عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Dec-2020

الإذاعة الأردنيّة وذاكرة طفل: (1) مفاتيح*أ.د. وائل عبد الرحمن التل

 الدستور

منذ كان عمري سبع سنوات وأنا ألتحقُ بوالدي «رحمه الله» في «دار الإذاعة الأردنيّة» بعد «حَلّة» المدرسة مباشرة بديمومة متدرّجة بين (1972- 1980م)، وكان التحاقي فيها آخر سنتين في الفترة المسائية يومياً لتعييني على نظام المياومة «مراقباً للدوام»، هذا غير المُتفرّق من أيامٍ إلى عام 1983م؛ فدارُنا التي بنيناها مطلع عام 1971م في مضارب عشيرة (الحويان) الأصيلة العزيزة (ألف تحيّة) هي بجوار «دار الإذاعة الأردنيّة» وتفصلُها عنها خطوات و»قَطْعَة شارع».
 
حتّى في صباحات يوم الجمعة، بعد تناول الفطور بخبز أمّي رحمها الله، تنعّمتُ بالدخول إلى «دار الإذاعة الأردنيّة»، حيث كانت تحتضن مجموعتين من الأطفال، مجموعة لبرنامج «ماما هديّة» بصحبة المبدعة «هديّة ميرزا»، ومجموعة «كورال أطفال الإذاعة» بصحبة الفنان «فؤاد أسعد» (أبو خضر) والذي التحقتُ به للتخفيف من حِدَّة النشاز في صوتي، وسجّلت معه لاحقاً أغنيتين في «الإذاعة الأردنيّة» و»التلفزيون الأردني» أتذكّر أنهما من كلمات الشاعر محمد الظاهر وهما «شَهر مفضَّل على العام» و»طِلْع الفَجْر والطّير غَنّى»، نعم أعترفُ أن نجاحي في هذا الكورال كان محدوداً إلّا أن بعض الأطفال مِمَّن كان معي قد نجحَ وأَبْهَرَ مثل الفنانة القديرة «أمل الدبّاس» والصوت الخَرير «نَهاوَند» (ناهد خميس).
 
أمّا أيام الإجازة المدرسية السنويّة، باستثناء تلك الفترة منها التي كنّا نقضيها في دار جدّي بإربد، فقد تنعّمتُ بالتواجد في «دار الإذاعة الأردنيّة» مع الساعة الأولى من افتتاح البثّ اليومي، فوالدي كان أوّل الإداريين دواماً، فما تكاد السادسة والنصف صباحاً تمضي إلا وهو على رأس عمله، ومعظم الإداريين كانوا يدخلون الدّار مبكرين عن الساعة الثامنة لانضباطهم من جهة، ولأن رؤساءهم كانوا يسبقونهم إلى الدوام من جهة أخرى، وقد كان بين كبار الإداريين في ذلك الوقت تنافس على الالتزام والإنتاجية، انتماء وولاء، دون زيادة على راتب أو مكافآت عمل خارج أوقات الدوام الرسمي، فكان يكفيهم منها نجاح مشروعها وطيبها، وأتذكّر منهم هذه اللحظة «مع التقدير»: سامي السّعيد وسليمان المشّيني وإبراهيم سعادة وعلي مكاحلة وأسامه عصفورة ويوسف العريني، ولن أنسَ تلك الجائزة التي حُزتُها بعد فوز والدي في تحدٍّ على الدوام المبكر مع «سامي السّعيد»، مدير دائرة الرّصد، الذي حضر يومها إلى مكتبه الساعة الخامسة صباحاً فوجد والدي في مكتبه يسبقه، وقد كانت جائزتي (حقيبة دبلوماسية، وقاموس المَورد إنجليزي عربي، وقاموس أُكسفورد إنجليزي إنجليزي)، هكذا كلّهم كانوا.
 
أخيراً، لقد حظيتُ وأنا طفلٌ بين (1972- 1980م) (بـِ، وفي، ومِن، وعَن) «إذاعة المملكة الأردنيّة الهاشميّة» بمفاتيح لم يحظَ بها طفلٌ في الأردن، ويأتي بعدي بمسافة بعيدة في طفولتهما الإعلاميان المتميزان، والمشتاق لهما، «نبيل محمود أبو عبيد» و»لؤي علي مسلّم»، وللحديث بقيّة.