عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Feb-2019

تقبل الواقع والتعایش معه.. هل یحقق لك النجاح؟

 

علاء علي عبد
عمان –الغد-  یمیل الكثیر من الأشخاص لدفع كل ما ھو سلبي في حیاتھم بعیدا عنھم، بدون أن یدركوا بأن ما نقاومھ بقوة یبقى لمدة أطول، وما نحاربھ في الحیاة یصبح أكثر قوة واستمراریة.
مسألة تقبل الواقع أو محاربتھ تبقى مسألة اختیار، فلكل منا الخیار إما التصالح مع واقعھ وتطویعھ لیخدم تقدمھ أو یعیش في حرب مستمرة، ویمنحھ القوة التي تسمح لھ بالبقاء ومقاومة التغییر.
من الحقائق التي تخفى على الكثیرین أن قبول الواقع لا یعني الاستسلام للظروف وإنما یعني ببساطة ترك المعركة والتفرغ للارتقاء الذاتي وتحقیق الأحلام، فتقبل الواقع لا یعني على الإطلاق تخلي المرء عن أحلامھ التي یجد سعادتھ بالحصول علیھا.
المشكلة لدى الكثیر من الناس أنھم یخلطون بین التقبل والاستسلام، فھم یفسرون قبول الواقع بأنھ
دعوة لخفض طموحاتھم والتوقف عن الاھتمام بما یدور من حولھم، لكن الواقع عكس ذلك تماما، فلا یمكن للمرء أن یحسن أیا من جوانب حیاتھ ما لم یتقبلھ بشكل كامل.
الشاعر والتربوي الأمیركي ھنري لونغفیلو، یقول ”إن تقبل الواقع یعني أن یتقبل المرء مسألة ھطول المطر كون المطر سیھطل شاء ذلك الشخص أم أبى وھنا یكون علیھ التركیز على الأشیاء التي تقع تحت سیطرتھ كأن یمسك مظلة تمنع البلل عن ملابسھ، لكن تلك المظلة في الوقت نفسھ لن تمنع المطر من الھطول“.
وبما أن مسألة قبول الواقع من عدمھ اختیاریة بید المرء، فإن معظم المشاكل التي یتعرض لھا یكون مسؤلا عنھا بشكل أو بآخر بسبب اختیاراتھ أو توقعاتھ الخاطئة؛ فعلى سبیل المثال، فإن المرء دائم التوقع أن تسیر أموره بطریقة ما سیجدھا تسیر في بعض الأحیان بعكس ما یشتھي ویتوقع، وھذا یحدث كونھ لا یملك السیطرة على الأحداث التي تمر بھ.
أغلب المشاكل التي یتعرض لھا المرء تكون بسبب اختیاره عدم تقبل حقیقة أن الأشیاء من حولنا لا نملك السیطرة الكاملة علیھا أو ربما لا نملك السیطرة علیھا إطلاقا، لذا فنحن لسنا مثالیین ولا یمكننا تغییر الآخرین من حولنا لیتصرفوا بالطریقة التي ترضینا. وأیضا نحن لا نملك تغییر الماضي ولیس لدینا السیطرة الكاملة على المستقبل، یمكننا فقط أن نطور من أنفسنا لمحاولة جعل مستقبلنا كما نشتھي لھ أن یكون.
نصل الآن للسؤال حول الكیفیة التي یمكن للمرء من خلالھا أن یتحول من الرفض إلى القبول للواقع الذي یعیشھ. ذكرنا في بدایة الموضوع أن الكثیر من الناس لیسوا سعداء في حیاتھم، فھؤلاء الأشخاص لا یریدون أن یكونوا في مكانھم الحالي، في أجواء عمل سامة أو عدم التوافق مع شریك/ة الحیاة أو حتى المرور بأزمة سیر خانقة.
لو نظرنا لمسألة التواجد ضمن بیئة عمل سامة فیمكن حلھا بترك ھذا العمل لو امتلك المرء فرصة عمل أخرى، لكن لو طبق أسلوب الترك على كل مشكلة تواجھھ، فإن الأمر سیتحول لسعي من أجل تجنب رؤیة الواقع على حقیقتھ. لذا فالحل دائما تقبل الواقع مھما كانت درجة سلبیتھ وبعد ذلك یمكن إیجاد الطرق المناسبة لتحسینھ؛ إذ إن قبول بیئة العمل السامة وعدم الخروج منھا ومحاول الحدیث الودي مع من حولك بالعمل لربما یجعلك تكتشف أن الأمر لیس بالسوء الذي كنت تراه وأنت تسعى لتجنب البیئة عبر تركھا، والأمر نفسھ ینطبق على باقي الأشیاء التي تمر بحیاتنا، فقبولھا الحل الأمثل لتغییرھا للأفضل.