عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Feb-2020

حارات منسية.. من خاطرنا وبأيدينا.. صرنا نطحن ع الديج عري

الراي - خالد قوقزة - ابو فلاح يقول: زمان ابوي وجدي عُمُرها ما كانت المخابز بديل وتُغني عن الصاج وفرن الطابون، وعمر طحين الزيرو المستورد من اميركا والطحين الأبيض (كما كانوا يسمونه والمرسوم عليه أيدين متشابكات) بديل عن قمح سهول الكرك وحوران والحصن وزيزيا.

أيام ابوي وجدي كانوا إصحاب كيف وكانوا يدخنوا هيشي وكانوا يضبوا مونتهم من الدخان الهيشي من حواكير دورهم، وعمر الدخان الاحمر (كما كان يسميه ابو أشعل وابو علي وأبو فايز
وأبو دوخي وابو جُلبه وغيرهم من اللي صاروا بدار الحق....) بديل مرغوب فيه.
ابوي وجدي وابوك وجدك طول عمرهم ما اعتمدوا على الحكومة وعلى دعمها للطحين والخبز والرز او اي منتجات وغيره وغيراته... حتى الرز كانوا ما يعرفوه فقد كانت علاقتهم متينة وطيبة مع البرغل والفريكة والسميد.
ابوي وجدي وابوك وجدك كانوا بِغنى عن دعم الحكومة للمي، عند فَجّة الضو من كل يوم يحملوا على الدابة الروايا والجراكِن ويحضروا المي من العيون اللي بالقرية..
الوطاة اللي كانت ايام أجدادنا تنتج قمح وشعير وقطانة وبندورة وقتا وحرّوش....... هي نفسها الوطاة اللي لا زالت موجودة، ولكن اللي اختلف انه زلم اليوم هجروا الوطاة وصاروا عاقّين إلها وتركوها بلا إفلاحة وخلّوها إتهوشر، وغير هيك وطاة اليوم صارت مليانة وإمكدسة بدور وعمارات، واللي ما فيهاش عمارات و دور صارت هَرْدَش، واللي ما إنباعتش صارت برسم البيع او معروضة لتبديلها بسيارة او بسوبر ماركت او بشقة بالمدينة.
جدي وجدك وابوي وابوك كان عندهم اكتفاء ذاتي، وكل شي متوفر بدورهم وما يحتاجوا لدكانة او لمول، والشغلة اللي ما كانوا يلاقوها بدورهم كانوا يستقرضها من عند قريب او جار ولما تتوفر عندهم يرجعوها وفوقها بوسة لحية.
ابوي وأبوك وجدي وجدك لما كانت الاسعار ترتفع او لما كانوا يجوعوا ما كانوا يشرشحوا الحكومة ولا يلعنوا ابوها بعزا امها، او يعزروا عليها قدام الغُرب، لكنهم كانوا يشمروا عن زنودهم ويتوكلوا على ربهم ويتساعدوا ليتخلصوا من ازمتهم وكانوا يعرفوا كيف يديروا أزمة رغم أنهم ما تعلموا لا بمدارس ولا بجامعات عن كيفية ادارة الأزمات.
تعرفوا لو جدي وجدك يطلعوا من قبورهم ويشوفوا انه المَي صارت تتعبى بقزايز وتنباع بالسوق، وانه قمحاتنا نجيبهن من عند الاجانب و خبزنا نشتريه من المخابز وخضرتنا ولحمتنا مستوردة من برا أكيد راح تضربهم جلطة ويصيروا بخبر كان.
بحاراتنا المنسية واللي إحنا ساهمنا بتهميشها ونسيانها لم يكن خبزنا مخبوز ولم تكن مَيّتنا بالكوز. إحنا اللي كنا نبذر ونحصد ونرجد ونذري ونخرج قمح ونطحنه ونعجنه ونخبزه شراك ورضافي وكماج ومهايد ولزاقيات ومطابق ونتلذذ بأكله، وإحنا اللي كُنا نستفيد من مَيّة الشتا ونخزّنها بالآبار لوقت العازة...