عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Jul-2022

وحوش بيننا*فايز الفايز

 الراي 

الأصل أن يكون اليوم وما يليه من أيام، أيام فرح بالعيد وتقوى وخلع عباءة الظلم والتنازع واللهث وراء دنيا فانية، ليستقبل الناس يوم عرفة الذي هو خير يوم طلع على الناس برحمة من الله، ولكن يأبى الإنسان إلا أن يكون كفورا، ليس الكفر بتقصيره تجاه الله الذي خلق لنا عقولا تفكر قبل أن تدبرّ، بل هي الكفر في نعمة الله ونعمة البنين والبنات وما قسم الله لنا، ولهذا تتالت جرائم القتل العائلية بأيدٍ آثمة تطال فلذات الأكباد من بنات في عمر الإقحوان وبنين الأصل فيهم أن يكونوا فخرا لوالديهم وأهلهم، ثم نرمي جرائمنا على الشيطان، و?نسى أن الشيطان هو الأنانية والطمع والحقد في قلوبنا.
 
أن يقوم أبٌ وهو ليس بأبٍ بارتكاب جريمة بشعة ضد طفلتين بمواعيد مختلفة ودفنهما دون أن يعرف أحد أو يصمت من يعرف وهو يرى الوحش وقد سن أنيابه ليفتك بأجمل ما قد يرزقه الله، ثم لا أحد يتدخل في الوقت المناسب في محاولة لإنقاذ عصافير العش الجميلات، فذلك مؤشر على الانحلال الاجتماعي في أغلب القضايا، إذ تخلينا عن واجبنا كمجتمع لمنع تلك الوحوش الآدمية من جرائمهم الواقعة على النساء والأطفال، وأقل من ذلك عدم التدخل في المشاكل العائلية قبل ان تتفاقم، فلم يعد اليوم الأخ يتدخل بشؤون أخيه، ولا يراقب العقلاء أبناءهم، ولا يزجي ?حد النصيحة لأحد، وهذا ما جناه علينا التغريب.
 
لا شك بأن هناك جرائم يندى لها الجبين، جرائم عائلية تقع بمحرمات لا تفعلها الحيوانات، ومن يتابع قضايا المحاكم سيشقى بنفسه خوفا وهلعا، ولكن الأمور زادت عن حدودها الطبيعية، فنحن نقبل مجنونا يرتكب فعلاً أو جريمة، ولكن كيف لأب يقتل إبنيه بسبب المال والتنافس على الميراث، وكيف لإبن يقف في وجه أبيه متحديا، ومع ذلك قد لا يحكم على الأب الجاني بالإعدام لأن هناك نصاً شرعيا، على ما قرأت، لا يجيز قتل الوالد لولده، وهذا فيه حكمّة ربانيه، ليذيقه حسرات تأكل قلبه بعد فعلته الآثمة بعكس الإبن القاتل الذي يستوجب القتل فورا.
 
المجتمع تغيّر، والأخلاق باتت في خطر، والضنك الذي يعيشه الناس جعل من غير الممكن السيطرة على أفعال الآخرين، ونحن منهم، فباتت الأكثرية تفطر على ملح بارود، ويثور شاب يقود مركبته بسبب خطأ غير مقصود من سائق آخر لتنتهي القصة بجريمة إيذاء، ومن يراقب الشارع في المقابل سيرى زرافات الفتيات والصبيان اللذين نعوّل عليهم في الأصل، يلاحقون الخطى تائهون بلا هداية، تمتلىء بهم المقاهي والجلسات، وقد تنتهي السهرة بمشاجرة مؤذية كما رأينا بأخذ رؤس الفتيات وسط مجتمع الرجال الذي لم يتدخل بينهم أحدا.
 
أفهم أننا لا نملك سلطة ولا صولجان لتغيير الواقع، ولكن لو كل واحد منا بادر الى مراقبة أبنائه وذاب في أعماق تفكيرهم، وشاركهم آرائهم وتطلعاتهم ومتعهم بذكريات أهله الجميلة، عندما كان الفقر لا يعاب وكانت راحة البال هي رأس مال الإنسان، وطاعة الأولاد فرض لا عرض، لما رأينا تلك الجرائم الوحشية، في مجتمعنا العربي، ليس عندنا فقط بل باتت الجرائم تنتقل لنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث الحرية المجنونة باتت في أيدي الأطفال، وكم من طفل مثل دورا شاهده عبر الهاتف وقتل نفسه، فأين دور الأهل والعائلة والحارة والحي والمدينة?والمجتمع؟ في المجتمع العربي تحت الإحتلال الصهيوني نرى الجرائم التي تحدث هناك قريبا مما يحدث عندنا، ولكن الفرق أننا دولة تحافظ على روح الإنسان، وعلى المؤسسات القضائية والتشريعية أن تعيد النظر بالقوانين التي هبطت علينا من غامض العلم، فالأمن الوقائي مهم ولكن الأمن المجتمعي لا يتحقق إلا بأحكام قاسية تجاه الجرائم الكبرى، وعدم تدخل العباءات المستجدة على الجاهات والعطوات التي ولى زمنها عند أهلها، فيضيّع البعض منهم حق الآخرين ويفلت الجاني من جنايته.
 
هذه أيام مباركة، علّ الله يكتب للجميع فيها الخير.. وكل عام وأنتم بخير.