عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Sep-2025

الذكاء الاصطناعي والبحث العلمي: الجامعة الأردنية نموذجا*د.نهلا عبدالقادر المومني

 الغد

صدرت مؤخرا التعليمات الناظمة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم والبحث العلمي والإدارة عن الجامعة الأردنية، وهي خطوة مهمة في مجال البدء بتقنين استخدام هذه الأداة المستحدثة في مجالات البحث العلمي وتوظيفها.
 
 
وفي هذا السياق لا بد من التأكيد على أنه بقدر أهمية التكنولوجيا الناشئة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي في النهوض بالبحث العلمي وأدواته، وما يشكله من انعكاس حقيقي لقدرة الأفراد على التمتع بحق مهم أشارت إليه المعايير الدولية لحقوق الإنسان وهو الحق في التمتع بفوائد التقدم العلمي من قبل الأفراد والفئات كافة على اختلاف أطيافهم، بقدر ما تشكل هذه الأدوات المستحدثة في الوقت ذاته تهديدا لأصالة البحث العلمي، وقدرة الأفراد والباحثين على الإمعان في التفكر بعيدا عن القوالب الفكرية الجاهزة، التي أصبحت مع الذكاء الاصطناعي تأخذ أشكالا متشابهة، بما في ذلك تشابه اللغة والمصطلحات وحتى آلية السرد وطرائقه.
من هذا المنطلق تبرز تعليمات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي والإدارة كضابط مساهم في تحقيق عناصر النزاهة والشفافية في البحث العلمي، وتعزز معايير الأصالة والتميز والارتقاء بمضامين البحوث في جوهرها، وضمان أن لا ينساق الجيل الجديد من الباحثين خلف هذه الأدوات دون ضوابط.
أبرز ما يميز هذه التعليمات أنها نصت على مبدأ الإفصاح، والمتمثل في ضرورة الإفصاح عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الأكاديمية والتقارير وتحميل المستخدم المسؤولية عن أي سوء استخدام.
كما صنفت هذه التعليمات استخدام الذكاء الاصطناعي في الجامعة إلى ثلاثة مستويات؛ يتمثل أولها في استخدام مسموح به دون الحاجة إلى الإفصاح؛ ومرد ذلك أن هذا الاستخدام لا يؤثر على نواتج العملية التعليمية أو البحثية. أما المستوى الثاني فيتمثل في السماح باستخدام هذه الأدوات بشرط الإفصاح، حيث يسمح باستخدام الذكاء الاصطناعي بعد الإفصاح والحصول على الموافقة المسبقة من المرجع المختص. أما المستوى الثالث والأخير فيتمثل في عدم السماح باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي؛ نظرا لأن عملية الاستخدام في هذا الإطار تخل بالعمل الأكاديمي أو البحثي أو الإداري مثل تقديم مخرجات الذكاء الاصطناعي كعمل أصيل.
كما أكدت التعليمات مسألة مهمة وهي اعتبار استخدام الطلبة أو اعتمادهم لهذه الأدوات في الامتحانات أو الواجبات غشا أكاديميا، تطبق عليه الإجراءات التأديبية. أما بالنسبة لأعضاء الهيئات التدريسية فيمكنهم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تطوير الخطط الدراسية وتحضير الأنشطة الصفية وتحسين إستراتيجيات التدريس مع التأكيد على ضمان دقة المخرجات.
 خلاصة القول تعليمات استخدام الذكاء الاصطناعي في البحث العلمي والإداري لا شك أنها خطوة نوعية ومتطلب ضروري لأي جامعة تسعى للحفاظ على قيمها وتميزها ونزاهتها.
الجامعة الأردنية التي سبق وأصدرت تعليمات تنظم استخدام طلبة الدراسات العليا لأدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة الرسائل الجامعية، تنبهت مبكرًا لأهمية هذا التنظيم لتضمن أن تبقى الأصالة والابتكار الإنساني رائدا في ما تقدمه من نتاجات علمية، ولتبقى دوما أمّ الجامعات وباكورة حلم الأردن بدولة قوامها العلم المقرون بحسن الخلق.