ناديا عبدالله الخطيب .. فنانة المرأة: حين تتحول الريشة إلى مرآة الروح الأنثوية
الدستور - رنا حداد -
في لوحاتها، المرأة ليست مجرد شكل أو ملامح، بل حكاية كاملة تسكن الألوان والظلال. الفنانة التشكيلية الأردنية، ناديا عبدالله الخطيب، التي عُرفت بلقب «فنانة المرأة»، اختارت أن تجعل من الأنثى بطلة أعمالها، لتتحدث عنها وتكشف أسرار قوتها وضعفها، حضورها وغيابها، حزنها وأحلامها. بالنسبة لها، الفن لم يعد مجرد هواية، بل حياة كاملة تتنفسها وتعيشها يوميًا.
منذ بداياتها، وجدت الفنانة أن المرأة هي أصدق موضوع يمكن أن يُرسم. تقول: «كل لوحة أرسمها تحمل في داخلها امرأة، ربما هي أنا، ربما نساء التقيتهن، وربما وجوه لم تولد بعد. المرأة هي القصة التي لا تنتهي، هي المرآة التي تعكس العالم كله».
هذا العمق يتجلى بوضوح في لوحاتها: انظر اللوحات المرفقة :
- في لوحة ثلاث نساء يقفن بملابس داكنة وبيضاء، تتجلى صورة الأنوثة ككيان جماعي، كأسرار متشابكة بين صداقة، تواطؤ، أو ربما صمت مشترك.
- أما في لوحة المرأة الجالسة أمام وعاء الغسيل الكبير، فالألوان الترابية والملابس المعلقة خلفها تحكي عن يوميات المرأة العاملة، تلك التي تخفي وراء التعب ملامح صامدة وعينين مثقلتين بالحلم.
- وفي لوحة أخرى، تظهر امرأة بوجه منقسم كأنها تحمل أكثر من ملامح، وعلى كتفها حمامة بيضاء، لتبدو كرسالة مزدوجة عن الضعف والحرية، عن القيد والانعتاق في آن واحد.
«كيان».. معرض يروي الذات
قبل شهر فقط، افتتحت الخطيب معرضها الشخصي الأول تحت عنوان «كيان»، وهو الاسم الذي يعبّر بصدق عن جوهر أعمالها. كان المعرض بمثابة شهادة بصرية على أن المرأة ليست تفصيلًا في لوحاتها، بل هي المركز، الروح، الكيان كله. كل زائر خرج من القاعة وهو يحمل داخله جزءًا من امرأة رُسمت هناك: أم، عاملة، عاشقة، صامتة، أو حرة.
وبما أن الفن رسالة إنسانية لا تقف تجربتها عند حدود اللوحة. فالفنانة درست تربية الطفل، وتفرّغت لتعليم الرسم للأطفال من خلال ورشات ودورات متخصصة. ترى أن اللون بالنسبة للطفل ليس مجرد متعة، بل لغة بديلة للتعبير عن الذات، أحيانًا أصدق من الكلمات.
إلى جانب ذلك، جعلت من الفن جسرًا للتضامن الإنساني، فشاركت في فعاليات لدعم أطفال غزة، وأقامت ورش رسم للأطفال في جمعية السكري. بالنسبة لها، الريشة ليست أداة شخصية، بل وسيلة للعطاء والأمل.
فنانة المرأة.. وصوت الألوان
رحلتها الفنية والإنسانية معًا جعلت لقب «فنانة المرأة» أكثر من مجرد تسمية؛ صار هوية ورسالة. فهي ترى أن كل لوحة امرأة جديدة، وكل امرأة لوحة جديدة. في فضائها الفني، الأنثى ليست رمزًا ثانويًا، بل الحياة نفسها وقد وُلدت من جديد باللون والظل.