عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    14-Jun-2021

«الملكية لتحديث المنظومة السياسية».. فرصة للاشتباك الإيجابي والتغيير النوعي

 الراي- إبراهيم السواعير

يُناط باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية وضع مشروع قانون جديد للانتخاب وآخر للأحزاب السياسية، والنظر في التعديلات الدستورية المتصلة حكماً بالقانونين وآليات العمل النيابي، وتقديم التوصيات المتعلقة بتطوير التشريعات الناظمة للإدارة المحليّة، وتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار، وتهيئة البيئة التشريعية والسياسيّة الضامنة لدور الشباب والمرأة في الحياة العامّة.
 
وأكّد عددٌ من أعضاء اللجنة، التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي والبالغة اثنين وتسعين عضواً من مختلف الأطياف والرؤى السياسية والفكرية والحزبيّة والممثلة لقطاعات ومجالات متعددة، أنّ الفرصّة متاحةٌ للنخب والمستنيرين وممثلي كلّ القطاعات، في أن يقدّموا تصوّراً حقيقيّاً حول تحديث المنظومة السياسية بمحاورها الواضحة، نحو طمأنة الناس- من النخب وغير النخب- في جدوى مخرجاتها، أمام حالات معيشة من اليأس والإحباط حول كثير من المواضيع.
 
وانطلقوا من أنّ الأوراق النقاشيّة لجلالة الملك عبدالله الثاني هي مظلّة حقيقيّة لعمل اللجنة، خصوصاً وأنّها لم تلقَ العناية الكاملة والجديّة المأمولة في حكومات سابقة.
 
كما أكّدوا ضرورة المراجعة البرلمانية والتيارات «البرامجيّة» وما يتعلّق بالحياة الحزبيّة، في مشروع قانوني الانتخاب والأحزاب، قارئين الحلقة المفرغة التي تكررت في هذه المفردات.
 
وتحدثوا عن قناعة الناخبين، مراهنين على وعي الناخب ومعرفته بمن يمثّله وينوب عنه في قراءة المشهد، من منطلق تعزيز الهوية الوطنية الجامعة التي تغلب على كل هويات فرعية أخرى.
 
كما تناولوا موضوع تمكين المرأة، أمام معيقات هذا التمكين، في السياسة أو المنظومة الاجتماعية أو التشريعية.
 
ورأوا أنّ الشباب الأردني دائماً هو محل رهان في فهم الواقع والطموح، محذرين من تأجيل قيم المواطنة، لانعكاسات ذلك وخطره على الشعور بالعمل والانتماء وخدمة الوطن.
 
وأكّدوا أنّ مئوية الدولة هي فرحة كبيرة، وفي الوقت ذاته عبءٌ ينضاف إلى الأعباء الوطنيّة في أن نكون على مستوى السؤال النقدي والمراجعة والإنجاز بعد 100 عام من تأسيس الدولة، في مواضيع الحريات والتشريعات وتصوّر المستقبل.
 
ضمانة الملك..
 
ويرى الوزير الأسبق د. صالح ارشيدات أنّ الفرصة المتاحة عظيمة وموجودة حتى يتمكن أعضاء اللجنة من تقديم تصور حقيقي حول التحديث وطمأنة الناس في هذه الظروف الصعبة من الإحباط لأسباب عديدة، يذكر منها: توفر الإرادة الملكية المعلنة رسمياً والظاهرة بالإصلاح، وتشكيلة اللجنة من كل الأطياف السياسية والفكرية والقطاعات والنقابات والكتاب والأعيان والمرأة والشباب، وضمانة جلالة الملك بأن تقوم الحكومة بتبني المخرجات وعرضها على النواب والأعيان، والإشارة إلى أوراق الملك النقاشية كمرجعية للاسترشاد ورسم خريطة طريق للمستقبل.
 
ويرى ارشيدات أنّ الظروف السياسية الإقليمية والعالمية قد تبدلت إيجابياً لصالح الأردن ولصالح طرح الأردن مشروعاً نهضوياً واسعاً بعد سنوات عديدة من العداء الواضح لدور الأردن ورسالته العربية الإنسانية، حيث ترسخت لدى الأردنيين أهمية الحفاظ على الثوابت الأردنية الوطنية، والرسالة الملكية جزء أساسي منها.
 
الأولويات والأداء..
 
ويؤكّد ارشيدات أنّ الأوراق الملكية النقاشية مشروع الأردن الإصلاحي والسياسي والنهضوي للمستقبل، وقد طرحه جلالة الملك للنقاش العام لأنه يعبّر عن فلسفة الحكم في إطاره العام ودعا الجميع لنقاش المحتوى وحاولت بعض الحكومات وهي المكون الأساسي في الأوراق النقاشية أن تسلط الضوء على بعض المحاور والخروج بتوافق حول الأولويات للأردن، والآن جاء وقت أن تضع الحكومة له برنامج عمل يكون محدداً بمراحل زمنية قد تستغرق سنوات طويلة، ولكنها بداية جيدة للمشاركة والتقدم نحو تحقيق أولوياتها.
 
وينطلق ارشيدات من أنّه تبين للنظام السياسي منذ آخر انتخابات نيابية عام ٢٠٢٠ ضرورة تعديل القوانين المتعلقة بالتنمية السياسية والنواب تحديداً، لتعظيم نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات بعد أن تراجعت نسبة المشاركين في الانتخابات، الأمر الذي انعكس على مكونات مجلس النواب وبالتالي على أدائه، كما أن سلوك الناخبين بقي ضمن التوجهات الجهوية والمناطقية، كما تبين أن نسبة تواجد القوى السياسية والفكرية قد تراجعت في البرلمان مما أفقده ميزة التعددية السياسية والتمثيليه التي ينادي بها دستورنا ومبادرات جلالة الملك الإصلاحي?.
 
وحول قناعة الناخبين وهل تأثرت اليوم، وهل نراهن على وعي الناخب، يرى ارشيدات أنّ الناخب الأردني من أكثر المواطنين العرب وعياً ويعرف مصلحته ولمن سيصوت مستقبلاً، خصوصاً إذا تغيرت آلية نظام الانتخاب في قانون الانتخاب بشكل عادل وتمثيلي لكل المناطق والبوادي، بما يحفز الشباب والمرأة والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والمناطق الأقل حظاً إلى المشاركة المكثفة، حيث مصلحة الوطن في انتخاب مجلس نواب وطني تعددي سياسي وبرامجي، وكذلك إذا شعر المواطن أن الحكومات ضمنت تعزيز ديمقراطية مؤسسات الدولة وسير إجراءات الانتخابات وشفافي?ها كما أعلن عنها جلالة الملك.
 
الشباب والمواطنة..
 
