الدستور
يخيمّ التفاؤل الحذر على الأوساط السياسية اللبنانية بعد ان سلم لبنان إلى السفارة الأميركية ورقة تحمل ملاحظاته حول بعض ما جاء في مقترح وقف اطلاق النار الذي سلمته السفيرة الأميركية ليزا جونسون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، والذي يتوافق في عدد من بنوده الاقتراح الفرنسي الذي سبق وطرح في أيلول المنصرم.
وتتجه الأنظار في الساعات القليلة المقبلة إلى ما يحمله معه المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الذي حط في بيروت أمس الثلاثاء قادماً من العاصمة الفرنسية باريس، على ان يزور تل ابيب اليوم الأربعاء في محاولة جديدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
واللافت في المواقف إلى التعاطي الايجابي لقيادة حزب الله على المقترح الأميركي. غير أن « تعاطي حزب الله الايجابي « مع المبادرة الأمريكية لوقف إطلاق النار واجهه تصعيد إسرائيلي وقصف عنيف لأحياء بيروت وقد توسّعت دائرتها لتشمل مناطق وأحياء خارج الضاحية الجنوبية لبيروت.
ومع تمسك الأطراف الأميركية والإسرائيلية واللبنانية بعدم الإفصاح عن المسوّدة، فقد تبيّن بحسب التسريبات أنها مؤلفة من نحو خمس صفحات تضمّ أكثر من 12 بنداً، وأن اعتبارها القرار 1701 أساساً لمشروع وقف إطلاق النار لا يجيب عن الأسئلة حول بندين رئيسيّين، أحدهما يتعلق بـ» مبدأ الدفاع عن النفس» الذي تدعو المسوّدة الى اعتماده كحق للطرفين، وآخر يتعلق بعضوية لجنة الرقابة على تطبيق القرار. إذ يرى لبنان أن « حق الدفاع عن النفس» مكرّس في القوانين الدولية، ولا يمكن إيراده في اتفاقية وقف للحرب، وإصرار إسرائيل عليه يحمل في طياته مخاطر حيث يصبح من حق إسرائيل التدخل في الشأن الداخلي بموجبه « تحصل على شرعية لأيّ عمل تقدم عليه لاحقاً بإدراجه تحت بند الدفاع عن النفس» ، وهو ما يرفضه لبنان بصورة قاطعة. أما في ما يتعلق بلجنة الرقابة، فإن لدى لبنان تحفظات حول عضوية بريطانيا وألمانيا وحول آلية العمل. غير أن المصادر أكدت أن النقاش حول البند الثاني أقلّ تعقيداً من الأول.
ومع إعلان رئيس حكومة الائتلاف اليمينية المتطرفة نتنياهو أنه يفاوض تحت النار، وبعد عملية اغتيال مسئول العلاقات الإعلامية في حزب الله محمد عفيف في قلب بيروت، وشن غارة تهدف الى بثّ الذعر ليل أول من أمس في شارع مار الياس، شنّ جيش الاحتلال أمس غارة ضد مركز خدمات مدنية في زقاق البلاط ما أدى إلى سقوط عشرات من الشهداء والجرحى ، مبرّراً الجريمة بأنها استهداف لـ» غرفة عمليات لحزب الله « .
ووفقا للقرار 1701، ومن أجل منع إعادة تأهيل وإعادة تسليح الجماعات المسلحة غير الرسمية فى لبنان، ستشرف الحكومة اللبنانية على أى بيع أو إنتاج للأسلحة فى لبنان.
وتشرف الحكومة اللبنانية على دخول الأسلحة عبر الحدود اللبنانية. وتمنح الحكومة اللبنانية الصلاحيات اللازمة لقوى الأمن اللبنانية لتنفيذ القرار.
ووفق مصادر لبنانيه وتعليقاً على ما تسرّب عن السفارة الأميركية، إن الحذر المستمر عند المفاوض الرسمي ليس محصوراً في ما قد يصدر عن حكومة الاحتلال ، بل في أن الجانب الأميركي الذي يقوم بالتغطية على عجزه عن الضغط على إسرائيل، وخصوصاً أن إدارة بايدن لا تجد سبيلاً لعلاقة سويّة مع نتنياهو، علماً أن الأخير كان أمس شديد الصراحة في إعلانه أنه تحدّى إدارة بايدن مرات عدة في شأن العمليات التي قامت بها قواته في غزة. كما تحدث عن أزمة ثقة تجاه الإدارة الأميركية بإشارته إلى أنه لم يُطلع الأميركيين على العمليات الأمنية التي قامت بها إسرائيل في لبنان، خشية تسرّب المعلومات الى حزب الله.
وعليه، فإن الكرة الآن في ملعب بنيامين نتنياهو لا سيما وان تهمة العرقلة ثابتة عليه وبالجرم المشهود من حرب غزة وصولا الى جبهة لبنان. اضف الى ان الادارتين الاميركيتين الحالية والمنتخبة امام تحدٍّ كبير وفي سباق مع الوقت لقطف ثمار الجهود الديبلوماسية التي يقوم بها هوكشتاين. الرئيس الحالي جو بايدن بحاجة الى تحقيق انجاز يتوّج به عهده، في وقت يحتاج الرئيس المنتخب دونالد ترامب الى ان يكون وقف اطلاق النار باكورة انجازات عهده لكي يفي بوعود قطعها الى العرب المسلمين واللبنانيين، وكانت السبب في ايصاله الى البيت الابيض.