عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Nov-2020

ذكرياتّ عمَّان وخبرات متعددة في الطب والرياضة والفن

 الراي-  وليد سليمان

عبد الفتاح البستاني هو من شخصيات مدينة عمان المعروفة بنشاطاتها المتعددة منذ بداية ستينيات القرن الماضي في: طب الاسنان, ورياضة الفروسية والتنس والسكواش والتزلج على الماء, وثقافة الآثار والفن التشكيلي والأدب والإبداع.
 
وُلد الدكتور عبدالفتاح البستاني في مدينة عمان, حيث تعلم بالمرحلة الابتدائية في إحدى مدارس اللويبدة» مدرسة العلوم الاسلامية", والمرحلة الثانوية في «مدرسة كلية الحسين» في جبل الحسين، وفي العام 1955 حصل على الشهادة الثانوية» المترك الاردني» ليذهب بعد ذلك الى دمشق لدراسة طب الأسنان.
 
في جبل اللويبدة
 
وحول نشأة الدكتور"عبد الفتاح البستاني منذ الصغر تحدث قائلاً لِـ أبواب: الرأي:
 
ولدت عام 1937 في عمان بجبل اللويبدة, حيث كان حي اللويبدة مرتع طفولتي وصباي, إذ كان ولا يزال حي اللويبدة من أهدأ وأجمل أحياء عمان واكثرها ألفة، بالرغم من اتساعه مؤخراً باتجاه منطقة العبدلي وإشرافه على بداية منطقة الشميساني في عمان.
 
وكان والدي قد بنى منزلاً لعائلته في جبل اللويبدة في الثلاثينيات من القرن الماضي بالقرب من ومستشفى لوزميلا العريق ودائرة الاراضي والمساحة, وليس بعيداً عن حديقة دوار حاووز اللويبدة–والذي كان يُسمى أيضاً قديماً دوار محمد علي العجلوني, أو كما يُسمى الآن دوار باريس.
 
وكان في محيط منزلنا بيت رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي- الأول، وكانت هناك طُرق للنزول الى وسط البلد منها: درج الكلحة الشهير ونزلة سينما الخيام القريبة من البريد, عدا عن الشوارع المؤدية الى شارع الملك الحسين, أي شارع السلط قديماً.
 
مدرسة كلية الحسين الثانوية
 
وعن المدرسة الحكومية الشهيرة «كلية الحسين» والتي التحق بها د. البستاني بعد الابتدائية – والتي تقع على قمة جبل الحسين مقابل بيتهم في جبل اللويبدة, يقول:
 
كان من أحلام وأماني الطلبة في عمان وما جاورها؛ ان يدرسوا في مدرسة كلية الحسين–التي استمدت اسمها من اسم الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى وقد تأسست عام 1994-, فقد كانت من أشهر وأرقى المدارس الثانوية في عمان.. وكان ثاني مدير لها «راضي عبد الهادي» حيث كان شاعراً وقاصاً وشخصية تربوية وإدارية متميزة.
 
ومن المعلمين الذين درَّسوا فيها بتلك الفترة عبدالعزيز الخياط الذي أصبح فيما بعد وزيراً للأوقاف, واحمد اللوزي الذي أصبح رئيساً للوزراء,وغيرهم الكثير من الشخصيات المعروفة فيما بعد.
 
المعلم سليم الرشدان
 
وعن أحد المدرسين وهو «محمد سليم الرشدان» يقول البستاني: كان مدرسنا للغة العربية وكان شاعراً وكاتباً للقصص والمقالات، فقد كان يطلب منا زيادة على دروس العربية ان نقرأ كل شهرٍ كتاب ما, ثم نلخصه ونقرأ التلخيص بعدة صفحات في الصف ثم مناقشة ذلك معه ومع الطلاب.
 
ويقول البستاني حول ذلك: أذكر أنني قرأت عدة كتبٍ ولخصتها وقدمت ذلك أمام المعلم الرشدان وطلاب الصف، وكانت عن: جبران خليل جبران ونزار قباني وابو القاسم الشابي.
 
ويقول: كان عدد الطلاب في كل صف حوالي عشرين طالباً فقط, وكانت العلاقة بين الطلاب والمعلمين علاقة تقدير واحترام متبادل.
 
