عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    26-Dec-2018

ناصيف رسام ومضيف طيران يؤمن بأن “يداً واحدة تصفق”!

 

ربى الرياحي
 
عمان-الغد-  يؤمن الشاب عبده ناصيف بأن الحياة تستحق أن تعاش بكل ما فيها وبما يبعث على الأمل والإيجابية. هو ومن خلال إعاقته برهن أن يدا واحدة بإمكانها أن تصفق وتعطيه حقه بالطيران بدون توقف.
عبده (31 عاما) نظر إلى العالم بإحساس الواثق الملهم والرسام المبدع، أحب ذاته ووثق بأحلامه، فمنحته الحياة وعن استحقاق القوة والتميز والإرادة.
عمله في الملكية الأردنية كمضيف أرضي في مركز تحكم العمليات، بالإضافة إلى الرسم، كلها دوافع قادته لأن يكون شخصية مؤثرة في المجتمع وتحديدا بين فئة ذوي الإعاقة.
يقول “إن قصته مع الإعاقة بدأت بعد أن بترت يده اليسرى بالكامل نتيجة تعرضه لحادث سير على طريق إربد عمان قبل خمس سنوات تقريبا، لكنه بالرغم من ذلك ظل يحتفظ بالأمل في داخله لم يتنازل عنه أو حتى يفكر بأن يعزل نفسه عن مجتمعه بل كان القرار الذي اتخذه بعد خروجه من المستشفى هو مواجهة محيطه الخارجي بإعاقته التي لم يخجل منها أبدا رغم تباين النظرات”.
يقول عبده، إن قدرته على التحدي وتجاوز ما حدث معه تطلب منه أولا أن يرى الإيجابية في كل شيء حوله ليستطيع أن يكمل طريقه بروح طامحة لا تعرف المستحيل ولا ترضى باليأس”.
تصالح مع واقعه الجديد واقتنع بأن هناك أساليب أخرى بإمكانه أن يبتكرها تتواءم مع إعاقته، وتشعره بالوقت ذاته بأنه قادر على القيام بكل ما يحتاج إليه وحده. أفكار كثيرة لجأ إليها عبده للاعتماد على نفسه وإنجاز كل أموره الشخصية والحياتية بسهولة ويسر.
يبين أن رغبته في إفادة من حوله وتحديدا أولئك الذين يتشابهون معه في الظروف، دفعته إلى القيام ببعض النشاطات وذلك من خلال مقاطع فيديو يشاركها معهم على “يوتيوب” ومواقع التواصل الاجتماعي، مستخدما فيها يدا واحدة كتقليم الأظافر والطهي وتقطيع الخضراوات.
وعن دراسته الجامعية، يقول عبده إن حصوله على درجة البكالوريوس في التصميم والفنون من جامعة اليرموك، وعمله لمدة سنة في مجال الفن لم يمنعاه من أن يتوجه بأنظاره وأحلامه إلى عالم الطيران؛ إذ دخل الملكية الأردنية، “هناك استطعت أن أحقق حلمي وأثبت نفسي فعملت كمضيف جوي مدة سنتين راغبا في التنقل حول العالم”.
يعشق السفر والتعرف على ثقافات مختلفة، وحضارات عريقة، لذلك نجح في أن يكون دقيقا وإيجابيا في نقل تلك الفنون وإيجاد خط يتوازى مع ما في داخله من إبداع وشفافية وإحساس مرهف وصادق.
ولأن القدر يباغت الإنسان أحيانا بأحداث تغير تماما مجرى حياته وتجعله يعيد النظر قليلا في تلك المخططات التي حرص عليها، ويبحث عن بدائل أخرى تبقيه على قيد الأمل؛ لم يستسلم عبده بعد الحادث الأليم الذي تعرض له وتسبب ببتر يده، فقد انتقل للعمل كمضيف أرضي في مركز تحكم العمليات وهو عمل في غاية الدقة.
ترجم عبده حبه للألوان وولعه بالرسم وتفنن في تجسيد تلك الأحاسيس الناطقة بالحياة والتفاؤل على لوحات تحمل الكثير من الأفكار والرسائل المهمة التي يصر هو على توصيلها للمجتمع، فكانت النتيجة أنه حظي بتقدير كل من حوله وإعجابهم، خاصة أن هذا الفن التجريدي الذي يمثله أبدعته يد واحدة.
ويشير عبده إلى أن إقامته معرضه الخاص الذي يحمل اسم “يد واحدة تصفق” والذي تم افتتاحه في شباط (فبراير) 2018 برعاية الأميرة عالية الطباع، كان بمثابة مشروع إنساني فني ضم إحدى وعشرين لوحة. خصص عبده جزءا من ريعه لتحقيق أمنية شخص من ذوي الإعاقة لتحفيزه وتشجيعه ليكون ذا أثر إيجابي في الحياة.
ويرى عبده أنه بإيجابيته وتقديره الدائم لذاته ورغبته في إخراج أشخاص من ذوي الإعاقة من إحباطهم وضياعهم، استطاع أن يقدم نموذجا متميزا قادرا على تغيير بعض الاعتقادات الخاطئة المرافقة للإعاقة سواء في المجتمع أو بين فئة ذوي الإعاقة. ويركز في ذلك على أنه شخص ذو قدرات مختلفة، لكنه في المقابل لديه كل المقومات ليعيش بشكل طبيعي وأيضا يحقق أحلامه تلك التي لا تبددها العراقيل بل تزيدها تألقا وتوهجا.