ويؤكد ارشيدات أنّ المرأة نصف المجتمع ومشاركتها في العمل ١٢٪ وهي أقل نسبة في دول الجوار، ولتمكين المرأة بالوصول إلى البرلمان كانت إرادة جلالة الملك في أن توضع لها كوتا وقد نجحت الفكرة حتى اليوم، منادياً بتطوير وتمكين المرأة كعمل ضروري للنهوض بالمجتمع الأردني ككل، ومبشراً بأنّ المعوقات الاجتماعية في طريقها إلى التقلص ولدينا في الأردن نسبة عالية جداً من الخريجات وهذا سيسهم بالتدريج في تمكين المرأة التي أنصفتها مضامين الأوراق النقاشية وهي اليوم تشارك في الأحزاب والقيادات المدنية.
 
كما يؤكد أنّ الشباب الأردني تقدم في كل المجالات التعليمية وأماكن العمل المختلفة ولهم تنظيماتهم الوطنية ويشاركون في العمل العام، فهم ذخيرة الأمم وعنوان تجديد النخب السياسية والبرلمانية وهيكل الدولة المدني والعسكري، والمطلوب تقديم حوافز أكثر وتلبية متطلبات الحياه لهم وهم في عقل وقلب جلالة الملك وولي العهد.
 
و بالنسبة لمفهوم المواطنة يقول ارشيدات إنّ دستورنا أكد على تساوي الأردنيين في الحقوق والواجبات، كما أن ممارسة الملوك الهاشميين عززت هذا المفهوم في كل جوانب الحياه وعززت مفاهيم العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
 
ويرى ارشيدات لمئوية الدولة مؤشراً زمنياً حقيقياً لما أنجزه الأردنيون بقيادة الملوك الهاشميين وحماية جيشنا العربي ومؤسساتنا الوطنية، ويأتي هذا في محيط غير صديق للسلم والتنافس العربي الشريف، وقد نجح الأردن دائماً في تحويل التحديات إلى فرص معتمداً على وحدة الأردنيين والتفافهم حول قيادتهم الحكيمة.
 
وفيما يتعلق بمستوى الحريات، يؤكّد ارشيدات أننا دولة مدنية تحت سيادة القانون تحمل خطابا متنوراً وعصرياً، مشيراً إلى تأثير استقرار المنطقة والجوار وحل القضية الفلسطينية بما يحقق الاستقلال على التراب الوطني وزوال الاحتلال الذي يحد من تطور المنطقة كلها ومن نمو وتعاظم حرياتها المختلفة.
 
تقبّل النقد..
 
وترى الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني «حشد» عبلة محمود أبو علبة أنّ الفرصة واضحة ومتاحة لتقديم تصورات حول تحديث المنظومة السياسية، خصوصاً إذا ما تواصل أعضاء اللجنة الملكية مع المؤسسات التمثيلية المختلفة والشخصيات السياسية غير الممثلة في اللجنة.
 
وتدعو إلى أن نتفهم الملاحظات النقدية وأحياناً التشكيك في جدوى مخرجات هذه اللجنة، بسبب تجارب عديدة سابقة، ولجان وطنية تمّ تشكيلها وانتهت إلى مخرجات هامة، ثم جرى إهمال هذه المخرجات والالتفاف عليها. وفي هذا الصدد تقول أبو علبة إن الإصلاح السياسي هو متطلب وطني وواجب تملية الاستحقاقات المطروحة والأزمات المتلاحقة في البلاد بسبب غياب منظومة تشريعية صالحة لتمثيل أوسع الأطياف السياسية والاجتماعية في البرلمان.
 
وتؤكّد أن الجدية في الالتزام بتنفيذ مخرجات أعمال اللجنة، وتوفير الشروط اللازمة من أجل تطبيقها هو الذي يمكن أن يطمئن الجميع في مواجهة حالات اليأس والإحباط.. فخطوة عملية إصلاحية واحدة خيرٌ من كثير من الكلام عن التغيير.
 
وحول الأوراق النقاشية التي أشارت إليها الرسالة الملكية، تؤكّد أبو علبة أنّها تتضمن توجهات إصلاحية وديمقراطية واضحة، وتطرقت إلى محاور شاملة أوسع كثيراً من القوانين الناظمة للحياة السياسية، وتعتقد أن اللجنة الملكية المشكلة ستعتمد هذه الأوراق كأساس للنقاش وتحديد التوجهات العامة للتعديلات المرتقبة في قانوني الانتخابات النيابية والأحزاب السياسية والتعديلات الدستورية المطلوبة.
 
تشريعات جديدة
 
وتتحدث أبو علبة عن موضوع مراجعة التجارب البرلمانية السابقة منذ عام 1993 وإقرار قانون الصوت الواحد، مبينةً أنّ الحلقة الضائعة في الحياة السياسية هي دور الأحزاب في البرلمان وغياب وجود تيارات سياسية تدير عمل البرلمان مع قضايا الشعب ومع السلطة التنفيذية. وترى أنّ السبب الرئيسي في هذا الخلل هو قانون الصوت الواحد الذي أنتج برلمانات ذات طابع جهوي ومناطقي في الوقت الذي نحن بأمس الحاجة فيه لبرلمان وطن ونائب وطن يتولى الدفاع عن قضايا الوطن الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ فإجراء تعديلات جوهرية على قانون الانتخابات ?لنيابية باتجاه اعتماد قائمة وطنية مغلقة وتمثيل نسبي شامل، هو الذي يضمن سدّ هذا الفراغ السياسي الكبير، وهو الذي يشكل رافعة لتطوّر الحياة السياسية في البلاد.
 
وحول دور الناخبين وقناعتهم، تقول أبو علبة إنّ قانون الصوت الواحد قد أفسد المزاج العام للناخبين، مشيرةً إلى استخدام المال الأسود على نطاق واسع، وأصبح من النادر أن نرى مرشحين على أساس برامج سياسية وطنية. ولكن تعديل القانون كفيل بأن يفتح الباب أمام تصويب هذه الأوضاع.
 
وفيما يتعلق بقضية المرأة، تؤكّد أبو علبة أهمية أن نتطلع إلى دور متقدم وتمثيل متقدم للمرأة في البرلمان والأحزاب والمجالس البلدية أيضاً، فعلينا أن ننتبه لدعم هذا الاتجاه في التشريعات التي نحن بصدد تعديلها، مضيفةً أنّ القانون الديمقراطي التمثيلي الواسع يشكل أرضية عادلة لإنصاف المرأة والشباب وكل الفئات الاجتماعية الأخرى. وترى أنّ هناك معيقات كثيرة أمام تقدم النساء، منها سياسية واجتماعية واقتصادية أيضاً، ولكنّ واجبنا يقتضي فكفكة هذه العوائق شيئا فشيئاً.
 
