التقدم لرتبة الأستاذية للمرة الثالثة
الراي - عنوان الحلقة «التقدم لرتبة الأستاذية للمرة الثالثة»؛ قلب الحقيقة المؤلم، الذي ينبض الأمل والإصرار، وسلاح المناعة ضد هزائم الزمن لليأس الذي وُئِد من ملفاتي منذ الصغر، فتحقيق النجاح بالدرجة الكاملة هدف حصري بدون بدائل حتى لو طال أمد التضحيات، وتحديدا لمن يعتمد على الجهد الذاتي، وقد ذكرت بحلقتي السابقة أن قرار مجلس العمداء الموقر بعدم إجازة ترقيتي لرتبة الأستاذية بتاريخ 2018/5/28 للمرة الثانية لم يدخل الحقد لداخلي، ولم يزرع روح الانتقام أبداً، فقد رضعت التسامح بوازع عائلي وشخصي وديني ووطني، بإيمان مطلق أنه االله هو الكفيل بترجمة الأحلام، وهو راعي الإنصاف والعارف بباطن النوايا، فالألغام التي زرعها البعض قد تنفجر بدوي صوت يطرمهم، والأسافين التي نصبها الحقد سوف تنبت وتجذر بقلوب رعاتها، وسهام التجريح والتشكيك التي صوبها ذراع الغدر ستقتل أخلاق عرابيها، بل تنهدت وابتسمت بسعادة كما توقعت فقدري برصف طريق المجد أن أكافح وأجاهد، لأن قاموس معرفتي وعملي يفتقر لفقرة اليأس، ومشاريع النجاح التي رسمتها ونفذتها بلورت أبعاد التفكير الصحيح ببدائل واقعية للنتائج، وهذه المرة تحديدا، كنت جاهزا للتقدم للترقية للمرة الثالثة منذ تقدمت في المرة السابقة، درس الاستعداد تعلمته من حقل التجارب المتراكمة، فكنت محققا لجميع الشروط باستثناء شرط المدة حسب قرار مجلس العمداء، فهناك عقوبة انتظار مدتها ستة شهور من تاريخ صدور القرار حسب تعليمات الترقية الجامعية النافذة، شهدت الجامعة خلالها تغييرات إدارية منحتني بصيص أمل مضاف بعد القناعة بحيادية مستحقة، بعيدا عن مواقف مبرمجة ما كان يجب أن تؤثر بمصير الترقية.
الوقت عدو قاتل، والنسيان نعمة الزمن، فعليّ الانتظار، لأنني لا أملك فيتو الاعتراض، وتقدمت بطلبي حسب الأصول بتاريخ 2018/11/28 ،لأدخل بدوامة تأخير مستجدة، فقد تغيرت التعليمات من التقدم بطلب ورقي إلى التقدم بطلب إلكتروني، وربما أنني عضو هيئة التدريس الأول بالكلية الذي طبقت عليه الشروط الجديدة، وهي بقالب شقيقتها الكبرى القديمة، ولكن هناك بعض الإشكالات الفنية التي تحتاج لتدخل المعنيين في دائرة الحاسوب، صاحبة الامتياز لتذليلها، وبعد سلسلة من الإجراءات الروتينية التي تبدأ بالقسم، ثم الكلية، ومن بعدها أمانة سر المجالس بالجامعة، فقد تشكلت لجنة تقييم الأبحاث العلمية بتاريخ 2019/3/18 ،ليبدأ مسلسل الانتظار والوحام، وتوقع النتائج بأولويات، بالرغم أنني تقدمت بعشرة أبحاث جديدة، منشورة بمجلات علمية محكمة من الدرجة الأولى، ومحققا لضعف عدد النقاط المطلوبة، إلا أن ذلك لم يمنحني قناع الطمأنينة، بالرغم أنني لأعترف اليوم بعدم وجود ضمانة أو وعد للترقية مهما كانت ظروف التقدم، فهناك مساحة معتبرة للقدر والحظ، وهناك درجة من التفاوت بين تقديرات المقيمين، وهناك حد أدنى من تحقيق درجات الرضى، وهناك القناعة بأن للخبر المفرح توقيتاً مقدساً بحياتنا، يجعلنا نمتطي جواد الانتصار.
