عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    05-Nov-2025

الرئيس فانس أم روبيو؟ بوادر المعركة على خلافة ترامب

 الغد

ترجمة: علاء الدين أبو زينة
سايمون تيسدال* - (الغارديان) 2/11/2025
هو في الوقت الحالي سباق بين حصانين -الزعيم الأميركي القادم سيكون بلا شكّ انتهازياً مهنياً لا يعرف شيئاً عن فنّ قيادة الدول.
 
 
يتطلع ملايين الأميركيين بشوق إلى يوم 7 تشرين الثاني (نوفمبر) 2028، التاريخ المقرر للانتخابات الرئاسية المقبلة. ذلك هو اليوم الذي تنتهي فيه فعليًّا حقبة ترامب. غالبًا. وهو اليوم الذي سيكفِّر فيه الديمقراطيون عن فشل كامالا هاريس الكارثي في انتخابات 2024. ربما. وهو اليوم الذي ستُبعث فيه الديمقراطية الأميركية من جديد. كما هو مأمول. أحاديث الخلافة تثير شهية واشنطن. وقد أظهر حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، أوضح إشارة حتى الآن إلى أنه سيترشح، فيما ترى هاريس -متجاهلة أخطاءها السابقة- أنها تستحق فرصة ثانية.
لكن معظم الأنظار تتجه نحو الجمهوريين، بعد أن هدّد ترامب، البالغ من العمر 79 عامًا، مرة أخرى بتحدي الدستور والسعي إلى ولاية ثالثة. وقال الأسبوع الماضي: "سأحب أن أفعل ذلك". لكنه تراجع لاحقًا، ولو بشكل غير مقنع. وقال مازحًا: "سنرى ما سيحدث". سوف يستمر هذا العرض الانتخابي المبتذل من شخص نرجسي وغير وقور بلا نهاية. لكن الأهم عمليًّا هما الاسمان اللذان اختارهما ترامب كأبرز خلفائه المحتملين: جي دي فانس؛ وماركو روبيو -نائبه ووزير خارجيته، على التوالي.
توقع ترامب سباقًا ثنائيًّا على ترشيح الحزب الجمهوري للعام 2028 -على الرغم من أن الذين يفضلهم كثيرًا ما يسقطون، كما يمكن أن يشهد مايك بنس، وريكس تيلرسون، ومايك بومبيو، وجون بولتون، وغيرهم كثير. كما أن آراء ترامب لا تحظى بتأييد واسع خارج قاعدته. وقد أظهر فانس وروبيو مُسبقًا أنهما غير مؤهلين للمناصب العليا. ومع ذلك، في ظل الظروف الراهنة، يجب أخذ احتمال أن يرتدي أحد هذين الانتهازيَّين متواضعَي الكفاءة عباءة حركة "جعل أميركا عظيمة مجددًا" ويستولي على العرش على محمل الجد.
وهو خيار بين بيتبول وبودل. كشخص عدواني، صاخب، شرس، وأحيانًا مذهل من حيث جهله الفادح -يشكل جي دي فانس، البالغ من العمر 41 عامًا، "الشقيق" الذي ينبغي التغلب عليه، والوريث المنتظر، وولي العهد السياسي للملك دون. وهو يتقدم بفوارق ضخمة في استطلاعات الرأي المبكرة في الولايات الجمهورية الأساسية. لغته سوقية، وآراؤه تبسيطية. وعندما قيل إن عمليات القتل خارج نطاق القضاء التي تنفذها الولايات المتحدة بحق من يُزعم أنهم مهربو مخدرات يمكن اعتبارها جرائم حرب، كتب على منصة (إكس): "لا يهمني على الإطلاق ما تسمونه". ساحر، أليس كذلك؟
اعتاد فانس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كسلاح للدفاع عن ترامب وتشويه "الراديكاليين اليساريين المجانين". وفي جدال شهير، حاول تبرير تعليقات عنصرية ومعادية للمثليين والنساء، تتحدث عن "القرود" وهتلر والاغتصاب كان قد أدلى بها أعضاء في مجموعة محادثة جمهورية على الإنترنت. وعندما واجه انتقادات بسبب مقطع فيديو مسيء صُنع بالذكاء الاصطناعي يستهدف عضو كونغرس ديمقراطيًا أسود وأعاد ترامب نشره، قال فانس: "أعتقد أنه مضحك. الرئيس يمزح ونحن نستمتع".
وعلى النقيض من ذلك، طالب فانس عقب مقتل حليفه اليميني المتطرف تشارلي كيرك بشن حملة قمع وطنية على "اليسار المتطرف" -أي الآراء التي لا تعجبه. ويذكّر هذا العرض للمعايير المزدوجة بأول ظهور له في الخارج في مؤتمر ميونيخ في شباط (فبراير)، عندما ألقى محاضرة نفاقية على أوروبا حول الحرية والرقابة بينما كان يتودد إلى زعيمة اليمين المتطرف الألمانية أليس فايدل. ثم أكد فانس لاحقًا سمعته ككلب هجوم مرتبك وغير مكمم عندما هاجم بعنف زعيم أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، الذي يعرف عن الدفاع عن الحرية أكثر مما سيعرفه فانس في كل حياته.
