ھآرتس
النقاش الامني في اسرائیل عشیة الانتخابات یتركز حول ما یحدث في غلاف غزة، اطلاق الصواریخ المستمر من القطاع یجر خلفھ الانتقادات من الیمین ومن الیسار على ما یوصف بالسیاسة المتسامحة لحكومة نتنیاھو تجاه حماس. عندما اضیف مؤخرا للصواریخ سلسلة محاولات اختراق على طول الحدود، ازدادت الھجمات ووعد رئیس الحكومة اثناء زیارتھ في اوكرانیا بأن الرد على الاحداث لن یكون متأثرا باعتبارات انتخابیة، غیر مقنع تماما.
ولكن ربما یكون التحدي الامني الكبیر لنتنیاھو في الفترة القریبة موجود في الساحة الفلسطینیة
الثانیة، في الضفة الغربیة. وفي ھذه الحالة یوجد لسیاستھ اسھام كبیر في التعقید ھناك. السلطة
الفلسطینیة آخذة في الغرق داخل ازمة اقتصادیة شدیدة نتیجة التصمیم المتبادل لنتنیاھو ورئیس
السلطة عباس في قضیة المساعدات المالیة التي یحولھا الفلسطینیون للسجناء الامنیین في السجون الاسرائیلیة.
النتیجة ھي أن ثمة 160 ألف موظف فلسطیني في القطاع العام منھم 65 ألف من موظفي اجھزة
الامن یحصلون فقط على نصف رواتبھم فقط، وھذا ھو الشھر السادس على التوالي. وھذا بسبب
قرار اسرائیل خصم اموال المساعدات ورفض الفلسطینیین الموافقة على تلقي الاموال بطرق
ملتویة.
حتى الآن ورغم تھدیدات متزایدة من السلطة فان التنسیق الامني بین الطرفین لم یتضرر بشكل
جوھري. الخوف من فقدان السیطرة على الارض، الذي یمكن لحماس استغلالھ، ما یزال یثني
السلطة عن التنازل عن التنسیق الامني. ولكن الدلائل على عدم الھدوء على الارض تزداد وتتراكم.
في الاسابیع الاخیرة حدثت زیادة كبیرة في عدد العملیات ومحاولات تنفیذ العملیات على الارض،
وعدد منھا مرتبط بحماس. في الحادثتین الاصعب، في غوش عصیون التي قتل فیھا الجندي غفیر
شورك بالطعن، وأصیب أخوان في عملیة دھس في محطة ركوب للحافلات.
على الاقل جزء من الخطاب الفلسطیني الذي یؤید اعمال العنف یتعلق بالتوتر في الحرم وبقرار
الشرطة السماح للیھود بالصعود الى الحرم في 9 آب الماضي، الذي صادف في ھذه السنة في یوم
عید الاضحى للمسلمین. وقد ساھم في الاھتمام الكبیر بالتوتر الامني مع اسرائیل الزیارة التي
الغیت من قبل عضوتي الكونغرس الامیركیتین والتقدیر المتزاید حول بادرات حسن نیة اخرى
لإدارة ترامب لنتنیاھو عشیة الانتخابات والتي یمكن أن تشمل الاعتراف الامیركي صریح أو مبطن
بضم مناطق ج لاسرائیل.
ضغط الرئیس لإلغاء زیارة عضوتي الكونغرس الذي استجاب نتنیاھو لھ على الفور، عرض اسرائیل تقریبا مثل حكومة دمى امیركیة. في الوقت القریب یتوقع أن نحصل على المقابل، ربما على شكل اعتراف بالضم أو الدفع قدما (یبدو جزئیا) لفكرة اقامة حلف دفاعي بین الدولتین. ھذه الافكار اذا نفذت سیتم طرحھا وكأنھا تعكس تقارب نادر بین واشنطن والقدس، رغم أنھ في جھاز الامن الاسرائیلي توجد معارضة عمیقة ثابتة وقدیمة لھاتین الفكرتین.
في تقدیرات الوضع في القیادة الامنیة العلیا، عاد مؤخرا الافتراض بأن ھناك احتمالیة معقولة لاندلاع اعمال عنف أكثر في الضفة الغربیة، ربما حتى قبل الانتخابات. النجاح الذي حققتھ العملیات الاخیرة یشجع مثلما في الاعوام 2014 و2015 محاولات اخرى لأشخاص مقلدین، حیث الخلاف الدیني على القدس وعلى الحرم یغلي في الخلفیة.
