عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    06-Jan-2021

لماذا لا نستقبل ببغاوات بريطانيا* رمزي الغزوي

الدستور - 

 
قبل ثلاث سنوات شرعت السلطات الأسترالية بإعدام الإبل البرية الهائمة في صحاريها؛ بزعم أنها تشكّل مصدراً خطيراً للتلوث البئيي؛ إذ يلفظ كل جمل كمية كبيرة من غاز الميثان، والقضاء عليها سيعادل إيقاف 300 ألف سيارة. ويومذاك حزنت على تلك المخلوقات العزيزة الصابرة، وطالبت عبر مقال في هذه الزاوية بوقف قتلها والسماح باستقبال شبابنا لاصطيادها، ونقلها إلى بلادنا، فنحن لن نعدم وسيلة للاستفادة منها، حتى ولو صارت هبراً في مناسفنا.
وفي ذات الصورة المؤلمة أعلنت السلطات البريطانية، قبل ثلاثة أيام، ورغم إجراءات الإغلاق بسبب تفشي الكورونا، أنها تنوي إعدام الببغاوات الهائمة في مدنها والمقدرة بأكثر من 50 ألف طائر، بحجة أنها تشكل تهديداً على الحياة البرية المحلية، حسبما جاء في صحيفة ديلي تلغراف البريطانية.
الانجليز يسمون هذه الطيور الزاهية بسناجب السماء الرمادية لجمالها ودهشة ريشها، لكنهم يتخوفون من أن يؤدي تكاثرها إلى القضاء على الخفافيش، ونقار الخشب وطائر الزرزور، وهذه كائنات أصيلة في بيئتهم، ولا تقوى على مقارعة الببغاوات الجبارة في التنافس على الطعام وبناء الأعشاش وحمايتها.
بريطانيا ليست موطناً للببغاوات، ويعتقد أنها وصلتها في أواخر القرن التاسع عشر، غير أن أعدادها تفاقمت بعد فرارها من موقع تصوير فيلم المغامرات الشهير (الملكة الإفريقية) عام 1951، من بطولة نجمي هوليود الشهيرين: همفري بوغارت وكاثرين هيبورن.
أحب الببغاوات بألوانها المبهجة الفرحة التي تشبه لوحة موسيقية راقصة، وأحب رؤوسها الكبيرة المثيرة القوية، وأقدامها العجيبة التي تستخدمها بمهارة كما نستخدم أيادينا. وتعجبني قدرتها على تكسير المكسرات، والبذور وفتح العلب وسرقة المفاتيح، ويعجبني أكثر ذكاؤها المدهش وقدرتها على تقليد الأصوات البشرية وغيرها. فهي تقلد غقغقة الصقر؛ إذا اقترب منها ثعبان فترعبه، وتقلد هواتفنا؛ لتربكنا وتضحك علينا بصوت مجنون، والمكنسة الكهربائية؛ لتثير حفيظة ربة البيت وتجعلها تتلمس نفسها وتعتقد بوجود الجن، وجرس الباب لتقطع أحاديثنا المملة، وتعجبني أكثر وأكثر قدرتها المضحكة على إطلاق الشتائم.
قد يخطر في بال بعضكم، أن نطالب باستيراد هذه الببغاوات، وننقذها من حكم الإعدام، لكن هذا الطلب سيواجه بالرفض الأكيد من الغالبية العظمى لدينا، إذ سيقولون بلسان واحد: اتقوا الله فينا. ألا يكفينا المقلدون الذين يجتاحون حياتنا، ويملؤونها بأصواتهم المكرورة وجملهم الممجوجة؟.
ولهذا أفكر بمراسلة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لحثه على التراجع عن هذه الجريمة، ومطالبته بإعادة الببغاوات إلى موطنها الأصلي في غابات الأمازون وإفريقيا وجزر الكناري.