وترى أنّ الشباب دائماً محل رهان وطموحات للشعب، وعليه فإن الواجب يقتضي التعامل بمنهجية عملية محددة مع هذه الفئة الحيوية بكل ما تحمله من طاقات كبرى وإمكانات هامة ولا غنى عنها من أجل تنفيذ خارطة طريق الإصلاح المنشود. فمعالجة مشكلة بطالة الشباب الآن مسألة محورية ومن الضروري المباشرة بحلها ومساعدة فئة الشباب العاطلين عن العمل على تبوء مكانهم الطبيعي والإنساني، وفي الوقت نفسه يجب أن تلحظ القوانين قيد التعديل تخفيض سنّ الترشح للانتخابات وإعطاء فرص واسعة للشباب من كل الفئات الاجتماعية للعمل والتعليم والثقافة وخوض ?لتجارب السياسية.
 
وتتحدث أبو علبة حول مئوية الدولة الأردنية داعيةً إلى استلهام الدروس والعبر من الأجيال الأولى الماجدة التي أسست الدولة الاردينة في ظل ظروف شديدة التداخل والتعقيد، فهناك الكثير من الإنجازات على امتداد القرن الماضي وعلى المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية (الصحة والتعليم)، وفي الوقت ذاته هناك عقبات وأخطاء ومحطات متعثرة في المسيرة الطويلة للدولة. ومن المؤكد أن المراجعة والتقييم بعد عشرة عقود من الزمان مسألة مهمة وضرورية من أجل المضي للأمام دون تكرار الأخطاء، خصوصاً وأننا نعيش ظروفاً عربية وإقليمية ودولي? مختلفة نوعياً عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة.
 
فلدينا عدد واسع من القوانين لا زالت بحاجة إلى تحديث وبعضها يعود للعهد العثماني!!!.. ومن الصعب مواكبة تطورات العصر وثورة التكنولوجيا في ظل هكذا قوانين، كما أنّ هناك قوانين مقيدة للحريات السياسية والعامة، وهناك قوانين اقتصادية غير عادلة مثل قانوني ضريبة الدخل والمبيعات بحاجة إلى تعديلات جوهرية باتجاه إحقاق العدالة والمساواة والالتزام بمبادئ الدستور الأردني.
 
الإصلاح السياسي
 
ويرى الكاتب والمحلل السياسي عضو اللجنة د.عامر السبايلة أنّ للجميع اليوم فرصة لأن يدلي بدلوه، ويضع رؤيته فيما يتعلّق بالإصلاح السياسي، مبيّناً أنّه بات واضحاً وبعد سنوات من الشّد والجذب أننا وصلنا إلى نقطة يدرك الجميع فيها أننا في مركب واحد، فلا بدّ من إحداث نوع من أنواع التغيير لتلافي كلّ الأخطار التي قد تنجم عن كلّ ما تعطّل، وكل الخطوات التي تمّ التحايل عليها في السابق أو التردد بها، وبالتالي فإنّ الجميع يجد نفسه مضطراً لأن يتعاطى مع هذا الموضوع بطريقة مختلفة.
 
ويضيف السبايلة: لا أؤمن أنّ هناك سهولة في إنجاز أيّ تغيير، لكنّ هناك فرصةً أيضاً للاشتباك الإيجابي لإحداث فرق نوعي، فهناك عقول مستنيرة كثيرة في هذه اللجنة تنقل التطورات التي حدثت وطبيعة التعاطي مع الشارع اليوم ومع المنظومة السياسية الناظمة للعمل، وبالتالي هناك فرصة حقيقية لأن تقدّم شيئاً.
 
ويؤكّد السبايلة قيمة الأوراق النقاشية وأهميّة تناولها، باعتبار ذلك أمراً إيجابيّاً ورؤية متقدّمة وبالتالي القدرة اليوم في أن يكون الطرح الرسمي القادم متقدماً، وبالتالي فهذا يسهّل العملية الإصلاحية ويعطي مساحةً أكبر للإصلاحيين للعمل وإحداث مثل هذا التغيير، خصوصاً وأنّ هذه الأوراق موجودة منذ سنوات.
 
ويعترف السبايلة بحالة الإحباط الموجودة لدى الكثيرين وعدم الثقة وفقدانها في المؤسسات أو في حقيقة ورغبة في إحداث التغيير، لهذا فنحن أمام تحدٍّ حقيقي في أنّ الفرص لا يمكن أن تتكرر دائماً، فهي قليلة كما أنّ فترة استعادة الثقة وإعادة التغيير بحاجة إلى أن تُترجم.
 
قرارات جريئة..
 
ويقول السبايلة إنّ عنوان اليوم في الإصلاح هو أن تتحدث الأفعال عن نفسها، بعيداً عن الشعارات والوعود الإصلاحيّة، فالإصلاح يبدأ بقرارات، وبالتالي فإنّ أفضل ما يُقدّم في هذه المرحلة هو قرارات تتوازى مع الرؤية الإصلاحيّة أو محاولة إعادة قراءة كلّ هذه الأوراق وإيجاد آليات لتطبيقها، لنعطي انطباعاً بحقيقة وجود رغبة في أن يرافق هذا الموضوع ويتزامن معه إصدار قرارات تغييرية تشعرنا وتعطي انطباعاً لدى الشارع بالجدية في ذلك.
 
ويؤكّد السبايلة أنّ هذه القناعة مرهونة بأنّ هناك نقطة إصلاح وتغيير كبيرة، فلا بدّ من جذب اهتمام الناس واستعادة ثقتهم بأنّها فرصة ليست كسابقتها، فهذا ليس حدثاً اعتيادياً كما كان، بل نقطة تغيير نترك فيها الأفعال لتتحدث عن نفسها.
 
وحول موضوع الأحزاب والحياة الحزبيّة، يؤكّد السبايلة أننا بحاجة إلى مراجعة في كثير من القرارات والتشريعات، مهتماً بالحديث عن موضوع السياسات الناظمة لهذا الموضوع، فقانون الأحزاب كما يرى قد تُفقده قيمته إجراءات معيّنة، وبالتالي فهي سلسلة متكاملة لا بدّ من البناء عليها، ولا بدّ من تحضير المناخ المناسب الإداري والقانوني لضمان مخرجات العملية الانتخابية والحياة الحزبية والحريات السياسية، وبالتالي فالناس اليوم حتى تتحول إلى جانب إيجابي، وحتى نخرج إليهم من زاوية استهلاك الحديث والشعارات، فلا بدّ من بناء منظومة متكا?لة في هذا العمل لضمان مخرجات العملية الانتخابية، وضمان الحياة الحزبية والحرية والممارسات السياسية، وهذا كلّه أساسي قبل الحديث عن قوانين الأحزاب والانتخاب، فهذه المنظومة يجب بناؤها بشكل متكامل، نحو تطمينات وشعور وثقة حقيقية للمشاركة السياسية.
 
الخروج من التقليد..
 
