عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    10-Mar-2020

من ذاكـــرة زمــان .. باصات (عمان الزرقاء القدس رام الله )

 

 عمان - الدستور- نبيل عماري - في ايام الزمن الجميل الكثير من الناس لايملكون سيارة، ووسيلة نقلهم الوحيدة هي الباصات وسيارات التكسي أو السرفيس، وصياح الكنترول عمان / الزرقاء / عمان / اربد / الزرقاء / المفرق / عمان / الكرك وكانت الرحلة من الزرقاء لعمان تعني انك تغربت وكانت تتم بواسطة سيارات أجرة تقف قبالة مخيم اللاجئين تنتظر الركاب من سيارات المرسيدس 180 موديل 1958 ومرسيدس 190 موديل 1964 وكذلك سيارات الستروين الفرنسية والتي تظهر لها دعاية على تلفزيون الأبيض والأسود وهي تمشي على «ثلاث عجال» مثل تلك الأغنية التي كانت سائدة وقتها «يا ام سعيد بثلاث عجال» . وكذلك تلك الباصات القديمة موديلات ما قبل النكبة وما بعدها وتلك الباصات ما زالت مكتوبا عليها عمان الزرقاء القدس رام الله بيت لحم باصات وبحاجة لرجل قوي البنية ليسيطر على الستيرنج والجير والذي يجعر بصورة رهيبة وكانت الناس تقول عن الباص «كل شيء به يزمر ما عدا الزامور» عدا عن وقفاته المتعددة في النزول والتحميل وصوت راديو الترانزوستر الموجود بجانب الشوفير وصوت اذاعة لندن وصوت محمد الأزرق وصوت العرب من القاهرة وصوت إشارة أخبار عمان «كمارش عسكري» وصوت كبسات الجرس الموجود بالباص للراغبين بالنزول والتي لا يسمعها السائق إلا بعد صياح الراكب الراغب بالنزول وهو يقول «نزلني هون» فيتم النزول على بعد عشرات الأمتار من الموقع . تمشي الرحلة من الزرقاء لعمان نزولاً لنهر الزرقاء وذاك الجسر الجميل ورائحة التبن وجمال سريان النهر وحواكير التوت الشامي والجوز وأشجار الحور والمشمش على جانبي السيل تنظر يمنة ويسرة فشجر الدفلى يغني والعليق يطرح ثماره وسمك النهر يضحك وكذا نقيق الضفادع ومصاطب الخس والبقدونس تغازل الشمس تمشي السيارة الهوينا وبعد الجسر تدخل جنة من أشجار السرو واللزاب تعطي هيبة للزرقاء كأنها تستقبلك وتودعك وهي تصطف على الجانبين وعلى احدها  نادي الضباط ببساتينه الرائعة وروائح الياسمين والجوري وتبدأ البساتين الجميلة تزداد أتساعاً في عوجان والربيع يناغي طيور البراري ورائحة زهر الليمون تعانق الحياة وصوت خوار في مزارع البقر فعلا ً هنا الماء والخضراء حول سيل الزرقاء حتى نصل الرصيفة مدينة المنتزهات والطبيعة الجميلة وصوت فريد الأطرش وهو يغني «بقى عايز تنساني» أو «أول همسة» و»الربيع» تصدح عبر سماعات تشدو بها تلك المنتزهات وتمشي السيارة او الحافلة لتصل إلى ماركا ومستشفى التضميد او الميدان الأول يليها مطار ماركا مطار المستقبلين اكثر من المسافرين وهو مكان كنا نفرح به ونحن نستقبل وتكبر الدمعة حين نودع المطار كنا نفرح حين نشاهد طائرات الكرافيل وهي تهبط او تطير، تمشي السيارة الهوينا لنصل للمحطة حيث القطارات الجاثمة بموقع المحطة الأنيق وحولها بساتين جميلة ننزل إلى حيث عمان البلد هنالك على سفح جبل عال يوجد قصر رغدان نزولاً للمدرج الروماني ودرج فرعون ، فندق فيلادلفيا الفندق العريق نزل فيه كبار الساسة والشعراء والفنانون الكبار حتى نصل وسط البلد بجمال تلك الحدائق الوسطية المزروعة بورود جميلة معتنى بها جيداً نصل إلى آخر موقف في شارع بسمان ليصار إلى اخذ سيرفيس لجبل اللوبيدة حيث بيت «الخوال والجد» ذاك الجبل الجميل العريق والذي يطل على وسط البلد من «برندة دار جدي» والأشرفية وجبل عمان فتبدو عمان ليلاً من سفح جبل اللوبيدة شجرة عيد ميلاد تزهو بكل أطياف الألوان، وهو الجبل الهادىء والذي يتنفس عبق الياسمين ويصحو على صوت أسراب السنونو ويغازل جبال عمان السبعة بمحبة ويغني بصوت غادة وصبري محمود «عمان هلالك طالع فوق الجبال يا جبال السبع معمرها مايل العقال يا هبوب الريح لا تهبي حاميكِ رجال» .