عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    29-Jan-2020

المسمار الأخير بنعش الدولة الفلسطينية - ايال زيسر

 

إسرائيل هيوم
 
من الصعب التقليل من اهمية اللحظة ومعنى نشر خطة السلام لإدارة ترامب. فالخطوة الاميركية، وخطوات اسرائيل في اعقابها، كفيلة بأن تدخل الى التاريخ كحدث تأسيسي اهميته في ترسيم حدود الدولة لا تقل عن احداث محملة بالمصائر شهدناه في الماضي.
حقيقة هي أن هذه ليست المرة الاولى التي ينشر فيها الاميركيون خطة سلام في محاولة لانهاء النزاع. ولكن هذه المرة ستكون مختلفة. أولا، لأنه بخلاف خطط سابقة، فإن خطة القرن تتعاطى مع الواقع على الارض ولا تستند الى اضغاث احلام. ثانيا، لأن إدارة ترامب تتمتع بمكانة اقليمية لم تشهد الولايات المتحدة مثيلا لها لسنوات طويلة. واخيرا، لان خطة القرن منسقة على الارجح مع اسرائيل. صحيح أن نشر الخطة والخطوات الكفيلة بأن تتخذها إسرائيل في اعقابها لا بد ستثير جوقة تنديدات في أرجاء العالم، ولكن كل هذه عديمة المعنى في ضوء وقوف ادارة ترامب الى جانب اسرائيل. هذه الادارة منسقة ايضا مع بعض الدول العربية، وهذه كفيلة بأن تتجند كي تساعدها في دفع خطتها الى الامام.
وبالتالي فان الخطوة الاميركية كفيلة بأن تمنح اسرائيل القدرة، لأول مرة في تاريخها، لأن تملي لنفسها حدودها وفقا لاعتبارات الامن ووفقا للمصالح الاسرائيلية. ومع ذلك، يقف في مركز الغرفة مثل فيل ضخم السؤال الكبير – او المجهول الكبير: اين العروس؟ أين الفلسطينيين؟ فلحظة نشر خطة القرن كان يمكن لها أن تكون ساعتهم الكبرى. فبعد كل شيء، فان خطة ادارة ترامب لا تتجاهلهم، بل تتعاطى مع الواقع على الارض ويوجد فيها تلبية، وبالتأكيد للمدى البعيد، لاحتياجات بل وتوقعات السكان الفلسطينيين، حتى لو لم تقل “آمين” لعموم المطالب الفلسطينية.
ولكن القيادة الفلسطينية سارعت حتى قبل نشر تفاصيل الخطة لرفضها رفضا باتا. هذا رد فعل شرطي، معروف ومتوقع مسبقا، وبالتالي مخيب جدا للآمال. وللحقيقة، يوجد اساس معقول جدا للافتراض بأنه حتى لو وعد الاميركيون الفلسطينيين بالجبال والتلال، فإن جوابهم سيبقى سلبيا. يدور الحديث عن نمط ثابت في التاريخ الفلسطيني، ويكمن في ضعف وعدم قدرة القيادة الفلسطينية على اجيالها على اتخاذ قرارات محملة بالمصائر، للوقوف امام الرأي العام الفلسطيني واقناعه بالحاجة وبالضرورة للتنازلات والحلول الوسط. اما الصراع الداخلي بين م.ت.ف وبين حماس، مثل المعركة في رام الله على خلافة ابو مازن، فبالتأكيد لا تساعد في ذلك.
بدلا من ان يأخذ الفلسطينيون مصيرهم في ايديهم، فإنهم يعلقون آمالهم منذ الازل على الآخرين على امل أن يقوم هؤلاء بالعمل نيابة عنهم. في الماضي كان هؤلاء هم الدول العربية في ميدان المعركة مع اسرائيل، واليوم الاسرة الدولية في ميدان الصراع السياسي. الضعف والقصور، وربما ببساطة انعدام العمود الفقري الوطني، وبالطبع، الصعوبة للاعتراف في الواقع وقبوله والانقطاع عن الحلم – كل هذه كانت دوما تلاحق الفلسطينيين، واليوم ايضا تحملهم على رفض الاقتراح الذي من المشكوك فيه أن يتلقوا افضل منه في المستقبل. يمكن للفلسطينيين على عادتهم أن يقرروا رفض الخطة وينتظروا الانتخابات التالية في اسرائيل او في الولايات المتحدة. يمكنهم أيضا ان يتوجهوا الى طرق العنف والمواجهة، حتى الاعلان عن حل السلطة الفلسطينية.
مهما يكن من أمر، فان قرارا فلسطينيا برفض خطة القرن مثله كمثل مسمار آخر في نعش فكرة الدولة الفلسطينية. اما دولة اسرائيل فملزمة بأن تستعد بقوة اكبر لمثل هذه الامكانية.