وحول موضوع المرأة والشباب، يؤكّد السبايلة أنّه موضوع مهم جداً وأساسي، ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أنّه جزء من كل، حتى لا نغرق في التفاصيل ونضيع، فصحيحٌ أنّ هناك حاجةً لفرض وضمان وجود مشاركة شبابية، وهذا يبدأ أيضاً فيما يسمى بالقرارات والتعيينات وإعطاء الفرص لمثل هذا القطاع لكي يعبّر عن نفسه، وهذا يتزامن مع عملية توعوية ثقافية حضارية في المجتمع تخرجه على الأقل من الإطار التقليدي، إطار البنية التقليدية الذي تشكّل في السنوات الأخيرة، لنخرج من فكرة التمثيل الرمزي إلى التشاركية الحقيقية، وهذا يحتاج إلى جرأة ?ي اتخاذ قرارات مباشرة والبدء حقيقةً بما يسمى ثورة ثقافية على المستوى المجتمعي.
 
ويؤكّد السبايلة أنّ مئوية الدولة الأردنيّة تضع أمامنا تحديات كبرى، خصوصاً أمام الأشهر الأخيرة التي جعلت الجميع يقتنع بأنّه لا بدّ من إجراء مراجعة حقيقية، وخروج من الأطر التقليدية وإحداث التغيير، وهذا يبدأ كما يقول بإقرارنا بهذه المشاكل واعترافنا بالحاجة إلى إحداث الإصلاح وتغيير طبيعة التعاطي مع كافة تفاصيل الملف السياسي كما هو في الفترة الأخيرة، وبالتالي فهذا يضع تحدياً أكبر على فكرة ما الذي نريده حقيقةً من الإصلاح ولماذا نقوم به، وجواب كلّ ذلك هو الذي سيكون أساس انتقالنا للمرحلة القادمة.
 
توقيت الإصلاح..
 
ينطلق المحافظ الأسبق عضو اللجنة رائد العدوان من أنّ موضوع الإصلاح جاء في وقته، لما يُعوّل عليه من آمال، خصوصاً للمهتمين بقضايا وموضوع الإصلاح السياسي في الأردن، مؤكّداً أنّ اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسيّة تعتبر فرصة قويّة، ومعبّراً عن اعتزازه للعمل برفقة شخصيات متنوعة وذات كفاءة ومتكاملة في هذه اللجنة لنخبة من أبناء الوطن من شتى الأصول والمنابت وكافة المشارب الفكرية والسياسيّة.
 
ويقول العدوان إنّ الظرف الزمني للجنة والتوقيت له دلالات مهمة، سياسية واجتماعية، خصوصاً أمام ما نشهده من تجاذبات وأوضاع سياسية وأمنية في الإقليم، وبالتالي فهذه الدول تنشغل بترتيب أوضاعها الداخليّة وقراءة شؤونها بعين العقل والرؤية، والأردن ليس استثناءً من ذلك، فهو ينشغل اليوم على قدم وساق وبتوجيه ملكي لتحديث منظومة مهمّة هي المنظومة السياسية، بتطوير الموجود من تشريعات وتحديثه، تبعاً لما هو معمول به في كلّ الدول في تحديث منظوماتها وترتيب أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فهذه الرؤية تحسب لجلالة الملك ?ي استشرافه وفهمه للأمور ووضعه الأوراق النقاشية مظلّةً لكلّ هذا العمل، استجابةً لمتطلبات وضرورة التحديث والتطوير.
 
مئوية الدولة..
 
ويرى العدوان أنّ تزامن هذا التحديث والتغيير في وقت تدخل فيه الأردن مئويتها الثانية، هو أمرٌ مهم لقراءة مؤسسات الدولة الأردنية العميقة عبر مئة عام، وتحديث استراتيجيات تخص المرأة والشباب وقانوني الأحزاب والانتخاب، في ظلّ مطالب ورغبة حقيقيّة شعبيّة بتطوير هذه المنظومة ومجموعة الأطر السياسية والديمقراطية التي تنسجم مع دخول الأردن مئويته الثانية.
 
وبعد هذا الاستهلال، يدخل العدوان في صميم عمل اللجنة وأهميّتها، مؤكّداً أنّها فرصة ثمينة لا يجوز أن نفقدها، فليس لدينا الكثير من الفرص أو الخيارات، فخيارنا هو النجاح ووضع التصور الشامل والموضوعي الواضح الذي يحقق العدالة الاجتماعية ويزيل كلّ الفوارق الاجتماعية نحو قوانين ومنظومة إصلاح جامعة تبرز الهوية الوطنية كهوية جامعة لكلّ الهويات الفرعية في الأردن.
 
التعددية والتنوع..
 
فالدولة الأردنية قائمة على هذا التنوّع والتعدد في نشأتها العروبية والإسلاميّة، وهو ما يعكسه أعضاء اللجنة في تمثيلهم الفكري والسياسي والجغرافي والاجتماعي والعُمري أيضاً، وبالتالي فهذا التنوع هو إيجابي ويشعرنا بجديّة اللجنة، من حيث كلّ معايير التنوّع الموجودة فيها، فحتى «الجندر» هو ممثل بتمثيل المرأة وحضورها، وهذا معناه أنّ جلالة الملك إنّما يريد إصلاحاً حقيقيّاً عبر لجنة تمثل كلّ الأطياف على أكثر من صعيد، فهي فرصة لأن تكون المخرجات عند حسن ظنّ جلالة الملك، وتلبي طموحات الشعب الأردني وتكون جادةً بتلمّس كلّ ا?احتياجات والرغبات بما ينسجم مع التوجه الملكي السامي وتحقيق الآمال العريضة التي باتت محلّ قراءة وتمنيات.
 
ويرى العدوان أنّ الرسالة الملكية لرئيس اللجنة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي كانت واضحةً وهي من الرسائل القليلة التي نُصّ فيها بأن تكون المخرجات ملزمةً للحكومة، وهذا توجّه ملكي لطمأنة اللجنة بأن تعمل بجد واجتهاد وبكفالة ملكيّة سامية وأن تكون المخرجات والتوصيات ملزمةً بالأطر الدستورية والقانونية المعمول بها.
 
وحول ما يمكن أن يصيب المتابع والناس من يأس أحياناً وإحباط، يرى العدوان أنّ أوضاعاً دوليةً وانعكاسات لظروف صعبة عالمية وجائحة قويّة يتم التعامل معها، وهذا يعني أنّ قضية الإصلاح هي قضية مهمّة تنضاف إلى قضايا أخرى محل قلق وترقّب، مستنداً إلى أنّ منظومة الإصلاح تتأسس على ما هو صائر فعلاً من انتخابات ومجلس نواب وقوانين وحراك سياسي، فالمطلوب هو قراءة جيدة للأوضاع من وجهة نظر جادة ومخلصة وتذهب كشكل من أشكال التنشئة السياسيّة على وجه العموم.
 
فالمطلوب في هذه المرحلة كما يدعو العدوان هو نوع من تحديث ينسجم مع التطلعات والأماني الشعبية لتكون هذه المخرجات بصيص أمل وضوءاً في آخر النفق أمام حالات الإحباط واليأس التي يبددها العمل الجاد والنهوض بالمسؤولية وفقاً لتطلعات جلالة الملك ورغبات الشعب.
 
