حرية منقوصة… معارضو السيسي يواجهون تدابير احترازية وعقوبة مراقبة بعد الإفراج عنهم
القاهرة ـ «القدس العربي»:حرية منقوصة، هذا هو حال السياسيين والناشطين المصريين المفرج عنهم بعد قضاء عقوبة سجن لسنوات، فهم محاصرون بين إجراءات الحبس الاحتياطي، والتدابير الاحترازية.
فما بين حكم مكمل بالمراقبة لسنوات، يقضي بموجبه السياسي نصف يومه في قسم الشرطة، وبين تدابير احترازية، تقضي بوجود الشخص في القسم ليومين أو ثلاثة في الأسبوع لعدة ساعات، يظل المعارض المصري المفرج عنه مقيد الحرية.
ورغم تقييد حرية السياسيين والناشطين، فإن حقوقيين فضلوا الإفراج عن متهمي الرأي بتدابير احترازية، عن استمرارهم قيد الحبس الاحتياطي، خاصة أن عددا من النشطاء والسياسيين يخضع للحبس الاحتياطي على ذمة القضايا، لمدد تزيد عن الثلاث سنوات، رغم أن القانون المصري ينص على أن لا يزيد الحبس الاحتياطي عن عامين.
الناشط السياسي المصري، علاء عبد الفتاح، الذي أفرجت السلطات المصرية عنه في ساعة متأخرة من مساء الخميس الماضي، بعد خمس سنوات قضاها في السجن لإدانته بالتظاهر دون ترخيص في قضية ترجع إلى عام 2013، سيخضع لفترة مراقبة أمنية تستمر خمس سنوات أخرى، بموجب الحكم الصادر عليه في القضية نفسها.
ووفقا لذلك، يتعين عليه تسليم نفسه إلى قسم الشرطة ليبيت فيه كل ليلة أو يمكث فيه ساعات ضمن ما يسمى بالإجراءات الاحترازية.
وقبل يومين، قررت محكمة جنايات القاهرة، إخلاء سبيل الصحافي والباحث هشام جعفر، مدير مؤسسة «مدى للتنمية الإعلامية» بتدابير احترازية، على ذمة التحقيقات في القضية المتهم فيها بالانضمام إلى جماعة محظورة.
ويواجه جعفر المحبوس منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2015، تهم «الانضمام إلى جماعة محظورة أسست على خلاف القانون وتلقي رشوة دولية»، في القضية رقم 720 لسنة 2015 حصر أمن دولة.
علاء عبد الفتاح مطالب بقضاء 12 ساعة يوميا في مقر أمني… وهشام جعفر يراجع قسم الشرطة دوريا
وكانت أجهزة الأمن قد داهمت مقر مؤسسة «المدى للتنمية الإعلامية» في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، وألقت القبض على جعفر، الذي عمل سابقاً رئيساً لتحرير شبكة «إسلام أون لاين» و«أون إسلام».
وكان جعفر قد حاول الترشح لانتخابات نقابة الصحافيين الأخيرة، لكن أوراق ترشحه رفضت بسبب مواد قانونية تتطلب تسليمه الأوراق بنفسه.
وتتمثل التدابير الاحترازية في مراجعة المتهم لقسم الشرطة الذي يسكن في دائرته يومياً أو بشكل دوري، أو عدم مغادرته المنزل ومتابعته فيه بواسطة فرد أمن من قسم الشرطة، بالإضافة لمنعه من السفر.
من غروب الشمس إلى شروقها
ومنذ خروج الناشط السياسي المصري أحمد ماهر من زنزانته، في يناير/ كانون الثاني 2017، بعد قضاء حكم بالسجن لمدة 3 سنوات، وهو مضطر للمبيت يوميا في قسم الشرطة الذي يتبعه محل إقامته.
ويخضع ماهر لعقوبة المراقبة لمدة 3 سنوات، بدأت عقب إطلاق سراحه مباشرة، وتتم بقسم الشرطة الذي خرج منه، إذ يتوجب عليه المبيت في القسم يومياً دون استثناء من غروب الشمس إلى شروقها، وحال وجود ظرف طارئ، سواء كان مرضا أو غيره، يحصل على موافقة من رئيس مباحث القسم بالاستئذان فى ذلك اليوم فقط.
وطبقا للعقوبة، فإن ماهر ملزم بإخطار القسم بأي تعديلات أو تغييرات تطرأ على محل إقامته، والتوقيع في نموذج المراقبة الذي يحرره كل مفرج عنه في القسم، كما يوقع عليه رئيس المباحث في حضوره.
وعقوبة المراقبة من التدابير الاحترازية نص عليها قانون العقوبات، وتقضي بها المحاكم ضد المحكوم عليهم في قضايا الأمن العام، لضمان عدم عودتهم لارتكاب الجرم نفسه مرة أخرى.
إجراء تعديلات
«المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» طالبت في بيان المستشار النائب العام بـ«إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا في قضايا الرأي والتعبير أمثال المهندس يحيى حسين عبد الهادي والسفير معصوم مرزوق، وضرورة إجراء تعديلات على المواد المتعلقة بالحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية لكي تتوافق مع الدستور المصري ومواثيق وإعلانات حقوق الإنسان الموقع عليها من قبل مصر».
ورحبت بـ«قرار محكمة جنايات القاهرة بإخلاء سبيل الصحافي والباحث هشام جعفر»، مشيرة في الوقت نفسه الى أنه قرار مشروط بـ«تدابير احترازية تتمثل في مراجعة المتهم لقسم الشرطة الذي يسكن في دائرته يوميًا أو بشكل دوري، أو عدم مغادرته المنزل ومتابعته فيه بواسطة فرد أمن من قسم الشرطة، بالإضافة لمنعه من السفر».
إلى ذلك، دعا حافظ أبو سعدة، رئيس «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» إلى «ضرورة الحد من اللجوء إلى الحبس الاحتياطي إلا في الجرائم الجسيمة، مع منح السلطة القضائية من أن تختار التدابير البديلة تبعًا لحالة كل قضية وكل متهم على حدة».