عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    19-Oct-2019

”تیك توك“.. تطبیق یغزو حیاة الیافعین
تغرید السعایدة
 
عمان -الغد-  حركات استعراضیة وكلمات غریبة ورقصات تقوم بأدائھا نور (12 عاما) تقلیداً عبر ھاتفھا من خلال تطبیق ”تیك توك“، بحسب ما تقولھ والدتھا. والدة نور تشعر بالاستیاء نتیجة ما تقوم بھ ابنتھا بالتشارك مع صدیقاتھا، اللواتي أصبحن یجتمعن ویقمن بالرقص والغناء بشكل جماعي وتقلید حركات بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي على تطبیق ”تیك توك“، حتى أنھا باتت تمنع الھاتف عن ابنتھا إلا للضرورة، خوفاً من أن تنجرف وراء ھذه المستجدات التي غیبت البراءة عن ملامح الأطفال.
و“تیك توك“، ھو عبارة عن تطبیق اجتماعي متخصص بنشر الفیدیوھات القصیرة لمستخدمیھ،
بحیث یقوم المستخدم بنشر فیدیو أو مقطع قصیر، وإضافة عدد من المؤثرات الموسیقیة المأخوذة عن أفلام عربیة وأجنبیة وغیرھا من المواد المتوفرة عبر الإنترنت، ویمكن لأي مستخدم استخدامھ والتقاط الصور والفیدیوھات وتقدیمھا بأسلوب إبداعي للآخرین بشكل مباشر بواسطة الھاتف.
وترجع أصولھ إلى الصین للشركة الأم ”Bytedance ،”وتبلغ قیمتھ 75 ملیار دولار، واعتبره مختصون بأنھ ”نافذة للإبداع وإخراج المواھب الدفینة“، وبذلك یمكن استغلال ھذه المنصة بمشاركة الآخرین بالمقاطع الإبداعیة، ویُقدر وجود ما یقارب 500 ملیون مستخدم نشط على التطبیق شھریاً، بحسب إحصائیة في العام 2018.
وفي الوقت ذاتھ، تقول نور إنھا شاھدت التطبیق من خلال إحدى صدیقاتھا التي تستخدمھ بشكل دائم، وتقوم ببث تلك المقاطع على التطبیق، وتقلید مقاطع غنائیة للأطفال أو حوارات بسیطة،  كمقاطع برامج الكرتون، إلا أنھما بعد ذلك أصبحتا تقومان بتقلید أغان مختلفة بحسب ما یتم بثھ عبر التطبیق، وھو ”للتسلیة والضحك فقط“، كما تعبر نور.
غیر أن الأمور تزداد خطورة لدى والدة عبد الله (16 عاما)، الذي أمسى یشاھد مئات من مقاطع ”تیك توك“ یومیاً، وتقلید كل ما یشاھده، وقضاء ساعات على ھذا التطبیق، غیر أنھا اكشتفت أنھ أصبح یقلد أحد المشاھیر على ”تیك توك“ من السعودیة بمقاطع تمثیلیة بطریقة احترافیة.
وعلى الرغم من أن أم عبد الله تؤكد أنھا كانت تشاھد تلك المقاطع برفقة ابنھا وتشعر بالتسلیة من الأشیاء الطریفة، إلا أن ظھور مقاطع أخرى ”منافیة للأخلاق في كثیر منھا“، جعلھا تتخوف من أن یصبح ابنھا مدمناً أو مقلداً لھؤلاء الأشخاص، متسائلة عن دور الأھل في احتواء الأبناء وحمایتھم من الوقوع في مصیدة الخطأ الذي یصعب إزالتھ في ظل مواقع التواصل الاجتماعي التي تبث كل ما ھو ”غریب“ وتتصید أخطاء المشتركین.