الأوراق النقاشية..
 
ويرى العدوان أنّ الرسالة الملكية تضمّنت توجيهاً صريحاً بأن تكون الأوراق النقاشيّة مظلّة لهذه اللجنة وأن تكون الإطار المرجعي لعملية تحديث المنظومة السياسية، بحيث أنّ هذه الأوراق النقاشية جاءت بتوجهات ورغبة ذكية بأن تكون إطاراً مرجعياً استرشادياً للحكومات السابقة، التي لم تأخذها وللأسف الشديد، على محمل الجد، وهنا فإنّها يجب أن تكون محطة استلهام وتعميق للتفكير ونقاش في نقاطها ومواضيعها بما ينسجم مع النظرة الحالية والمستقبلية لنا جميعاً.
 
وحول موضوع المراجعة والبرلمان والتيارات البرامجيّة وعمل الحياة الحزبيّة، يتحدث العدوان عن شقين يعتبران وجهاً لعملة واحدة، في ضرورة وجود الكتل الحزبية والكتل البرامجيّة داخل مجلس النواب، مهتماً بكيفية حفز المواطن الأردني للمشاركة في الأحزاب السياسية أمام الهويات الفرعية الأقدم من العملية الحزبية في الأردن. وفي هذا الموضوع يشير إلى أهمية الإطار الناظم للعلاقات الاجتماعية والتي تفرز كثيراً من القضايا السياسية، مثل عملية الانتخاب التي تفرز أساساً عشائرياً وليس حزبياً، فالتحدي الأكبر لقانون الأحزاب هو كيف نستطي? أن نقدّم مشروع قانون أو تحديث لعملية الأحزاب بحيث يكون قانون الأحزاب جاذباً لأبناء العشائر الأردنية من كلّ المنابت والأصول، منوّهاً إلى شمول كلمة العشيرة لكلّ مكونات الشعب الأردني التي أسهمت في الدفاع عن الأردن وبنائه وتكوينه السياسي.
 
الإدارة المحلية..
 
ويذكر العدوان تحدياً آخر، هو البناء على قانون الأحزاب، نحو قانون انتخاب، متحدثاً عن الإدارة المحلية وقانون انتخاب مجلس النواب والآلية المتبعة، والنصوص الإدارية التي يتضمنها قانون الإدارة المحليّة سواء في انتخاب البلديات أو انتخاب مجالس المحافظات، وبالتالي فالمهم هو تجاوز الخلل بحيث يصبّ القانونان في مصلحة الحياة الحزبية والبرلمانية في الأردن. وفي هذا السياق ينوّه إلى أنّ تناول كلّ قانون على حده سيؤدي إلى الفشل، وسيكون هناك فراغ سياسي واجتماعي بين القانونين، فالتحدي كما يرى هو أن ننظر إلى القانونين كشكل من ?شكال التلازم، بحيث تكون مخرجات القانون الأول خادمة للقانون الثاني، وبهذه الطريقة نوائم بين قانوني الانتخاب والأحزاب.
 
ويرى أننا يمكن أن نتوافر على ثلاثة تيارات حزبية في الأردن مثلاً، وأن تكون هناك امتيازات ليست مالية فقط للأحزاب، وإنّما لا بدّ وأن تكون قوانين الانتخاب محفّزة للأحزاب، تماماً مثل كوتا المرأة والبادية ومكونات المجتمع، فهناك أفكار عديدة لتحفيز عمل الأحزاب، وهو حلٌّ من ضمن حلول وأفكار يطرحها العدوان، داعياً إلى امتيازات للأحزاب الأردنية في ظلّ قوانين الانتخاب.
 
وحول قناعة الناخبين، يعرب العدوان عن أسفه لأن تكون الانتخابات في كثير من الأحيان قائمةً على العلاقة المصلحية أو العشائرية أو الاجتماعية أو النفعية أو الدفعية، مراهناً على وعي المواطن الأردني بمن يمثله ويحمل فكره وتطلعاته.
 
ويرى أن التدرج مهمٌ جداً في موضوع الشباب والمرأة، أمام قوى الشدّ العكسي للوصول إلى الديمقراطية المنشودة التي يرغب بها جلالة الملك، وفي موضوع المرأة يؤكّد العدوان أن التشريعات الأردنية استجابت لكافة الاتفاقيات العالمية بما يضاهي الديمقراطيات الكبرى في هذا المجال، لكنّه يشير إلى جزء من الممارسة الاجتماعية المحيطة بالمرأة، كموضوع له أبعاد عديدة، ومع ذلك فقد وصلت المرأة في الأردن إلى مناصب عليا وأصبحت نائباً في البرلمان ولا بد من دفعها للمزيد من شغل المواقع المتقدمة بفاعلية، أمّا الشباب فيرى العدوان أنهم مستقب? الأردن، مؤكداً على قضية المواطنة وتغليبها على الهويات الفرعية التي تنتفي مع المصلحة الوطنية في كثير من الأحيان.
 
كما يؤكّد أنّ مئوية الدولة هي انتصار كبير للمشروع الوطني الأردني وفرصة مهمة للمؤسسات لأن تحصد الدولة الأردنية تحالفها المقدس ما بين النظام وكافة مكوّنات المجتمع والعشائر الأردنية والمؤسسات العسكرية والأمنية لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية عبر مئة عام على التأسيس.
 
ويختم العدوان بتأكيده أنّ هذه اللجنة لا يمكنها أن تعمل بمعزل عن الناس والتواصل معهم عبر منصّاتهم وآرائهم وحضورهم الفكري ورؤيتهم في تلبية الطموح المراد منها.
 
نهج جديد..
 
وتؤكّد الوزيرة السابقة عضو اللجنة خولة العرموطي أنّ ثقة جلالة الملك جديرة بأن تُنفّذ، معربةً عن اعتزازها لأن تكون ضمن لجنة التحديث السياسي؛ باعتبارها تحرُّكاً باتجاه تحويل الأوراق النقاشيّة أو جزء منها لتصبح نهجاً للحياة السياسية في الأردن، وهذا معناه في كلّ الأحوال أننا أمام خطى حثيثة نحو أردن أفضل في المئوية الثانية للدولة الأردنيّة.
 
وتضيف العرموطي أنّ الأردن وهو يدخل بثقة واطمئنان إلى المئوية، بما لها من أهميّة ودلالات، هو الآن أمام قراءة وتحليل جاد لأوراق الملك النقاشية عبر لجنة ملكية تقدّم توصيات يضمن على أساسها الملك أن تقوم حكومته بتنفيذها.
 