إن ما یحدث في الضفة یتساوق طوال الوقت مع التطورات في القطاع. بعد عدة محاولات
الاختراق الاخیرة على طول الجدار والتي القیت المسؤولیة عنھا على نشطاء ”مارقین“ انسحبوا من
حماس ومن الجھاد الاسلامي وتماثلوا مع الفصائل السلفیة، فان حماس تشددت في خطابھا. اللجنة
التي تنظم الاحتجاجات على الجدار والتي تسیطر حماس علیھا تماما نشرت دعوة لمظاھرة أكثر
تصمیما في یوم الجمعة القادم بعد أن زاد في یوم الجمعة الماضي بدرجة معینة مستوى التوتر.
دعوة حماس للعنف الشعبي یمكن أن یدل على الوضع: السلطة في غزة تواجھ انتقاد داخلي متزاید
بسبب تنازلھا عن النضال العنیف ضد اسرائیل، وبسبب نشاطات ضبط النفس التي اتخذت ضد عدد
من النشطاء الذین یقتربون من الجدار وبسبب الاكتفاء بالقلیل بسبب الوتیرة البطیئة لتنفیذ التسھیلات التي تم الاتفاق علیھا بشكل غیر مباشر مع اسرائیل. ھذه الانتقادات یمكن أن توضح
ایضا ضعف سیطرة حماس على ما یحدث على طول الحدود. في الحادثة الاخیرة في لیلة یوم
الجمعة تم اطلاق ثلاثة صواریخ نحو اسرائیل. وفور ذلك وكجزء من اجراء ثابت بعد الاطلاق، ویبدو خوفا من رد اسرائیل، قامت حماس باخلاء مواقعھا على طول الجدار. وعندھا اخترقت خلیة مكونة من خمسة نشطاء مسلحین عبر المسافة بین المواقع التي أخلیت واقتربت من الحدود وتمت اصابتھا بنار الجیش الاسرائیلي.
في اسرائیل یجري نقاش سیاسي حذر حول مسألة ھل حماس تسمح بمحاولات الاختراق رغم أنفھا أو أنھا تشجع ھذه الاعمال. رجال المخابرات یتمسكون بادعاء أنھ لا توجد ھنا عملیة منسقة تقف وراءھا قیادة حماس، بتوافق صامت مع الخلایا المارقة. الواضح ھو أن حماس تدرك حساسیة اسرائیل بسبب الانتخابات القریبة، وفي ھذه الاثناء ھي تحاول استغلال ذلك لزیادة الضغط العسكري على أمل تحقیق المزید من التسھیلات.
ولكن من المعقول أن قادة حماس یدركون ایضا التداعیات المحتملة لحدوث جولة قتال، في الوقت
الذي فیھ نتنیاھو ظھره للحائط. الیوم یتوقع أن یزور المنطقة مبعوث قطر محمد العمادي، ومعھ
الارسالیة الشھریة للدعم الاقتصادي بملایین الدولارات. مع وجود العمادي ورجال المخابرات المصریة في المنطقة توجد ایضا حدود لقدرة حماس على شد الحبل مع اسرائیل.
ھجرة انتخابات على ھامش الامور تسرب من زیارة نتنیاھو في اوكرانیا نبأ أثار انفعال ما في الیمین، حول وجود خطة اسرائیلیة سریة لتشجیع ھجرة الفلسطینیین من القطاع. اذا كان من ینسج في اعقابھا خطة لاعادة الاستیطان في نتساریم وغوش قطیف فیجدر بھ كبح طموحاتھ.
نتنیاھو تلقى في الاشھر الاخیرة تقاریر استخباریة تفید بأن 35 ألف فلسطیني تقریبا غادروا القطاع
في السنوات الاخیرة بسبب الیأس من الوضع الاقتصادي وبسبب الحصار. ومن بینھم، كما جاء في
”ھآرتس“، اطباء وصیادلة وشباب آخرون مثقفون. ولكن ھذه الارقام مھما كانت مرتفعة لا تغیر جوھریا المیزان الدیمغرافي. معدل الولادة في القطاع بقي مرتفعا والطلب لأصحاب مھن فلسطینیین في الدول الاخرى محدود والخوف من تسلم الاموال الاسرائیلیة مقابل المغادرة الذي سیعتبر تقریبا خیانة للفكرة الوطنیة الفلسطینیة، سیكون بالتأكید كبیر.
ھذا یبدو مثل الاعلانات التي ھدفھا جذب المزید من مصوتي الیمین الایدیولوجي لنتنیاھو عشیة
الانتخابات. حسب معرفتنا الآن احتمالیة التطبیق الفعلي للفكرة تبدو ضعیفة. وعلى كل الاحوال
ھدفھا الاساسي الذي ھو خلق عناوین في مستھل النشرات الاخباریة في التلفاز أمس، تم تحققھ.