وبحسب الأخصائي التربوي عایش النوایسة، فإن كل ما حدث من تطور تكنولوجي متسارع طال كل تفاصیل الحیاة، ولمختلف الأعمار، ما أسھم في التأثیر على الأفعال والسلوكیات الصادرة عن الأفراد، ومن ضمنھم الأطفال والیافعون، بحیث انعكس ما یشاھدونھ على حیاتھم، ونموھم النفسي والسلوكي.
النوایسة لا یخفي الدور الجید والفعال الذي تقدمھ وسائل التواصل الاجتماعي والتقنیات المتطورة في الحیاة الیومیة في مختلف الجوانب، بید أنھا تعد سلاحا ذا حدین ویجب على أولیاء الأمور والأفراد أنفسھم أن یكونوا على درایة في كیفیة التعامل معھا في ظل وجود فراغ یحیط بالكثیرین.
أخصائي علم النفس التربوي الدكتور موسى مطارنة، یرى أن ما نشاھده في ما یخص تطبیق ”تیك توك“ كغیره من التطبیقات الاجتماعیة، یُظھر أن ھذا التقلید ھو ”إسقاط لحب الظھور وجلب الاھتمام الذي یعاني منھ الشخص في الواقع“.
ویشیر مطارنة ”یعد ھذا دلیلا على أن العدید من الأشخاص یعیشون فراغا عاطفیا ووجدانیا، فیلجؤون لتلك المواقع والظھور بطریقة غیر لائقة واستعراضیة مع غیاب الإطار الأخلاقي التربوي والثقافي في بعض الأحیان؛ إذ یتحمسون للظھور بحركات أو صور ومقاطع بعیدة عن عاداتنا وقیمنا“.
الكثیر من الـ“جروبات“ على مواقع التوصل الاجتماعي طرحت قضیة تفاعل الأطفال والمراھقین على تطبیق ”تیك توك“ كونھا تشكل قضیة حساسة تدخل الأھل في دوامة التسارع التكنولوجي الذي یصل إلى مختلف جوانب الحیاة، ومن الصعوبة بمكان أن یتم فصل تلك التطبیقات عن الأبناء بعد أن باتت الھواتف الذكیة في متناول الید.
العدید من الأمھات وأولیاء الأمور تناولوا مدى تأثر الأبناء بھذا التطبیق، بعد أن تبادل الكثیر منھم الاتھامات بأن السبب في ”تمادي الأبناء“ یعود إلى اللامبالاة من الأھل والسماح لھم بالجلوس لساعات طویلة على الھاتف بدون رقابة، خاصة عندما لا یكونون متواجدین في المنزل، ما یتیح الفرصة للصغار لمشاھدة كل ما قد یؤدي بھم إلى متاھات التقلید الأعمى.
ویحذر مطارنة من أن المراھقین، وبسبب الفراغ لدیھم بأشكالھ المختلفة، وعدم وجود أدوات تربیة صحیحة في استغلال المواھب لدیھم، جعلھم ذلك فریسة سھلة لھذه البرامج، خاصة أن الأبناء في ھذه المرحلة العمریة یكونون مقلدین بالدرجة الأولى، ویبحثون عن كل ما ھو جدید و“موضة“ اجتماعیة، أفرزت في المقابل مجتمعا جدیدا یتقبل ھذه الأمور، ما یعني أننا ”نسیر باتجاه أن تصدیر الحضارات الأخرى قد أثر فینا بما لا یلیق بنا“.
ودعا مطارنة إلى أھمیة أن یكون ھناك دور توعوي فاعل في المجتمع للمؤسسات الإعلامیة والتربویة من خلال وضع استراتیجیات لمواجھة ھذا الغزو الثقافي المختلف، ووضع أسس حقیقیة للتربیة وإعداد الجیل، كما في استغلال الطاقات بإیجابیة بإیجاد معسكرات تدمج الأطفال والیافعین في الحیاة العامة. كما یجب على الأھل إعدادھم نفسیاً حتى لا یعیشوا في دائرة ”انعدام القیمة“ والعالم الوھمي الذي لا یجلب لھم المكانة الاجتماعیة ولا یحقق الحلم الذي ینتظرونھ.