عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    27-Feb-2025

اختلالات*بلال حسن التل

 الراي 

كشف تعاملنا مع الأحوال الجوية خلال الايام القليلة الماضية، سلسلة من الاختلالات الخطيرة في سلوكنا على المستويين الفردي والجمعي، أشرت الى بعضها في المقال المنشور في الرأي يوم الاحد الماضي، وسأشير الى بعضها في هذا المقال.
 
من أبرز الاختلالات التي اكدتها الاحوال الجوية هذا الاسبوع؛ سيطرة اسلوب الفزعة، وهو اسلوب يميل الى التهويل، واستبدال الحوار بالصراخ الذي تضيع فيه الحقيقة.
 
الاختلال الآخر الذي اكدته الاحوال الجوية الاخيرة أيضاً، اننا شعب تحب شرائح واسعة منه التسويف والتأجيل حتى نفاد الوقت، فنحاول استدراكه، فنقع بالاسوأ، فعندما قررت الحكومة ان يبدأ الدوام في تمام الساعة العاشرة لحماية المواطنين من الانزلاقات التي قد تنجم عن الانجماد الذي كان متوقعا خلال الايام الماضية، فان هذا يعني ان يكون جميع الموظفين والعاملين في القطاعات الحكومية والاهلية والخاصة في مكاتبهم في تمام الساعة العاشرة، وان تكون الشوارع والطرقات، خالية او كما هي في الظروف الاعتيادية، لكن ما حصل على مدار ثلاثة اي?م هو العكس تماما، فقد ازدحمت الطرقات عند الساعة العاشرة بأكثر مما هو معتاد، مما تسبب بتأخر الكثيرين عن اعمالهم لساعة وساعتين، وسبب ذلك ان نسبة عالية لم تخرج من منازلها الى اعمالها الا عند الساعة العاشرة، او قبل ذلك بدقائق وهو التوقيت الذي يجب ان يكون فيه الجميع في مواقع عملهم، لكنه التأجيل والتسويف للحظة الخروح من المنزل، الذي اوقع الجميع في هذه الفوضى، التي سببت توترا في الأعصاب تجسد في أصوات زوامير السيارات، وفي تبادل الشتائم عبر نوافذها، والاشتباك بالايدي في بعض الاحيان، وصولا الى حوادث الصدم، ما يعني خ?ائر مادية.
 
لقد كان من الممكن تخفيف آثار سلوك التسويف الذي صار سمة من سمات مجتمعنا الأردني، لو تم توزيع قرار تحديد ساعات الدوام الى مراحل كأن يكون دوام المدارس الساعة التاسعة صباحا يليه دوام موظفي الحكومة يلية القطاع الخاص، فربما خفف ذلك من آثار الازمات المرورية، الناجمة في جزء كبير عن اندفاع الجميع في لحظة واحدة الى اعمالهم، وهو ما تكرر عند الانصراف من الاعمال.
 
غير خلل التسويف في سلوكنا الذي اكدته الاحوال الجوية، فان هذه الاحول اكدت خللا آخر في سلوكنا، وهو الجشع والميل الشديد للاستهلاك، فمن قال ان امطارا لبضعة ايام تعني اننا مقبلون على مجاعة، وعلى فقدان للمواد الغذاىية، حتى نصطف طوابير أمام المخابز، وحتى تفرغ الكثير من محلات بيع الخضار والمواد الغذائية من محتوياتها، علما بان المخابز في بلدنا وكذلك محال الاغذية والخضراوات،حتى دكاكين الحارات تظل تعمل في بلدنا حتى في أحوال جوية اشد من التي شهدناها هذا الاسبوع، والتي تفرض علينا مراجعة سلوكنا الاجتماعي لمعالجة الاختلا?ات التي اصابته والتي قد ينجم عنها كوارث لو تعرضنا لما هو خطر حقيقي لا سمح الله.