عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    23-Jan-2025

التحديث السياسي والكتيبة النائمة*سائد كراجة

 الغد

منذ المملكات الأردنية قبل الميلاد، قاوم «الشعب الأردني» الأطماع التوسعية لبني إسرائيل في أرضه، ودوّن الملك ميشع ملك مملكة مؤاب وعاصمتها ذيبان على مسلته أخبار انتصاراته عليهم. 
 
 
  في العصر الحديث واصل الأردنيون نضالهم، معركة تل الثعالب بقيادة الشيخ كايد العبيدات عام 1920، تعد من أوائل المواجهات الفدائية العربية ضد الاستعمار البريطاني الصهيوني في فلسطين، ومعركة باب الواد عام 1948 التي ارتقى فيها 370 شهيدا أردنيا وألف جريح، من جيش لم يتعد عدده آنذاك خمسة آلاف جندي، والمعروف عن الجيش العربي أن عقيدته منذ التأسيس هي حماية القدس ومقاومة الأطماع الصهيونية في فلسطين والأردن! 
 
على المستوى السياسي ومنذ مؤتمر قم / شمال إربد 1920، صدر عن المؤتمرات واللجان الشعبية عدة وثائق وطنية لعل أهمها؛ الميثاق الوطني عام 1928، الميثاق الوطني عام 1991، وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عام 2021، والمشترك بينها جميعها هو التمسك بالدستور والنظام النيابي الملكي، سيادة القانون وحكم الشعب، والسعي لحالة تكامل عربي شامل لتحصين العالم العربي من الهيمنة الأجنبية، ودائما وأبداً الوعي لمخاطر المشروع الصهيوني على الأردن ووحدة المصير مع الشعب الفلسطيني ونُصرة قضيته.
اسمعوا ما ورد في ميثاق 1991 مثلا عن العلاقة الأردنية الفلسطينية والهوية.
« إن حقائق العلاقة التاريخية والجغرافية الوثيقة بين الأردن وفلسطين خلال العصور، وانتماء الأردنيين والفلسطينيين القومي وواقعهم الثقافي والحياتي في الحاضر والمستقبل جعلت من هذه العلاقة حالة خاصة متميزة،.. مما يؤكد ضرورة استمرار هذه العلاقة وتمتينها، في مواجهة الخطر الصهيوني العنصري الاستعماري، الذي يهدد وجود أمتنا العربية وحضارتها ومقدساتها، ويستهدف الاردن مثلما استهدف فلسطين.
 وكما أن الهوية الوطنية الفلسطينية هي نقيض للمشروع الصهيوني، وتكافح من أجل هدمه، فإن الهوية الوطنية الأردنية من هذا المنظور هي أيضاً نقيض للمشروع الصهيوني وتحصين للأردن من المخططات الصهيونية ومزاعمها المختلفة.
 وبهذا المفهوم يصبح الأردن وفلسطين حالة عربية واحدة، بنضالهما المشترك في التصدي للمخطط الصهيوني التوسعي ورفضهما الحازم لمؤامرة الوطن البديل.
وعلى هذا الأساس، فإنه لا يجوز بأي حال من الأحوال أن تفهم العلاقة الأردنية - الفلسطينية أو أن تستغل أي حالة فيها من أي طرف وتحت أي ظرف، لتصبح مدخلا للانتقاص من حقوق المواطنة وواجباتها، أو سبباً لإضعاف الدولة الأردنية من الداخل، وخلق الظروف التي تؤدي إلى تمرير المشروع الصهيوني لتحويل الأردن إلى بديل عن فلسطين»
كنت أتمنى لو يسمح المجال لنقل النص كاملاً فهو مرجع سياسي تاريخي بامتياز، ولا تقل عنه مقدمة وثيقة اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية. ماذا حصل لنا لنترك هذه الوثائق الوطنية العظيمة، ونناقش الهوية والوحدة الوطنية من واقع فيديو البندورة؟!
 الهوية الأردنية السياسية الاجتماعية، ذات تاريخ وبعد نضالي نابع من وعي الشعب الأردني المبكر لمخاطر المشروع الصهيوني على الأردن ومنذ بداية القرن العشرين.
وحيث نظم القانون التحديث السياسي بموجب قانوني الانتخاب والأحزاب، وحيث وصلت الاحزاب إلى البرلمان، فإن علينا أن نثق بالتجربة الحزبية، ونتيح للأحزاب أن تتدرب بحرية مطلقة على دعم أو معارضة الحكومات، والأهم وإلى جانب ضرورة نهج البرامجية في عمل الاحزاب فإن علينا أن نستدعي روح الهوية النضالية الأصيلة للأردنيين، وصياغة سردية وطنية مقاومة لمشاريع استهداف الأردن من قبل الصهيونية وإسرائيل. سردية تسترجع توق الأردنيين لعمل وحدودي اقتصادي سياسي، كرد على مشاريع الهيمنة والاستعمار.
أيها السادة دون سرد وطني يستدعي الهوية النضالية التاريخية للشعب الأردني ويكرس الأردن المعاصر الديمقراطي ودون تبني مثل هذه السردية من الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات الدولة ودون زرع هذه القيم في الثقافة العامة والتعليم، فسيبقى التحديث السياسي حديثاً عاماً، وستبقى الأحزاب هي الكتيبة السياسية النائمة جنابك!