من الزملاء الطلاب لعبد الفتاح البستاني في تلك الفترة كان منهم الشخصيات التالية: سطام المجالي وطاهر حكمت ومحمد بشير شريم وباسل البسطامي وغازي الرفاعي ومهنا الدرة وممدوح خورما...الخ.
 
مشياً على الاقدام
 
ويستذكر د. البستاني أيضاً: كنت وجميع زملائي نذهب للكلية مشياً على الاقدام، ولم يكن يحضر بالسيارة سوى اثنين من زملائنا من سكان الزرقاء هما: سطام حابس المجالي الذي أصبح طبيباً جراحاً في الخدمات الطبية الملكية برتبة لواء، والثاني طاهر حكمت الذي أصبح فيما بعد وزيراً للعدل ورئيساً للمجلس القضائي الأعلى اللذان كانا يحضران الى الكلية في سيارة روفر عسكرية، وكنا طبعا نحسدهم على ذلك.
 
والصفوف في مدرسة كلية الحسين لم تكن مكتظة تلك الايام، وكان الاساتذة يعرفون الطلبة فرداً فرداُ بأسمائهم وقدراتهم الذهنية ويهتمون بهم الى أبعد الحدود، وكان للمعلم مكانة اجتماعية محترمة ومرموقة.
 
الشعور القومي العروبي
 
وكنا نحن طلاب وشباب عمان بتلك الفترة القديمة نتميز بالحس الوطني والانتماء القومي العروبي؛ فقد كنا نخرج في مسيرات تضامنية تأييداً لنضالات الشعب الجزائري ضد التعسف الاستعماري الفرنسي, وضد العدوان الثلاثي على مصر بسبب تأميم قناة السويس, وتأييدا للقضية الفلسطينية كذلك.
 
شباب عمَّان زمان
 
حياة شباب عمان الاجتماعية تلك الايام كانت بسيطة، فمن تعلم السباحة منهم فقد تعلمها في بركة المياه الجارية على حافة سيل عمان قرب جسر المهاجرين، وأنا واحد منهم.
 
ومن أراد أن يرفه عن نفسه كان يذهب لسينما البتراء خلف المسجد الحسيني، ومن أراد ان يتمتع بالاستحمام مع رفاقه كان يذهب الى الحمام الوحيد في عمان في شارع طلال قرب نزلة وادي سرور، ومن أصيب بمرض كان يذهب للدكتور عبدالرحمن شقير في شارع الملك طلال، أو إلى الدكتور منيف الرزاز في شارع بسمان، ومن أصيب بحادث كان يذهب الى الدكتور تيزيو في المستشفى الإيطالي قرب جسر المهاجرين، أو إلى مستشفى الدكتور قاسم ملحس على الدوار الاول بجبل عمان.
 
العلاقات الاجتماعية
 
أما العلاقات الأسرية فكانت متينة جداً، فللوالدين هيبة واحترام شديد، والأخوة والأخوات متضامنون في كل شؤون حياتهم, وعلاقتنا بالجيران كانت تتصف بالمودة والتسامح.. كذلك الأمر مع زملاء الدراسة مسلمين ومسيحيين أخوة في الله وفي الوطن.
 
ولم يكن يشغلنا شيء سوى الدراسة والمطالعة الجادة، ومساعدة الأهل في الاعمال المنزلية والحديقة، أما والدي فكان من تجار المال قبان في شارع الملك طلال, وكان علينا السير من المنزل بجبل اللويبدة عبر درج الكلحة الى شارع فيصل وصولاً لساحة المسجد الحسيني وشارع طلال مشياً على الاقدام.
 
ولم يدخل الراديو بيتنا سوى زمن الخمسينيات، والتلفزيون الأردني بالأبيض والأسود أوائل السبعينيات من القرن الماضي.
 
رياضات متنوعة
 
ومارس د. عبد الفتاح البستاني لعبة كرة السلة في كلية الحسين عندما كان طالبا في المرحلة الثانوية في بداية الخمسينيات وكان ذلك باشراف الاستاذ ممدوح خورما، واستمر يمارس هذه اللعبة خلال الدراسة الجامعية في دمشق مع فريق كلية طب الاسنان.
 
وأثناء دراسة الماجستير في بريطانيا مطلع الستينيات، تحول البستاني الى لعبة السكواش والتنس التي استهوته، وحين عاد الى عمان عام 1964 انضم إلى لاعبي التنس الأوائل من أمثال أحمد الخليل ونظام الشرابي ونجيب قبيسي وغيرهم في النادي الأرثوذكسي على الدوار الثالث بجبل عمان.
 
