الراي
مرة أخرى الملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة، وقد كان هناك أيضاً في شهر مايو، آيار الماضي، حيث التقى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الزيارة الآن خاصة وزيارة عمل،
فما هي هذه الزيارة (العمل)؟
الزيارة تشمل (sunvally) في ولاية تكساس، حيث يعقد مؤتمر صن فالي، في شهر تموز، يوليو، من كل عام منذ سنة 1983، بمشاركة شخصيات قيادية ورجال أعمال بارزين من مختلف انحاء العالم، لمناقشة قضايا سياسية واقتصادية عالمية هامة، وكيف يمكن التعامل معها وتجنب تحدياتها. ومن بين هؤلاء، مفكرين واساتذة اكاديميين،
وترافق الملكة رانيا الملك عبد الله الثاني في هذه الزيارة.
ومما يجدر أن أذكر حينما اتحدث عن الزيارات الملكية، خاصة للولايات المتحدة، أن هذه الزيارات تاخذ مروحة واسعة من المحطات ولا تقتصر على الأبعاد الرسمية، كما هي زيارات معظم رؤساء دول العالم، فالملك عبد الله الثاني يكاد ينفرد من بين الزعماء العرب، في جعل زيارته افقية واسعة المدى، تصيب أهداف عديدة، يحرص على الالتقاء بها وهي سنة استنها طوال فترة حكمه، وقد اخذ هذا المنحى عن والده الملك الحسين، الذي يعتبره الأمريكيون الخبير الأول في السياسات الأمريكية العربية والدولية، وكانوا يرونه موقع استشاراتهم الموثوقة، وصاحب الدور الأبرز في المصالحات والدعوة الى السلام، وظلوا يرون ذلك في الملك عبد الله الثاني، الذي امتدحه الرئيس ترامب بهذه الصفات وظل حريصاً على مشاورته والالتقاء معه.
الزيارات الملكية إذن في اتساعها غير الرسمي تشمل جامعات ومعاهد ومراكز دراسات واستطلاع واساتذة متخصصون وكبار وعلماء ومنتديات وجمعيات ولوبيات فاعلة ومراكز قوى وهيئات متخصصه في الشرق الأوسط، وشركات ورؤساء مجالس ادارات ومدارء، وكلها تلعب دوراً فاعلاً وأساسياً، وأكثرها جزء من القرار الأمريكي، أو قريبة من متخذ القرار الأمريكي او من بطانته والأجزاء المؤثرة في قراره ولما في ذلك من أهمية ظل يدركها وظل يرغب في توظيفها، وكانت لها نتائج في الكثير من المواقف والمنعطفات.
هناك لوبيات ومراكز عديدة تؤيد الموقف الأردني وتستأنس به في كثير من الأحيان والمواقع، وهذا لم يكن صدفة، إذ لولا الخبرات الأردنية المتراكمة، لما كان للأردن هذا الموقع في الرؤية الأمريكية والقرار المتعلق بالشرق الأوسط، وكثيراً ما كانت الزيارات الملكية تحمل رسائل عربية من دول وزعماء، كانوا يرون الملك عبد الله الثاني هو الأقدر على إيصال رسائلهم ومساعدتهم، لذا كانت الزيارات الملكية للولايات المتحدة متكررة، ومنها العام الرسمي والخاص، من الذي يستهدف ايضا المواقع الهامة التي ذكرناها؟...
في جدول الأعمال الملكي إذن زيارة والمشاركة في أعمال الملتقى الاقتصادي المنعقد في مدينة صن فالي، بولاية أوهايو التي معناها النهر العظيم) ولها 16 مقعداً في مجلس النواب، وهي من الولايات المتأرجحة، وكان ستة من رؤساء الولايات المتحدة قد جاؤوا من هذه الولاية وشعارها، "مع الله كل شيء ممكن أن يتحقق"، وعدد سكانها 12 مليون نسمة، وكانت
فيها أشهر المذابح ضد السكان الأصليين على يد المهاجرين البيض، وقد وقعت في هذه الولاية وأشهرها مذبحة (الغدير الأصفر) وقد غادرها سكانها الأصليون الى المحميات، بعد أن أجبروا على ذلك تحت أفعال القتل والابادة في عام 1812.
أما زيارة الملك لولاية كاليفورنيا، ولعاصمة الولاية ساكرمنتو، تحديداً، جيث يلتقي بممثلين عن منظمة كالبرس، (CalPERS) التي تدير صندوق تقاعد استثماري، هو الأكبر في الولايات المتحدة، متطلعاً الى استثمارات أمريكية في الأردن وفرص تعزيز العلاقات في هذا المجال.
وفي مدينة ساكرامنتو، عاصمة كاليفورنيا، يلتقي الملك بممثلي منظمة كالبرس، وهي وكالة تابعة للفرع التنفيذي لولاية كاليفورنيا تدير المعاشات التقاعدية والمزايا الصحية لأكثر من 1.6 مليون موظف ومتقاعد وآسرهم، وكان هذا الصندوق قد تأسس عام 1932، كشركة مساهمة عامة، وهو صندوق التقاعد لموظفي كاليفورنيا ويقدم فوائد ومزايا، مثل التامين الصحي وتأمين الرعاية طويلة الآجل.
وأصوله المدارة تتجاوز 469 مليار دولار أمريكي كما في 30 / 6 / 2021، وفي الصندوق محفظة استثمارية كبيرة تركز على الاستثمار المستدام.
البحث مع إدارة كالبيروس تشكل الكشف عن فرص الاستثمار في الأردن وعن امكانية دفع برامج هذا الصندوق لتستثمر بشكل شفاف وواضح، لأن لهذا الصندوق الذي يشهد مراجعات مستمرة لتقويته استمثارات متعددة في داخل الولايات المتحدة وخارجها، وهو يبحث عن مناخات أفضل للاستثمار.
الزيارة الملكية للولايات المتحدة تصيب أكثر من عصفور بحجر، فالملك قريب هناك من مواقع اتخاذ القرارات العالمية، وهم يحمل عديد من الرسائل من أجل سلام أفضل في الشرق الأوسط، يطفي بؤر التوترات التي شهدتها المنطقة أخيراً، في الحرب بين اسرائيل وايران، وما واجهته المنطقة من تحديات قبل وقف إطلاق النار الذي نجحت الولايات المتحدة في احداثه وايضاً الجهد الملكي المستمر لاطفاء الحرب الرهيبة، حرب الابادة التي تشنها اسرائيل على غزة، خاصة في ظل وعد الرئيس الأمريكي، بإمكانية وقف النار في غزة هذا الاسبوع.
يحدونا الأمل أن يحقق الملك عبد الله الثاني، ما يتطلع اليه من خلال وقف اطلاق النار ومساعدة شعب غزة الذي يموت بالقتل والجوع وأن تبدأ مسيرة سلام يمسك فيها الفلسطينيون بحقوقهم المشروعة وسط عالم صامت على جرائم وعلى قيم ممسوخة.