عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    25-Mar-2020

معركة الكرامة .. كرامة تتجدد .. - د.عبد الرحيم جاموس

 

الدستور- اثنان وخمسون عاماً قد مضى على فجر  الخميس 21 آذار 1968م الذي لم يكن فجراً عادياً، لقد كان فجراً جديداً في تاريخ شعبنا وأمتنا، فجرٌ تصدى الجيش العربي الاردني الباسل لأرتال القوات الغازية التي عبرت يومها نهر الأردن للقضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال مرتفعات السلط وفق ما أعلنه موشي ديان وزير الحرب الصهيوني، لكن الفدائيين الفلسطينيين وتلاحمهم مع أسود الجيش العربي الأردني الباسل قد تصدوا بكل بسالة وشرف للقوات الغازية، ولقنوها درساً من دروس الحرب التي لا زالت عصية على النسيان، ودامت المعركة يومها من الخامسة  فجراً إلى السابعة مساءً، أي قرابة خمسة عشر ساعة، دُمِرَّ فيها العديد من الدروع والدبابات والآليات الغازية، وأحترقت تحت نيران المقاومة العربية  الباسلة وألغامها البشرية المتفجرة، وسقط العديد من المظليين الذين ألقى بهم العدو في أرض المعركة في كمائن الجيش والفدائيين، وما أن أصبحت الدروع والآليات الإسرائيلية تحت مرمى المدفعية الأردنية، حتى صدرت الأوامر من المرحوم البطل مشهور الحديثه وقيادة الجيش العربي الأردني للكتيبة السادسة مدفعية  حتى إنهالت قذائفها حمماً على الآليات والدروع الإسرائيلية، وقد وقع خلال المعركة أكثر من خمسمائة إصابة بين أفراد قوات العدو الغازية، وسقط العشرات من الشهداء من قوات المقاومة الفلسطينية الأردنية الباسلة، ثلاثة وثلاثون شهيداً من قوات التحرير الشعبية كان من بينهم ابن عمي الشهيد البطل عبد الرحيم عيسى جاموس، الذي كنت قد ودعته في الخميس السابق لمعركة الكرامة، وقدمت قوات العاصفة مئة وعشرين شهيداً، وقدم الجيش العربي الأردني المصطفوي الباسل أيضاً اثنان وستون شهيداً في المعركة بين جندي وضابط صف وضابط من بواسله الأبطال.
 
لقد اضطر العدو يومها إلى طلب وقف إطلاق النار، حتى يتمكن من إجلاء حطام قواته من أرض المعركة، وقد أحضر نماذج منها إلى ساحة أمانة العاصمة في عمان مما رفع معنويات الشعوب العربية، هكذا خاب يومها رهان وزير الحرب والعدوان موشي ديان في القضاء على المقاومة الفلسطينية والتوسع في الأرض الأردنية وانتصرت الإرادة العربية، بل ازدادت على أثرها عنفاً واتساعا والتحاما مع الجيش العربي الأردني، ومع الجماهير الشعبية الفلسطينية الأردنية والعربية، وتصاعدت أعمال المقاومة الفلسطينية الأردنية من أم قيس شمالاً إلى العقبة جنوباً، وكانت حرب استنزاف شرسة قضت مضاجع الاحتلال، واتسع نطاق العمل الفدائي على أثرها والذي شاركت فيه كافة الفصائل الوطنية والقومية ليرد للأمة روحها وعزتها وقدرتها، وأثبتت حركة «فتح» مبدأها في أن التحرير طريق الوحدة، وأن المقاومة والكفاح المسلح هما طريق التحرير، وأعلن بعدها المغفور له الملك حسين أنه الفدائي الأول.
 
تأتي هذه الذكرى العظيمة اليوم وشعبنا وامتنا في أتون أكبر مواجهة سياسية ودبلوماسية يخوضها في مواجهة راعية المشروع الصهيوني الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة لتصفية القضية الفلسطينية عبر مؤامراتها والتي توجتها بإعلانها عن صفقة القرن  وما هي الا صفعة العهر السياسي الإمبريالي، لكن ثبات شعبنا وقيادته وصموده وتصديه لها ودعم الأشقاء والأصدقاء سوف يفشل هذه المؤامرة وكافة المخططات التصفوية، وسوف تنتصر إرادة شعبنا في انتزاع حقوقه المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، مهما تشعبت المؤامرات وتعددت، إن مصيرها الفشل والانكسار على صخرة صمود شعبنا الذي لن يكل ولن يمل ولن يرضخ لإرادة الاستعمار الصهيوني ورعاته.
 
رحم الله هذه الكوكبة من أبطال الأمة، ومن تبعهم بروح المقاومة والفداء، وستبقى هذه المعركة عصية على النسيان، تتجدد ذكراها في الوجدان، وتنير دماء شهداءها الطريق للأجيال جيلاً بعد جيل.
 
- عضو المجلس الوطني الفلسطيني