وانضم الدكتور البستاني فيما بعد الى لاعبي السكواش لنادي مدينة الحسين للشباب عام 1967 من أمثال: د.فواز طوقان و الامير رعد بن زيد ومعالي عمر النابلسي والاستاذ رافع شاهين وغيرهم، وإلى لاعبي التنس لنادي المدينة من أمثال: د.محمد السخن واسحق جارالله ود.عبدالسلام قمحاوي وغيرهم، ولا يزال يمارس هذه اللعبة حتى اليوم.
 
في خريف عام 1966 انضم الدكتور بستاني خلال زيارة له لمدينة العقبة الى رياضة التزلج على الماء, باشراف سيمون خوري, حيث استهوته هذه الرياضة وأخذ يمارسها منذ ذلك العام وحتى الآن، وفيما بعد انضم الى مجموعة «تحت الماء» باشراف المدرب الاسترالي بيتر واطسون وأخذ يمارسها في العقبة وفي أنحاء مختلفة من العالم: تايلاند، اندونيسيا، المكسيك، جزر البهاما وغيرها مع نادي Club-Med.
 
وفي عام 1965 كان الدكتور بستاني أحد مؤسسي نادي الفروسية الملكي في ماركا بتكليف من سيادة المرحوم الشريف ناصر بن جميل، وتم تسجيل هذا النادي لاحقاً عام 1966 برئاسة معالي حاتم الزعبي, ثم فيما بعد برئاسة د.رؤوف ابو جابر.. وقد تقلد البستاني منصب نائب الرئيس لهذا النادي لفترة تقارب عشر سنوات، وشارك في معظم بطولات الفروسية وقفز الحواجز في الفترة ما بين 1966 لغاية 1979 باشراف المدرب السوري ممدوح الجلبي، وحصل على عدة بطولات في الفروسية وقفز الحواجز.
 
وكتب عدة أبحاث، وشارك في تقديم عدد من المحاضرات عن الخيول العربية: أصلها وأنسابها، مزاياها وطبائعها، صفات الحُسن والجمال عندها، وكذلك حب العرب للخيول، وأثرها في الفتوحات العربية والاسلامية، كما قام بتصوير الخيول العربية في الاسطبلات الملكية في الحُمر، وفي المغرب العربي.
 
وفي مطلع العام 1981 شكل الدكتور بستاني أول لجنة للتنس الأرضي لنادي مدينة الحسين للشباب بتكليف من الاستاذ عصام عريضة مدير نادي المدينة آنذاك, واستمر في رئاسة هذه اللجنة حتى عام 1989 ثم عاد فشكل هذه اللجنة عام 1991 ولغاية 1993.
 
شارك كعضو في اتحاد التنس الاردني برئاسة الدكتور داود حنانيا، وخلال عام 1994 وعندما كان رئيساً للجنة العلاقات العامة في اتحاد التنس الاردني أصدر أول نشرة إعلامية لرياضة التنس في الاردن بعنوان «أضواء على التنس الاردني» كما قدم المساعدة للمرحوم كنعان عزت في اصدار كتابه الوثائقي القديم «التنس الاردني مسيرة في نصف قرن» الذي صدر عام 1993.
 
وترأس الدكتور بستاني وشارك في عدد من البعثات والفرق في رياضة التنس الى كل من سوريا ومصر والعراق وقطر خلال الاعوام 1984 ولغاية 1996، ويمارس الدكتور بستاني رياضة السكواش والتنس في نادي السيارات الملكي منذ مطلع العام 1999 وحتى اليوم.
 
وفي العام 2003 تم قبول الدكتور بستاني عضواً رائداً في هيئة رواد الحركة الرياضية والشبابية في الاردن بتزكية من رئيس الهيئة محمد جميل ابو الطيب، وهذا يعتبر تتويجاً لمسيرته الرياضية، كما تم قبول عضوية الدكتور بستاني في رابطة اللاعبين الدوليين عام 2004 التي ترأستها سمو الاميرة هيا بنت الحسين.
 
وما زال الدكتور البستاني ينشط بتقديم خبراته حول الفم والأسنان بعيادته بجبل عمان وبالمجالات الرياضية ورسم اللوحات وبالاشتراك بكتابة المقالات الصحية والثقافية وبتقديم المحاضرات بين فترة وأخرى في مسقط رأسه التي أحب عمان.