعم المهنية والإبداع.
ثانياً: تم تخصيص ميزانية لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون لا تكفي إلا الرواتب والكلفة التشغيلية الإدارية، وتم ترك الإنتاج للاستدانة ولقدرة الإدارة على إقناع الحكومة بقليل من الدعم، ونادراً ما كان يُستجاب لهذه الجهود.
ثالثاً: تعاقَب على هذه المؤسسة العديد من المدراء الذين لم يكونوا يعرفون أين تقع المؤسسة، ولم يكونوا من هواة الاستماع إلى الإذاعة الأردنية أو مشاهدة التلفزيون الأردني، ولكم أن تقدروا النتائج.
رابعاً: بسبب ضعف وقلة الكوادر والإمكانات المادية، لم تقم المؤسسة بدورها الأهم ألا وهو تبني مشاريع وطنية هامة ومتابعتها ودعمها، كالمشاريع التنموية ومشاريع الوعي المجتمعي، والمنابر الثقافية والصحفية والفنية. علماً بأن هذا الدور كان موجوداً في السبعينات من القرن الماضي، وكانت هناك مديرية خاصة تحت اسم مديرية الإعلام التنموي.
خامساً: غاب عن المؤسسة حسن اختيار الكوادر وحسن تدريبها وتأهيلها من خريجي الإعلام في الجامعات الأردنية حتى لا تتأثر المؤسسة بسبب هجرة الكفاءات.
فالإعلامي حامل رسالة، ولا يجوز اختياره على أساس «كل الناس خير وبركة»، فإذا لم يتمتع بالقبول عند المتلقي -وهم الناس–بأدائه وعلمه وخبرته، فإن هذه الرسالة التي يحملها لن تصل، وهذا هو حالنا اليوم.
سادساً: احتكرت معظم الحكومات هذا المنبر وسخّرته للترويج لسياساتها وإنجازاتها التي كانت في كثير من الأحيان وهمية، وأغلقت هذا المنبر أمام الرأي الآخر.
وللحقيقة لم يكن أحد يريد تجاوز ولاية الحكومة، وإنما أن يحل الحوار محل الأوامر التي كانت في أغلب الأوقات غير مفهومة ولا واقعية.
لا أدري كيف يتحدثون عن إصلاح الإعلام الرسمي وهم لا يعرفون الطريق إلى الإصلاح، ولا الدور المطلوب من الإعلام. لقد أصبح الإعلام أيها السادة يحتل الخندق الأول في الدفاع عن الأوطان وتحفيز قدرات أهلها على الإنجاز والإبداع والنهوض.
لسنا مطالبين بالمعجزات، علينا فقط النظر إلى تجارب الآخرين الذين علّمناهم يوماً ما، والاستفادة من هذه التجارب في إصلاح الإعلام.
وفي الختام لا بد من القول إن الإعلام قد عَظُم دوره وتأثيره، واتسعت ساحاته وتطورت أدواته وتنوعت أساليبه وأشكاله، ولم تعد منابره تؤثر بشكل حقيقي إلا من خلال من يتسلحون بالمعرفة والخبرة والتميز، وتكون ذخيرتهم الحقيقة ومصلحة الوطن.
* مدير عام مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأسبق