عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    03-Dec-2024

قطار الحكومة على سكة الأزمات*ابراهيم عبدالمجيد القيسي

 الدستور

كم كيلو غرام نقص وزن الرئيس جعفر حسان منذ تولى المسؤولية بالدوار الرابع؟.. لا أملك معلومة في الواقع، ولم أقم شخصيا بتوزينه قبل ولا أثناء هذه المرحلة، لكنه موضوع قد يروق او قولوا يشدّ انتباه صحافة وسوشال ميديا آخر الزمان، وأريد أن أزعم أن وزن رئيس الوزراء يشبه وزن الأردن في اضطرابه، فالجهد كبير والظرف خطير، وكل الذين يعملون من أجل مصلحة الدولة والبلد يشبهون رئيس الوزراء، فإن لم يكن همهم وهدفهم الأسمى الخروج بالدولة والوطن والناس بسلامة وبأقل الخسائر، فهم على الأقل حريصون على عدم الفشل أو التقصير في أداء واجب المسؤولية بكل تفان وأمانة وإخلاص.. لا أشك في ذلك.
 
حين يتوجه الاهتمام لقضايا ومواضيع وملفات مهملة أو ثانوية، حتى لا نقول تافهة، فهذه حالة تشبه «الانتخاب الطبيعي» التي تحدث في الطبيعة او البريّة التي تحتكم لقوانين غرائزية وغير بشرية، وهي ربما تناسب البريّة والطبيعة، لكننا حين نتحدث عن تجمعات بشرية كبيرة، ودولة وقوانين ومؤسسات، يختلف الأمر، ولا يمكن ترك قضايا هذا التجمع البشري للغرائزية والاجتهادات أو الميول والأهواء، بل يجب أن نضبط إيقاع أدائنا وتفاعلنا على مسطرة مصلحة هذه الدولة التي تضم وتحتوي وتدير شؤون هذا التجمع البشري، فلا مجال للشطط والاهتمامات الثانوية، فهذا أداء يعمم اللامسؤولية، ويوجه التفكير بالشأن العام إلى زوايا حادة، قد نفقد معها المزيد من الثقة والإيمان بأنفسنا وبلادنا ودورنا وقضايانا، ولو دققنا النظر في اهتمامات الناس اللحظية، سنجد نسبة كبيرة منها غارقة في العدمية وذلك مقارنة مع أهدافنا الوطنية الكبرى، ومثل هذه البيئة من التفاعل يزدهر فيها نمط من التنمر على الدولة والحكومات والمسؤولين وحتى على أولياء الأمر في البيت، فهذا نمط من التفاعل العشوائي التائه، يتنامى في ظروف ثانوية بالنسبة لبناء الدول والحفاظ عليها وعلى مصالحها.
 
انشغل كثيرون في الأسبوع الماضي بقصة من هذا النوع الذي لا يقدم ولا يؤخر في إدارة شأننا العام، وابتدأ الأسبوع الحالي بتلاوة رئيس الحكومة لخطاب الثقة، وانظروا الفرق بين الأسبوعين والموضوعين والحدثين، شخصيا لم أتابع أياً من هذين الشأنين، لكن طفى على السطح مقدار من التنمر والتفاهة، لمسناه بلا بحث ولا قصد منا، وإنني متأكد أن كثيرين اهتموا بالشأن التافه وكان شغلهم الشاغل، وعبروا وصرحوا وتمادوا، وفي الموضوع الثاني، أيضاً على الصعيد الشخصي، لم أتابع، لا بجهد شخصي حيث الانشغال، ولا بدعوة وتكليف من أية جهة، ووردتني بلا تخطيط او بحث، بعض أخبار متعلقة بالموضوع الثاني، وهو خطاب الثقة الذي طرحته الحكومة على مجلس النواب، وأهم ما استقر في ذهني دونما بحث ولا تفكير مني، حول خطاب وقل برنامج او عمل الحكومة، هو «واقعية» رئيسها، وهذه نتيجة لم تخالف فهمي المتواضع لشخصية د. جعفر حسان الوظيفية، فالرجل خدم في مواقع مختلفة في الدولة، وقلنا سابقا بأن الصورة واضحة بالنسبة له، وحين كان يعمل ضمن فريق او فرق محدودة المهمات والمسؤوليات، كان أداؤه أقل تحديات وأكثر سهولة ووضوحاً، ومسؤولية، لكنه اليوم رئيس فريق حكومي، ويتحمل دستوريا وشعبيا وإعلاميا كل المسؤولية، ويتوجه النقد إليه قبل أي وزير ومسؤول في أي مؤسسة عامة وخاصة أيضا، وهذا بحد ذاته عبء، سيتخفف من ثقله بالواقعية، وليس بالتمترس خلف القوى المختلفة، فالرجل لا يجيد الكذب ولا يقبل «اللغوصات» التي تحرجه وتسيء لأدائه وتفانيه وموضوعيته، لذلك يجب على الرئيس أن يوجه فريقه كله ويلزمهم بتوجيه من يرأسون لمزيد من الالتزام والابتعاد عن إثارة الرأي العام السليم أو «المريض» لاختطاف المشهد، وقذفه في سوق الكلام والإشاعات والقفز عن الإنجازات، وتغيير مسار وبالتالي إنتاج الحكومة وإنجازها المطلوب، ليتخطفه المرضى ومتواضعو الفكرة والنظرة وعديمو المسؤولية، ويقودون البلد لما لا ينفع الناس.
 
لا مشاكل تواجه حكومة حسان في طريقها لحيازة الثقة البرلمانية، ولا تحديات داخلية تمنعها من السير تجاه تحقيق برنامجها، إلا ما يأفكه السّحرة أو «المرضى» على اهتمامات الناس، فينقاد الخطاب العام إلى التفاهة، وتزدهر الإشاعة والمناكفة والتكسّب على حساب الحكومة وحساب البلد، لا سيمل في ظل أزمات اقليمية ودولية كالتي نمر بها.
 
قطار الحكومة ودون ان نضع عقبات على سكته، يحتاج الكثير من الحصافة والتفكير والالتزام ليقطع شوطا آمنا في مسيرته، ويتمكن من إنجاز شيء من المطلوب وطنيا.