إذا قرر فانس الترشح، فسيتعين عليه أن يوضح ما يؤمن به. لكن المشكلة هي أنه لا يعرف. وقد سبق له أن وصف ترامب بأنه "أحمق" لن يدعمه "أبدًا". وبصفته سيناتورًا عن ولاية أوهايو، عارض الحروب الخارجية؛ لكنه كنائب للرئيس دعم الهجمات أحادية الجانب على إيران واليمن وفنزويلا. وفي كتابه المتخم بالأنانية والترويج للذات، "مرثية الجبليين البيض" Hillbilly Elegy، انتقد المجتمعات البيضاء من الطبقة العاملة لأنها تلقي باللوم عن مشاكلها على الصين والمهاجرين ونخب "الصحوة". لكنه الآن يفعل بالضبط ذلك، كل الوقت.
أما روبيو، فشخصية أكثر هدوءًا وسلبية بغرابة، وربما يكون أكثر وزراء الخارجية الأميركيين افتقارًا للفعالية في الأوقات الأخيرة. وبينما يدير ترامب المشهد ويحتكر الأضواء في ما يتعلق بإسرائيل وأوكرانيا والصين، يلعب روبيو، 45 عامًا، الداعم، والمشجع والمُرمّم. وظيفته: أن يُضفي منطقًا على صفقات ترامب المبالغ فيها وغير المدروسة -وهي مهمة مستحيلة يفشل في أدائها على أساس يومي. ويشكل تأخره الخطير في تنفيذ عناصر الأمن في "خطة السلام" الخاصة بغزة مثالًا على ذلك.
لم يكن روبيو دائمًا بهذا الضعف. في حملته الرئاسية في العام 2016 ضد ترامب (الذي سخر منه ووصفه بـ"ماركو الصغير")، كان من المدافعين عن التحالفات الأميركية التقليدية، وحقوق الإنسان، والمساعدات الخارجية. وبالحديث عن روسيا، أدان محاولات "القوى الكبرى إخضاع جيرانها الأصغر". ولكن، منذ أن تقاضى ثمن ولائه لترامب تآكلت مواقفه المبدئية بطريقة غامضة. وفي عهده تم تقليص ميزانيات المساعدات الخارجية، وتراجعت أولوية دعم الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتآكل الدعم الأميركي المباشر لأوكرانيا.
في البداية، طغى على فترة توليه وزارة الخارجية تأثير إيلون ماسك، الذي خفّض عدد موظفي الوزارة وبرامج القوة الناعمة بينما كان روبيو يغض الطرف؛ ثم لاحقًا ستيف ويتكوف، صديق ترامب المقرب الذي لُقِّب بـ"المبعوث لكل شيء". ومع ذلك، في مجال سياسي واحد على الأقل ظل روبيو ثابتًا: عداؤه للأنظمة اليسارية في كوبا وفنزويلا ونيكاراغوا. وفي دوره الآخر كمستشار للأمن القومي، يقود روبيو الحملة متزايدة العسكرة لإسقاط دكتاتورية نيكولاس مادورو في كاراكاس.
في تبرير الهجمات البحرية القاتلة التي يشنها بلده على من يُشتبه بأنهم مهرّبو مخدرات من فنزويلا وكولومبيا، أعلن روبيو في أيلول (سبتمبر) أن الاعتراض القانوني لا يجدي. وقال: "إن ما سيوقفهم هو تفجيرهم... وسيحدث هذا مرة أخرى"، وهو ما حدث بالفعل مرارًا. كما يلعب روبيو دور الواجهة في حملات الضغط الخام التي يشنها ترامب ضد بنما والبرازيل والمكسيك، وفي ترحيل المهاجرين جماعيًا إلى سجون تُديرها حكومة السلفادور القمعية، وفي الجهد العام الرامي إلى تحويل أميركا اللاتينية مجددًا إلى فناء خلفي شبه مستعمَر للولايات المتحدة.
ربما تُكسبه كل هذه المواقف دعم اليمين، لكنها تُنفّر الناخبين المستقلين. ولا يُمكن تفسير سلوكه إلا إذا كان هو الآخر، مثل فانس، يخطط للترشح للرئاسة كنسخة مصغّرة من حركة "ماغا". ويبدو أن هذين التابعين القابلين للتشكّل يفعلان ذلك بالضبط استعدادًا لانتخابات العام 2028. وهما، كحال رئيسهما، لا يعرفان شيئًا عن فن القيادة أو الرسالة السامية. إنهما تابعان لا قائدان، متحدان في طموح جامح -وعدم أهلية واضحة للحكم.
من المؤكد أن الولايات المتحدة قادرة على تقديم شيء أفضل من هذا.
أوه، مهلاً! كان هذا بالضبط هو ما قالوه عن ترامب في العام 2016.
 
*سايمون تيسدال Simon Tisdall: معلّق متخصص في الشؤون الخارجية بصحيفة "الغارديان".
*نشر هذا المقال تحت عنوان: President JD Vance or Marco Rubio? We’re seeing the first signs of the battle over Trump’s succession