انقلابات إفريقيا وقلق الرؤساء*د. مهند مبيضين
الدستور
عاشت معظم دول افريقيا نصف القرن العشرين والثلث الثالث منه تحت نير الاستعمار، كانت أعظم ثوراتها في الجزائر التي تركت إرثا عظيما وأثرت في الثقافة الفرنسية وجعلت مثقفين ومفكرين فرنسيين يؤثرون على قرارات حكوماتهم لصالح اعلان استقلال الجزائر، هنا نستذكر اليساري الاشتراكي الفرنسي لوي التوسير (1918-1990) الذي ولد في بلدية «بئرمراد رايس» الواقعة بجانب مدينة الجزائر لعائلة من الأقدام السوداء. وهناك ميشيل فوكو الذي اقام في تونس وترك أثرا فلسفيا كبيرا في المعرفة العالمية، لكن إرثه في تونس لم يكن محترما إذ كشفت تقارير عن اصدقائه انه كان يغتصب الاطفال وهو الذي أرخ للجنس عند اليونان.
لم يكن البير كامو (1913-1960) أقل تأثيرا من فوكو والتوسير وهو المولود في الجزائر في قرية الذرعانو التي تعرف أيضاً ببلدة مندوفى بمدينة الطارف في اقصى شرق الجزائر بالجزائر، وكانت نشأته في بيئة شديدة الفقر من أب فرنسي، حيث قُتل والده بعد مولده بعام واحد في إحدى معارك الحرب العالمية الأولى، وكانت أمه ذات الجنسية الاسبانية مصابة بالصمم
كلّ هذا الإرث الفرنسي في الفلسفة والأدب (وهناك نماذج اخرى في غير مكان من الجزائر وتونس)، وازاه حضور فرنسي بالهيمنة والغطرسة والذي نتج عنه شعور الشعوب الافريقية بالظلم وسرقة الثراوت، وهو ما يوفر شرعية غالب الانقلابات التي تحدث اليوم في كل الأمكنة التي تتوفر فيها شروط قلق الرؤساء وهو ما حدث في الغابون وقبله النيجر وهو ما يرجع توتر الغرب الافريقي بالاضافة إلى ما يحدث في السودان من صراع غلبات ونهايات مأساوية لما سمي بالربيع السوداني.
في افريقيا يقلق الرؤساء من الجيوش، ويغضب الناس من الاستعمار ومن عملائه، وفي ظل الفقر والعوز الافريقي تسود الهيمنة الفرنسية، والتدخل الروسي في البلاد التي تقمع ثوراتها عبر قوات فاغنر الروسية بنظام شراء الخدمات.
روسيا والصين تتحد عبر منظمة بريكس وتهيمنان، وفرنسا مهمينة وامريكا كذلك في أكثر من مكان، والافارقة غاضبون ويحتلون مقرات الرؤساء ويطردون السفراء ويجردونهم من الحصانة، والناس ينتظرون الخروج من جملة الهيمنات الغربية بأي ثمن.
الرؤساء في افريقيا يقلقون من قادة الحرس الجمهوري ومن قادة الوحدات المستقلة، ولهم الحق في ذلك، فالطمأنينة غير مقبولة للعسكر حين يقتربون من السلطة.