عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    30-Jan-2020

هذه ليست خطة سلام بل ضم - بقلم: ناحوم برنياع

 

يديعوت أحرنوت
 
نتنياهو محق: هذا حقا مساء تاريخي. فالخطة التي تحمل اسم ترامب تنهي فصلا وتبدأ فصلا جديدا في النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني. حل الدولتين، الذي تحكم بالخطاب الدولي منذ 1993، يفقد مع الخطة ما تبقى له من صلة. دولة واحدة ستحكم بين النهر والبحر، برعاية اميركا. هذه ليست خطة سلام: هذه خطة ضم. اما اذا كان هذا جيدا لإسرائيل أم سيئ لها؟ فهذا منوط بمن تسألون.
خطط ومخططات اميركية كانت لنا بوفرة، منذ خطة الرئيس ريغان في 1982. كل هذه المبادرات أثارت ضجيجا كبيرا في حينه وتبددت. وعلى الرغم من ذلك، فانها خلفت وراءها توقعات جعلت تحقيق الاتفاق صعبا.
اما خطة ترامب فتفعل اكثر من هذا: تعطي حكومة نتنياهو اسنادا لسلسلة خطوات من طرف واحد، ابتداء من يوم الاحد القادم. في المرحلة الاولى ستضم الكتل الاستيطانية وغور الاردن؛ في المرحلة الثانية ستضم المستوطنات المنعزلة والطرق المؤدية اليها.
على الارض لن يحصل شيء – ليس فورا. فاليوم ايضا ينطبق القانون الإسرائيلي على سكان المستوطنات. والحقائق ستتقرر على الارض بعد ذلك: فهي ستخلق بالضرورة واقع منظومتين قانونيتين لفئتين سكانيتين في ذات قطعة الارض – واحدة مسيطرة، والثانية خاضعة للاحتلال. بتعبير آخر، دولة أبرتهايد.
ينبغي البحث في الخطة الاميركية دون صلة بلوائح الاتهام ضد نتنياهو، كما ينبغي البحث في لوائح الاتهام دون صلة بالخطة. صحيح أن هناك صلة، سواء بالتوقيت ام بالمضمون، ولكن المسألتين مهمتان بما يكفي للبحث فيهما كل على انفراد.
لعله من الافضل التركيز على نصف الكأس المليء. فالخطاب الذي ألقاه ترامب أول من امس كان الخطاب الاكثر عطفا على إسرائيل يلقيه رئيس اميركي في أي مرة كانت. اما الخطة المفصلة فتفعل اكثر ما تستطيع كي تلبي الاحتياجات الامنية لإسرائيل وللمستوطنين في الضفة. فقد حقق نتنياهو من محادثيه الاميركيين ما لم يتمكن اسلافه من تحقيقه: الاعتراف بسيادة إسرائيل في شرقي القدس حتى جدار الفصل؛ وكذا الاعتراف بالسيطرة الامنية في كل الضفة؛ وكذا تبادل الاراضي على اساس غير متساو؛ وبالاساس: سلسلة شروط مسبقة لا يمكن لأي قيادة فلسطينية أن تقبل بها. اما الدولة الفلسطينية المستقلة التي يتحدث عنها ترامب فبائسة اكثر من اندورا، منقسمة اكثر من جزر العذراء.
انجاز نتنياهو، بالمساعدة المتحمسة من كوشنير وفريدمان، هو في نظري هدية غم: فهو يؤدي الى نهاية الدولة اليهودية – الديمقراطية، الى نهاية الصهيونية. ولكن يمكنني أن افهم فرح اولئك الذين يعتقدون خلاف ذلك. برأيهم، الانجاز عظيم. فهم يؤمنون حقا بأن ترامب هو الصديق الاكبر لإسرائيل في البيت الابيض.
لقد كانت إسرائيل منذ قيامها مسألة سياسية داخلية في اميركا، ليست مسألة في السياسة الخارجية. كلما تعاظم نفوذ يهود الولايات المتحدة، تعاظم الالتزام لإسرائيل. ولكن في السنوات الاخيرة طرأ تغيير: انتقل تشديد من اليهود الى الافنجيليين. ترامب بحاجة اليهم، الى اموالهم، الى تواجدهم في مهرجاناته والى مشاركتهم في الانتخابات. اليهود معقدون: فهم في غالبيتهم الساحقة يمقتون ترامب ويبتعدون عن إسرائيل. وخطابا ترامب ونتنياهو كانا موجهين الى آذان الافنجيليين. كانت هذه مساهمة نتنياهو المتواضعة في انتخابات ترامب.
لقد كان التوقيت هو المساهمة غير المتواضعة من ترامب في انتخابات نتنياهو. لا أدري كم من الاصوات اضاف نتنياهو لنفسه أمس، هذا اذا اضاف. ولكن نية ترامب، للتدخل في الانتخابات هنا، واضحة تماما. وحقيقة أن محاكمة عزله، التي تجري الآن في مجلس الشيوخ، يتهمونه بمحاولة تجنيد دولة اجنبية ضد خصم سياسي لا تمنعه من تكرار المناورة: نتنياهو يساعده؛ وهو سيساعد نتنياهو. هو ليس الرئيس الاميركي الاول الذي يعمل هكذا مع إسرائيل، وليس الاخير. سبق أن قلنا: إسرائيل هي سياسة اميركية داخلية.
كل شيء يدخل في هذا المرق، بما فيها لوائح الاتهام. لو لم تكن لوائح الاتهام، لمشكوك فيه أن تكون خطة ترامب صدرت الى النور، وبالتأكيد ليس في هذا التوقيت. لو لم يخدع نتنياهو الجهاز القضائي على طول الطريق، لكان مشكوكا فيه أن يسارع المستشار بهذه السرعة. “هو مهووس”، اتهم نتنياهو مندلبليت. اما المهووس فهو نتنياهو. لا يمكن عدم التأثر بتمسكه بالمهمة.
عند الحاجة، سيأخذ الطائرة التي تمول من ضرائبنا، فيطير كل الطريق من واشنطن الى موسكو ويأخذ فيها شابة تسمى نوعاما يسسخار. الكثير من الامور الغريبة يفعلها رؤساء الدول في الطريق الى الانتخابات، ولكن يخيل لي ان هذه هي المرة الاولى التي تحظى فيها مجرمة مدانة، وان كانت بجريمة خفيفة، بأن تطير بالمجان في طائرة رئيس الوزراء. يوجد بعض الابرياء الذين كانوا سيفرحون بالصعود الى الطائرة، ولكن الابرياء لا يساوون كثيرا في صناديق الاقتراع.