وتقول إنّ وجود لجنة بهذا التنوّع من الشخصيات ذات الاختصاص والكفاءة وعلى تنوّع ألوانهم وأطيافهم السياسية وأعمارهم ونهجهم ورؤاهم التي تتكامل في النهاية، هو أمرٌ يؤكّد أنّ هناك رغبةً حقيقيّةً بالتحديث والإصلاح الحقيقي، لافتةً إلى أنّ هناك شخصيات ناقدة للحكومات باستمرار وهي الآن جزء من هذه اللجنة، التي يرأسها رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي كشخصيّة وضع جلالة الملك ثقته فيها، وكشخصيّة لم تأخذ حقّها أيضاً، فتركيبة اللجنة كما تقول العرموطي هي لجنة شاملة بكافة أطياف المجتمع، وهذا واضحٌ من استعراضنا لأعضائها من مخ?لف أصولها ومنابتها وأطيافها السياسيّة والاجتماعية والاقتصادية والحزبية ومن مختلف الأيديولوجيات.
 
المرأة والشباب..
 
وبحسب العرموطي، فإنّ أهمّ ما في كتاب التكليف هو أنّ هذه اللجنة لا تعطي الأولويّة للحياة السياسيّة والحزبيّة فقط، وإنّما هي تعطي الأولويّة أيضاً للمرأة والشباب في هذا المجال، وباعتبارها معنيّة بهاتين الفئتين، تقول العرموطي إنّ من المهم بالإضافة للتنمية السياسيّة ألا يتراجع تمثيل المرأة، معربةً عن أسفها لأن يكون تمثيل المرأة في مجلس النواب الأخير قليلاً، وهنا فنحن أمام دعم لأهمية تجديد قانون الانتخاب الذي سوف يُدرس من قبل اللجنة، لأنه يعطي المرأة الأردنيّة حقّها الأكبر من مجرّد كونها «كوتا» بـخمسة عشر مقعداً? فقد كان لها في الانتخابات مقعد لكلّ محافظة، في الوقت الذي أعطت اللجنة الملكية نفسها المرأة تمثيلاً يصل إلى عشرين بالمئة، فالمرأة اليوم يجب أن يكون لها حقٌّ في التمكين ووجود، فهي بالتأكيد ليست كوتا.
 
وتتابع العرموطي: المرأة هي مفكّرة وسياسية ودبلوماسيّة وهي نائب ووزيرة، وهي في كلّ مكان، أما بالنسبة للشباب فإنّ تمثيلهم في البرلمان ليس كافياً كما ترى، فتمثيلهم للحياة السياسية منذ الأحكام العرفيّة وحتى الآن انخفض بشكل كبير وواضح، وكذلك تمثيلهم في الحياة الحزبية والدبلوماسية انخفض، فهم بحاجة إلى هذه الدفعة اليوم لإدماجهم في الحياة السياسيّة، استناداً إلى رؤية جلالة الملك، مؤكدةً اهتمامها بهذا الجانب في نقاشات اللجنة وما تقدّمه من توصيات.
 
وترى العرموطي في موضوع التمكين في التنمية السياسية أمراً يأتي بالتشارك والتكامل مع التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فالتنمية السياسية لا تكون فقط بالسياسة والأحزاب.
 
وحول رؤيتها لقانون الأحزاب المأمول، تقول العرموطي إنّه قانون عادلٌ وواضحٌ يحمي تمثيل المرأة والشباب ويقوم على التمثيل الإيجابي لصالح هاتين الفئتين، وهو قابلٌ لأن يحفّز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، مؤكّدةً معرفتها برئيس اللجنة سمير الرفاعي كشخصيّة دائماً ما تبحث عن تنمية شاملة، اقتصادية واجتماعيّة وسياسية، ومع أنّها لم تكن في حكومته السابقة، إلا أنّها تؤكّد أنّه مهتمٌ بهوية وجوهر الموضوع الذي يعمل عليه، وهو ما يبشّر بنتائج جيّدة لهذه اللجنة.
 
التنوع الفكري..
 
وتلفت العرموطي إلى وجود شخصيات ذات اتجاه إسلامي كشخصيات مقرّبة منها في اللجنة، وذلك ما يعطي انطباعاً وإشارة لدمج كل فئات المجتمع مع بعضها، إضافةً إلى وجود شخصيّات يساريّة في اللجنة، وكذلك وجود شخصيات نسائيّة تُعنى بالتنمية الاجتماعية وشخصيات حزبية من النساء وشخصيات اقتصادية وسياسية، فهي رسالة بأنّ المرأة موجودة في رؤية جلالة الملك وهو أمرٌ مهم ويُشعرنا بالاطمئنان.
 
وتنطلق العرموطي من أهمية مخرجات وتوصيات اللجنة التي أكّد جلالة الملك أنّ حكومته ستتبناها؛ لافتةً إلى أنّ هذه الأوراق النقاشية، ونظراً لضرورتها، كان من الأهمية بمكان أن يتم تبنيها من قبل الحكومات في فترات سابقة، لتكون نهجاً معمولاً به، وترى أنّ تمثيل اللجنة لكلّ الأطياف هو ضامنٌ حقيقي للناس بقيمة مخرجات اللجنة التي سيوقّع عليها الجميع من مختلف المشارب والأطياف والخلفيات الأكاديمية والنقابيّة والرؤى السياسية والحزبيّة، وهؤلاء من المفروض أن يقدّموا هم قانون الانتخاب وليس أن يتم تقديمه من الحكومة كما حصل في ال?رلمانات السابقة.
 
أمّا عن قناعة الناخبين، فترى العرموطي أنّ اللجنة ستأخذ بعين الاعتبار فقدان الثقة ربما بين الشارع وصنّاع القرار، ولذلك فستكون التوصيات خطوةً في طريق إعادة هذه الثقة بين الطرفين.
 
وعودةً على موضوع تمكين المرأة، تؤكّد العرموطي أنّ الأولوية هي في وجود سياسة منحازة لصالحها، وتمييز إيجابي كما فعلت الكوتا، ولكن بتعزيز دور المرأة، بالإضافة إلى تمكينها اجتماعياً واقتصادياً.. وترى أنّ المعيقات هي سياسية وفي المنظومة الاجتماعية والتشريعية، بما في ذلك قانون الانتخاب الأخير الذي جعل الكثير من الرجال في القوائم تنقلب على النساء، وفيما يتعلّق بالشباب فهم محلّ رهان اليوم وهم الضامن الحقيقي للأردن ومستقبله، فلا بدّ من مساحة ومجال في أن يشاركوا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعيّة.
 
الفرصة المتاحة..
 
ويرى المحامي والخبير القانوني الدكتور عمر مشهور الجازي أنّ الفرصة المتاحة لأعضاء اللجنة هي فرصة تاريخية بامتياز وتؤرخ لمرحلة جديدة في دخولنا المئوية الثانية للدولة، خاصة أن هذه اللجنة تمثل كلّ أطياف العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمجتمعنا في مملكتنا، مؤكداً أنّها تعطيهم القدرة لوضع تصور حول تحديد هذه المنظومة السياسية.
 
