الروائي اليمني هاني الصلوي: المرأة محاور الحياة.. هذه أمكنتها الطبيعية!
القدس العربي-حوار: عاطف محمد عبد المجيد
ينشغل الكاتب والشاعر والروائي واليمني هاني جازم الصلوي في آفاق متتعددة، تجمع السرد بالشعر بالفكر والنقد والكتابة في الشأن العام، ومجالات عدة أخرى، وهو يرفض مصطلح المفكر، فكل الكائنات، بحسبانه، تقوم بهذه العملية، على تفاوت بينها جميعًا، بل أصبح الفكر الملتبس بالتجسيد ذا كيانات متعددة، منها البرنامج والتطبيق والفاعل الرقمي، ومنها الإنسان المحسن أيضًا، وهي كيانات وكائنات بلا حدٍّ بيّن.
التقيته في هذه الخاطفة وأدرنا حوارًا أو تفاوضًا سريعًا حول عمله الأخير المتمثِّل في روايته التي صدرت في القاهرة في جزئين يربو كل جزءٍ منهما على ثلاثمائة صفحة، عنونها بــ«طفل الثامنة والتسعين نصراني» وقد بدأنا من بؤر الشكل- المحتوى والناقد.
□ بادرتُه: لماذا الناقد؟! هل تتبنى بناء سلطة جديدة بديلة عن تلك المهترئة للناقد بفعل تمزيق المبدعين إياها منددين بالسلطة دائمًا؟!
■ ليس في الأمر نوعًا من السلطوية في النصراني، برأيي طبعًا، حيث لكل داخل الرواية رأيه!، فالناقد في روايتي النصراني سارد بشكل ما، مؤرخ بمقاسات الأزمنة المشتبكة بالأمكنة والأحداث داخل الرواية!
أرأيت أي جهد بذله المؤرخ والناقد «حنبلة» في تجميع تلك المتون وأية مطاردات؟!
□ هل قصدتَ إلى تحسين صورة الناقد؟!
■ لم أعنِ ذلك، لكن انعزاله الدائم ربما مثَّل سببًا وجيهًا لإعادة دمجه في المجتمع قبل النص داخل النصراني! ربما!
□ والمرأة؟! لمَ أعطيتها هذه المحورية داخل روايات طفل الثامنة والتسعين نصراني المترامية؟!
■ المرأة محاور الحياة. هذه أمكنتها الطبيعية! لم أزد حرفًا، بل قصرتُ في إعطائها مكانتها المهمة؛ بسبب محدودية المتن الكتابي!
□ انتابتك هواجس النقصان طيلة العمل، وهو ما قد يفسر، ربما، اشتغالك عليها ما يزيد عن عشرين سنة، إذْ اكتملت كما تورد ملاحظة وضعتها في المستهل “ كتبت .. نسختها الأولى عام 2005 ..» .. كادت تنشر عام 2010م وأوقفتها …» لماذا صبرت كل هذا الوقت؟!
■ تعاورتني، بالفعل، هواجس أكثر من مجرد الخوف من التقصير، ومن مجرد نقصان السردية وفعليات التاريخ…استقصيتُ جوانب شتى في الشخصية / الشخصيات والأحداث، ومع ذلك هناك أشياء كثيرة لم تُستوفَ!
□ لكن..تُقدم عملًا سرديًّا؛ رواية أو روايات، لا متنًا تاريخيًّا، فلمَ الحرص على الدقة والمعلومة والتحقق؟!
■ لا أرمي بعكوفي على الاستيفاء إلى الحقيقة التاريخية بل إلى اللاحقائق السردية والتي تبني التاريخ الفعلي أكثر من المدون والموثق الشاسع والهائل، وغير قابل للحدوث.
□ أستفهم منك عن «من الرجل»؟! مثل استفهام كثيرين في مجاهل الرواية عن الرجل من المعلم سرور وهو يغضب ويرد بــ: لم يسألني أحد من المرأة؟!
■ اسأل البطل إن تسنَّى تحديد مَن هو أو مَن هي!
□ تعج الرواية بأحداث حقيقية تتبعتها من مثل زيارة غاندي لعدن وسعد زغلول والملك جورج الخامس، حتى اسم سفينة غاندي «راجبوتان» كان صحيحًا، وكذلك المصادر مثل إشارة المؤرخ الإغريقي هيرودوت بأن الفينيقيين يقولون بأنهم جاءوا من شواطئ البحر الإريتري، ووو … كيف يتبين القارئ الأحداث الحقيقية في الرواية ويميزها عمَّا اقتضاه السرد؟!
■ كل أحداث الرواية حقيقية سرديًّا يا صديقي، أما علاقتها بما هو مكتوب أو موثق فللقاريء الحرية في التثبت منها، لو كان ذلك يهمه، ولعلك رأيت تلك الإلماحة إلى التحوط من أخذ التاريخ من النصراني، ولعلي هناك أردتُ توضيح أن ما قد يريده شخص ما من التاريخ عليه البحث عنه في كتب التاريخ، لكني مع بناء التاريخ على طريقة جماهير فاعلي النصراني!
□ هل توافق عمر طربوش أو بالأصح ترجِّح شكه بسطو باسم على رواية أخيه المستسهد في حادث ..؟!
■ هل يقول المتن هذا؟! لا تورطني في تقديم إجابة على ما لا أعرف.
□ هل توافق الروائي والشاعر التونسي حافظ محفوظ أنَّ رواية النصراني بمثابة رد على النمطية التي وقعت فيها الرواية مؤخرًا؟!
■ لم يكن في ذهني ذلك عند الكتابة، وربما عمل اللاوعي عمله عند هذه النقطة بالذات! رؤى محفوظ مقدرة لدي دائمًا!
□ من هو سوء الفهم؟! ومن حسن الظن؟! من هاتان الشخصيتان اللتان تتخللان الرواية؟! لماذا أحيانًا نجدهما كما نجد «الشواني» يتلبسان بعض الشخصيات أحيانًا؟!
■ بالنظر إلى عمومية مصطلحات من مثل سوء الفهم، وحسن الظن، والشواني»الحاسدات باللهجة اليمنية» فإن مثل هذه السمات تتلبس أيا كان في أي لحظة أو حدث.
□ كتبت الناقدة والمترجمة الفلسطينية أماني أبو رحمة في صفحتها على فيسبوك «بعد ما بعد الحداثة»: «قرأتُ نسختها الأولى قبل ثلاث سنوات وأدهشني كم التاريخ والتسامح والتعايش والأبطال المهولين أولًا ثم النساء القويات البارعات القائدات اللواتي يدبرن أمر عائلة وقرية وبلد في العلن والخفاء. الحقيقة أنني أحب روايات التاريخ المجهول الذي تحاول السلطات اخفاؤه، الخطابات خارج الابستيم لذلك قرأتها (فرد مرة) على طولها واسترسال صاحبها في السرد حتى تشعر أنه يضيع منك ثم يلتقطه كله دفعة واحدة ويعيده حيث يريد. أمس. سألته عنها في معرض متابعتي لكتبي….فأخبرني عن صدورها. ما يطمئن أن صناعة المعنى ستتواصل طالما تستمر القصص بما فيها تلك التي عن التاريخ، في أن تقال، حتى لو كانت تلك المعاني مؤقتة وغير كاملة. قد يكون التاريخ فارغًا، لكن صناعة التاريخ محتشدة وذات خصوبة لا تُقاوم»…ما تعليقك؟!
■ قرأت الدكتورة الرواية بالفعل، وهي صاحبة منجز مهم جدًا ومختلف.