دمشق – «القدس العربي»: رد رئيس النظام السوري بشار الأسد، في خطاب له بعد أشهر طويلة من الغياب، على العملية السياسية التي يديرها زعماء «روسيا- تركيا وإيران»، والقاضية بتشكيل لجنة دستورية برعاية أممية من ثلاثة مسارات لكتابة دستور جديد لسوريا بالقول: «العملية السياسية لم تحقق شيئاً حتى الآن لأن الدول المعتدية والداعمة للإرهاب مازالت مصرة على عرقلة أي عملية جدية مثل سوتشي واستانة».
وجه «رسائل روسية» في اتجاه إدلب وضد الدور التركي
وقال الأسد: «الدستور غير خاضع للمساومة»، ولن نسمح للدول المعادية بأن تحقق غاياتها عبر عملائها الذين يحملون الجنسية السورية، وأن مستقبل سوريا يقرره السوريون حصراً». كما رحب رئيس النظام السوري بالدور الأممي في العملية السياسية السورية، شريطة أن تكون أعماله ضمن «ميثاق» الأمم المتحدة، على حد قوله، أما على صعيد المصالحات، فقد قال الأسد بأنها السبيل الوحيد أمام كل «ضال» للتراجع عن ضلاله، وتسليم سلاحه للـدولة».
ووصف بشار الأسد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بـ»الأجير الصغير عند الأمريكيين، يستنجد بهم لإنشاء المنطقة الآمنة شمال سوريا» التي يسعى لها منذ بداية الأزمة في سوريا، وقال الأسد في كلمة أمام المجالس المحلية أمس الأحد: «الأعداء فشلوا في الاعتماد على الإرهاب والعملاء فانتقلوا للمرحلة الثالثة وهي تفعيل العميل التركي في المناطق الشمالية». وأضاف الأسد: «اردوغان ليس سوى أجير صغير عند الأمريكان.. والمنطقة الآمنة التي يعمل عليها التركي هي نفسها التي حاول إنشاءها منذ بداية الأزمة في سوريا».
وخطاب الأسد – حسب السياسي في مركز جسور للدراسات عبد الوهاب عاصي- يشير بشكل واضح إلى الاستعصاء والانسداد الذي يواجهه مسار أستانة، ويلوح بوقوف تركيا كعائق أمام الاستمرار في تحقيق ذلك.
ويبدو أن روسيا وإيران أرادتا على لسان الأسد توجيه رسالة إلى السكان المحليين في إدلب التي خصص الحديث عنها من أجل الضغط على موقف تركيا عبر تأليب السكان المحليين، فأنقرة لا يبدو أن لديها رغبة أو قدرة على التصعيد وبالتالي سوف تكون أمام مأزق محتمل كضامنة إزاء الخرق الكبير الذي تواجهه منطقة خفض التصعيد.
وبالنسبة للدستور، قال الباحث لـ «القدس العربي»: أراد الأسد غالباً التأكيد على وجهة النظر الروسية والإيرانية على شكل الحل وهو جعل العملية السياسية تسير باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتوظيف الدستور ليكون مجرد آلية تخدم هذا السياق ومن شأن ذلك أن يلغي قدرة قوى الثورة والمعارضة على التأثير والتغيير في نظام الحكم إنما فتح المجال لها لكي تكون مجرد شريك في الحكم وضمن محاصصة مقيدة.
وأيضاً حاول التأكيد على سياسة روسيا وإيران بخصوص نموذج المركزية المطلقة للسلطة على المحليات الإدارية، ورفض أي نموذج آخر سواءً في مناطق نفوذ النظام أو خارجها. أراد أن يقول إن موسكو وإيران استطاعتا إعادة السيطرة القسرية على الوسطاء المحليين وإنهاء حالة التمرد والتفكك التي رافقت الثورة على سلطة الدولة «الشمولية» عبر تطبيق نموذج المصالحات.
كما لم يفوّت الأسد الفرصة للحديث عن دور وسائل التواصل الاجتماعي، ففي حين كان في العام 2011 قد وصف الحراك بأنه «موجة افتراضية» في محاولة منه للتضليل عما يجري واختصاره في مواقع التواصل الاجتماعي. عاد ليؤكد على الأثر السلبي والدور الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي على ما يجري، في إشارة مباشرة إلى الدور الذي تؤديه على تأليب السكان المحليين المقيمين في مناطق سيطرة النظام حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وهذا يشمل حتى الصفحات والمنصات المؤيدة مثل دمشق الآن وغيرها.