وهذا بحد ذاته طمأنة للناس بأن المخرجات التي ستقوم بتقديمها هذه اللجنة ستكون مخرجات جيدة وجدية وعملية، وستحظى بتوافق وطني شامل وعام، ويضيف الجازي: ولا ننسى أن التطمينات التي وردت في الرسالة الملكية التي أسست لهذه اللجنة كانت واضحة جداً، فهناك ضمانات ملكية أمام مكونات الشعب الأردني كافة، كما أنّ نتائج مخرجات اللجنة ستتبناها حكومة جلالة الملك وستقدم إلى مجلس الأمة.
 
ويستند الجازي إلى عبارة أنَّ الملك بنفسه يضمن ألا يكون هناك تدخلات أو محاولات للتغيير أو التأثير على مخرجات اللجنة أو على أعضائها، معتقداً بأن هذا كافٍ ويحاكي المرحلة.
 
ويدرك الجازي أنّ هناك حالات من اليأس والإحباط على مر السنين، خصوصاً وقد شُكلت لجان في السابق ولم تأخذ مخرجاتها أو توصياتها بكامل الجدية، فنحن الآن أمام مرحلة جديدة ولا بد من التأكيد بأنّ الإحباطات والإخفاقات التي رافقت عمل اللجان السابقة لم تكن كلها من المؤسسات الناظمة للعملية السياسية، فربما هناك ظروف إقليمية لعبت دوراً في عدم ترجمة هذه المخرجات الى أرض الواقع.
 
وثيقة استرشادية..
 
وحول تأكيد جلالة الملك مرّة أخرى على الأوراق النقاشية في أن تكون مظلّةً لهذه اللجنة،.. وهل تمّ فعلاً استلهام هذه الأوراق ونقاشها بمواضيعها المتنوعة، يقول الجازي إنّ جلالة الملك أكد في رسالته وتكليفه السامي بأن تكون الأوراق النقاشية السبع التي طرحها جلالته للنقاش العام وأخذت بعداً كبيراً من النقاش والأخذ والرد وقوبلت باهتمام كبير، إنّما هي وثيقة يجب الاستئناس فيها بأعمال اللجنة، فهذه الأوراق النقاشية بمثابة وثيقة استرشادية.
 
ويتوقع الجازي أن تضع هذه الأوراق النقاشية خارطة الطريق لمستقبل بلدنا وشعبنا، مؤكّداً أن عملية تحديث المنظومة السياسية وتطويرها هي عملية مستمرة وحيوية، وهذا يقودنا إلى التجديد وضخ دماء جديدة كل فترة، وإعادة دراسة بعض المواقف والتشريعات لتكون على مستوى الحدث وعلى مستوى متطلبات الناس.
 
ويرى الجازي أهمية المراجعة المستمرة كترجمة لعملية النضوج السياسي، وعملية ديناميكية سياسية مستمرة، فليس وحدنا من يعيد النظر في قائمة التشريعات الناظمة للعملية الانتخابية والأحزاب، بل إنّ هذا ديدن واضح للدول المتقدمة والديمقراطية المعاصرة. ويشير الجازي إلى أنّه في الماضي كانت هناك حلقات مفرغة في بعض المواضيع، لأنه لم تكن هناك جدية على مستوى الحدث ولم يؤخذ في توصيات مهمة من لجان سابقة لتحديث العملية السياسية وخصوصاً في قانون الانتخاب، وكما نعلم فهناك الكثير من الرفض الشعبي لبعض مشاريع الانتخابات وبعض التشريعا? التي تم إقرارها وأجريت عليها انتخابات سابقة.
 
التشريع والتشاركية
 
ويتوقع الجازي بأنّ المواطن سيتطلع إلى ضمانات أكثر لسلاسة وسير العملية الانتخابية دون التدخلات، وأنّ أي مشروع قانون للانتخاب يجب أن يكون مبنياً على أسس تشاركية وليس إقصائية، فلا نستطيع أن نقوم بتشريع قانون الانتخاب ليقصي حزباً سياسياً معيناً أو فكراً سياسياً معيناً، بل على العكس يجب التهيئة وخصوصاً للشباب الذين يمثلون النسبة الكبرى من الشعب في أن تكون لهم الفرصة في المشاركة، فهناك مطالب تتعلق بالقوائم الانتخابية لمسايرة التطبيقات المثلى في العالم، لا شك أنه يجب أن يكون هناك بالفعل قناعة للناخبين بأن التغيير?جديٌّ و صادق.
 
وحول قناعة قناعة الناخبين: هل تأطّرت فعلاً اليوم، وهل نراهن على وعي الناخب ومعرفته بمن يمثّله وينوب عنه في قراءة المشهد، يؤكّد الجازي بأننا نراهن فعلاً على وعي الناخب ومعرفته، خصوصاً إذا أعطيناه الضمانات الكافية لنزاهة العملية الانتخابية، مضيفاً أنّ هناك نظرة جدية الآن لتخفيض سن الترشح، لأنَّ هناك فئة كبيرة يمكن أن تشارك في العملية السياسية وفي هذه العملية التشريعية، وهي فئة تدرك هموم وأولويات بعضها البعض ولها التطلعات نفسها، وذلك لا يقلل من أهمية وجود فئة ممن لديهم الحكمة و الرأي السديد.
 
تحديات المئوية..
 
أما بالنسية لقناعة الناخبين فيتوقع الجازي أنها تأطرت بالفعل، فالشعب الأردني يستحق الأفضل دائماً، والرهان هو على وعيه لأنه متمسك بشرعية النظام والدولة ومؤسساتها الدستورية مهما كانت الظروف صعبة، فالمهم في هذا الزمان وفي هذا المكان وفي هذه التحديات أن نقلل من حدة الهويات الفرعية وأن نعظم من هويتنا الوطنية الجامعة المانعة وأن نكون مؤمنين بأن هذه الدولة الأردنية هي الوعاء الأكبر لكل هذه الهويات الفرعية، وهي الوعاء الأكبر لقبائلنا العربية الأصيلة التي نعتز ونفتخر بالانتساب لها. ويجب أن نؤكد أن الأردن وهو يخطو خط?اته للمئوية الثانية يجب أن يكون أنموذجاً لكلّ الأقطار العربية المحيطة.
 