حوادث القدر الربانية لها حكمة ومنها دروس وعبر، فقد كنت الصابر الذي يعطي أولويات الغير على ذاته، وأنا أدرك بمعاناتي من حساسية صدرية، تعالجت لها للمرة الأولى عام 2006 بتشخيص وعلاج لأسباب وتسميات متداخلة، منحتني وسادة قيلولة ولكنها بحاجة للمتابعة والاستمرار، ولكن الظروف العائلية، وقضية المحكمة، قفزت لقمة سلم الاهتمام، فخضع القارب الصحي للعلاج المرحلي المعتمد على التأجيل والترحيل للغد، وتطور الإرهاق لأي جهد باستنكار ذاتي حتى لا أسبب قلقاً لعائلتي تحديدا، قكابرت على ذاتي، ونجحت لفترة قصيرة قبل مطاردة ومحاصرة من قبل ابنتي الكبرى الدكتورة فرح حديثة التخرج، ومشاورات مع أشقائي الدكتور كريم والدكتور أكرم في الولايات المتحدة، بل وواجهت حصارا من الزمن بتطور حالتي الصحية التي منحتني جواز دخول إلزامي للمستشفى كمريض بقسم الرعاية الحثيثة، يعاني من صعوبة بالتنفس والجهد، وبعد انتهاء صلاحيات الحجج التي تذرعت فيها، ورغبة مفروضة لإعادة التقييم بالتشخيص وما يترتب على ذلك من تغير بالقافلة العلاجية، لأمكث هناك فترة زمنية امتدت إثني عشر يوما للشفاء التام، تجربة مرضية ساهمت بتغير إيجابي بمنحى سلوكي المهني بنوعية الخدمة الطبية التي يطمح فيها المريض من طبيبه، وسحر كلمات الطبيب المعالج بالشفاء، وزيادة التقدير لعامل الوقت الذي يساعد بسرعة الاستجابة للعلاج، وقيمة الابتسامة التي تروي الأمل للمريض مغروسة بحديقة التواضع والاحترام، وهنا أود أن أوضح أن سلوكي الطبي كان خلال فترة الإقامة في المستشفى، هو سلوك المريض المثالي المطيع لتعليمات الطبيب المعالج، أكلت وشربت ما يقدم من وجبات غذائية بالموعد والجودة، فاستعادة تملك الأسهم الصحية أمنية لمن يخسرها لقيمتها التي لا يمكن شراؤها أو تعويضها بالمال أو الزمن، وتستحق التضحية لإجلها لأنها الأساس بجميع محطات الحياة، وقد مُنحنا إياها بالتساوي، فاجتهدنا بالتفسير لأولوياتها، ولا يقدر قيمتها إلا من يخسرها ويفقدها، حيث أثبتت فحوصات هذا الأسبوع (أي بعد سنة بالكمال والتمام) الإشعاعية، والمخبرية، والتنفسية، الشفاء التام والعودة الطبيعية لجميع وظائف الجسم بصورتها المثالية التي أتمناها للجميع.
انتهت الفترة الحرجة من العرض الصحي العارض، ضمن خطة علاجية التزمت بأدق تفاصيلها، لم تمنعني من التفكير بالترقية، ففكرت وكتبت وتولدت لدي أفكار بحثية وأنا أسيرٌ لسرير الشفاء بالمستشفى، تمهيدا للخطوة التالية بالتقدم للترقية إن لم أوفق، مكررا قولي بعدم وجود ضمانة للترقية، لأسباب نجتهد بجزئية منها ومحاولة تفسير الجانب السحري والسري بأجندتها، ووجدت دعما عائليا لتروية طموحاتي بتضحيات ممتدة، ساهمت بنمو الهمة والأمل بشكل مضطرد ومتناسب، انتظارا لقرار مجلس العمداء القادم وقد إرتديت ثوب الأمل بتحقيق الغاية بتحفظ وللحديث بقية.