ولا يرى الجازي أنّ هناك أية معيقات تشريعية أو قانونية بالتحديد، ولكنّ هناك معيقات مؤسسية وضعفاً في الرقابة على التطبيق، مما يؤدي إلى عدم تحقيق المرأة لذاتها وممارستها لجميع حقوقها المكفولة حسب المعايير الدولية والقوانين، فمثلاً هناك موضوع العنف ضد المرأة، الذي كانت فيه الأردن سباقة إقليمياً من حيث الاعتراف بوجود مشكلة والعمل بروح التشاركية والتشبيك بين المؤسسات العامة وغير الحكومية من أجل إيجاد حلول تشريعية وسن أنظمة وأسس للعمل. وبالفعل تم إعداد منظومة متكاملة لهذا الغرض من قبل المجلس الوطني لشؤون الأسرة ا?ذي ترأسه جلالة الملكة رانيا، وهذا الإطار من أفضل الآليات الموجودة عالمياً لتنسيق العمل وتوحيد الآليات، ولكن لا نزال نلمس في مجتمعنا بعض الحالات المفزعة الغريبة جداً، وهذا من الممكن أن يكون دلالة على ضرورة العمل بجدية أكثر على مراقبة التطبيق في مجال مجابهة العنف الأسري، ومن ناحية أخرى يرى الجازي أنّ المرأة الأردنية قامت بتجاوز الكثير من الحواجز التقليدية، فهي متميزة في القيادات العليا في المؤسسات العامة والشركات والبنوك
 
كما نرى تنوعاً كبيراً في النواحي التي تختارها الفتاة الأردنية للدراسة والعمل مما يعطي مؤشراً إيجابياً على التغييرات التى طرأت على المجتمع.
 
مستقبل الشباب..
 
وفيما يتعلق بالشباب، ولأنهم النسبة الأكبر في مجتمعنا الأردني يتوقع الجازي أن يكونوا صناع المستقبل ورواده، فهم الذين ساهموا في وضع خارطة الطريق المقبلة ويجب أن نفهم طموحاتهم وواقعهم أكثر، موضحاً أنّ أي شخص يتخطى الخمسين من عمره لا يمثل إلا 15% من مجتمعنا الأردني ويجب علينا إدراك هذا الأمر.
 
ويؤكّد الجازي أنّ قيم المواطنة يجب أن ترسخ أكثر على أساس العدالة الاجتماعية وسيادة القانون، فلا يمكن للشباب في ظل أي تهميش سياسي أو فقر مدقع أن يمارس حقه السياسي والتشريعي، وكلّما تم تعطيل قيم المواطنة نخسر أكثر على مستوى كبير، فالمستفيد من التعطيل هم القوى المضادة التي لا تحب الخير لهذا الوطن والذين لهم مكتسبات فردية وشخصية ولا يعنيهم رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره.
 
وحول مئوية الدولة الأردنية، يؤكّد الجازي أننا نخطو الخطوات الأولى للمئوية الثانية للدولة الأردنية التي تأسست على فكرة الثورة العربية الكبرى وربطها بجغرافية البلاد العربية، وعليه يجب أن تكون هناك استحقاقات تليق بهذه المئوية وهي إعادة النظر في أهم محاور المنظومة السياسية، بما فيها التشريعات المهمة ولأدواتها وعمل المؤسسات التشريعية، كما لا ننسى أننا نحتفل هذا العام بالخمس وسبعين سنة لاستقلال الأردن و أيضاً نحتفل العام القادم بمرور سبعين عاماً على وضع الدستور الأردني الذي خطه الملك طلال طيب الله ثراه، والذي كا? نموذجاً فريداً بين الدول العربية، فلا بد أن نعزز في بداية هذه المئوية الثانية المفاهيم التي تشكل روح الدستور الأردني وفلسفته المبنية على الحرية والإخاء والمساواة والعدالة الاجتماعية وتعزيز قيم المواطنة، باعتبار الدستور هو الحامي الأمين لهذه المبادئ.
 
الفرص والمراجعة..
 
ويرى أستاذ التاريخ عضو اللجنة د.مهند مبيضين أنّنا من حيث الفرصة المواتية يجب علينا أولاً، وبكلّ صراحة، تقييم كل الفرص الانتخابية والديمقراطية التي خضناها منذ ثلاثين عاماً.
 
ويعترف مبيضين بأنّ الناس يعودون اليوم لتجربة تسعة وثمانين ويرونها الأجمل؛ معللاً بأنّ معيارها كان المشاركة التي أتت بكلّ هذا التنوّع وهذه الشريحة الواسعة من التعددية والتنوع الهائل في البرلمان.
 
ويضيف بأنّه لو أتيح القانون اليوم وانتخبنا الحالة نفسها فربما لم ننتج ذلك الذي أنتجناه، لأنّ المجتمع توسّع وتغيّرت الناس والثقافة كذلك، والبنى التقليدية للمؤثرين أيضاً، كما زاد عدد السكان من أربعة ملايين إلى اثني عشر مليوناً، متسائلاً: لماذا لم ننجح في إحداث التحول المطلوب عبر ثلاثين عاماً؟.. مؤكّداً أنّ هذا هو الذي يجب أن تجيب عليه هذه الفرصة التشريعية بالذات، فهي فرصة سياسية وأساسية، والعقل المفكّر الجمعي قادر على فهم ذلك، لافتاً إلى أنّ هذه اللجنة التي تشتمل على أكثر من تسعين عضواً، بتنوّع وتعدد واضح، م? المفترض أن يقدّموا الوصفة الأفضل، الوصفة المستفيدة من كلّ التجارب السابقة، بخيباتها ونجاحاتها وآفاقها، فهذا هو المعيار الأساسي والتقييم لما كنّا عليه عبر هذه المدة الطويلة. وحول لماذا أخفقنا ولم ننجح، يرى مبيضين أنّ قانون الصوت الواحد والهواجس التي ارتبطت به هي التي أدّت إلى هذا الإخفاق، مضيفاً إلى ذلك تشوهات المجتمع وبنيته الثقافية والسياسية والاجتماعية وأمراضه بطبيعة الحال.
 
الإرادة الجادة..
 
وحول تمكين المرأة يعتقد مبيضين بأنّ وضع المرأة ما يزال بحاجة إلى تمكين وزيادة في الفرص، لكي يتناسب مع قدرتها في التعليم ومشاركتها فيه وفي العمل.
 
أمّا عن قناعة الناخبين فتحتاج، كما يرى، إلى توفّر إرادات جادة في التغيير، ولا يمكن الحديث عن إصلاح في السياسة ما لم نصلح في التعليم والثقافة والعمل والاقتصاد، فلا يكفي أن نصلح في السياسة حتى نقول للناخبين شاركوا، داعياً إلى أن يرى الناس جديةً في الإصلاح الإداري ومكافحة الفساد والتعليم فيذهبوا إلى السياسة.
 
ويعترف مبيضين بأننا نجحنا في السياسات، مؤكداً على أهمية أن ننجح أيضاً في السياسة، فقد نجحنا في سياسات التعليم عبر مئة عام وسياسات العمل وسياسة المواصفات وسياسة الأشغال...وسياسات التنمية، وفيما يتعلّق بالشباب يؤكّد أنّهم ما يزالون ينتظرون التغيير، فهم شركاء في هذه اللجنة وممثلون بقطاع واسع، متمنياً على أعضاء اللجنة الشباب أن يتواصلوا مع قواعدهم الشبابية ويحاولوا أن يضعوا خيارات تناسب أعمار الشباب ورؤاهم وأفكارهم.