عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    07-Feb-2020

سنعتاد على الضم - يوسي كلاين

 

هآرتس
 
السؤال هو ليس ما سيفعله الضم بالعرب، بل ما الذي سيفعله الضم بنا. هل الضم هو الخط الاحمر الذي أقسمنا على عدم تجاوزه؟ ربما لا. ربما يوجد ضم وربما يوجد ضم آخر. وربما يكون جيدا للفلسطينيين. وربما لن يحدث في عهدنا، لهذا هو لا يهمنا.
يمكن التعايش مع الضم مثل التعايش مع الاحتلال. أي أن الامر غير سيء. مع الاحتلال نعم، ومع الفساد لا. مع القمع نتدبر الامر، لكن مع الفساد لا نتدبر. ونحن لن نوافق على أن يلطخ فساد الحكومة عباءة احتلالنا ناصعة البياض. الفساد لدينا هو وضع ثابت. والاحتلال مؤقت كما يبدو. الضم هو أبدي.
من الصعب التكيف مع الضم لأنه لا يأتي وحده في أي مرة. الابرتهايد والترحيل دائما يرافقانه. مع الابرتهايد نحن اصدقاء، دائما كانت لنا تعاطف معه. معظم الجمهور اليهودي، 69 في المائة، قام بتأييده (استطلاع “ديالوغ”، كانون الاول 2012). الضم نزل علينا فجأة مثل نزول ايتمار بن غبير في التلفاز. بن غبير في التلفاز؟ كل يوم؟ كيف حدث ذلك؟ شخص من اتباع كهانا يوجد في الصالون لدينا؟ من سيذهب الى النوم مع ضم يجب عليه عدم الدهشة اذا استيقظ مع بن غبير.
ما الذي سيصنعه بنا الاحتلال، ليس كدولة بل كبشر؟ طالما أن الطائرات تحلق والسلال مليئة فنحن سنواصل الجلوس على المؤخرة ونشتكي من بربرية الأخ الاكبر. ليقوموا بالضم، حسنا، ولكننا سنرى أنهم يقصلون مخصصات التقاعد وسنرى أنهم يرفعون ضريبة القيمة المضافة على الميلكي. ونحن سنعمل لهم اضطرابات كبيرة.
اذا لم يقوموا بالمس بالميلكي فنحن لن نشوش عليهم في موضوع الاحتلال. من يستطيع وضع الاحتلال في بطنه مدة 53 سنة فهذا دليل على أن له معدة قوية. فهو سيقوم بابتلاع الابرتهايد وهضم الترانسفير. وفي نهاية المطاف سيؤمن بأن الخالق اختاره ليكون السيد واختار الفلسطينيين ليكونوا عبيده. وعندما يكون لديك 2.5 مليون من العبيد فستبدأ بالايمان بأن كل ذلك من السماء، وأنك إبن شعب السادة، وليس مجرد سادة، بل سادة برعاية من الله.
ما الذي سيفعله الضم بالدولة؟ سيحولها الى جنوب افريقيا، مع نفس الايمان بتفوق العرق ونفس النهاية التي لا مناص منها. “الابرتهايد” سيحذف من الكتب التعليمية. وفي المدنيات سنتعلم عن الانفصال وليس عن الابرتهايد. في اطار “الانفصال” سيقول رافي ريشف “لقد تم نقل 500 عائلة الى منطقة الحدود مع الاردن، والآن سنتحدث مع سائق شاحنة عن الصعوبات اللوجستية التي كانت لهذه العملية المعقدة”.
سيكون ابرتهايد، لكننا لن نوافق على أن نكون “دولة ابرتهايد. ونحن سنتمسك بـ “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط”. وسنوجه اتهامات اللاسامية، وسنذكر بالكارثة وسنقوم بتجنيد شلدون ادلسون ودونالد ترامب. وسندعي بأن الدولة الفلسطينية التي نقوم برعايتها هي في الحقيقة بنتوستان الاسرائيلية وستعيش مثلها ايضا. ولكن رجاء لا تقولوا إننا جنوب افريقيا. من الواضح أن نهايتنا لن تكون مثل نهايتها.
بعد الانفصالية سيأتي الانفصال (ايضا الترانسفير سيتم محوه). هذا لن يكون مجرد “انفصال”. كل “انفصال” سيكون طوعيا وكل “تخفيف” على السكان سيتم بمحبة. في العام 1968 صاغت وزارة الخارجية وثيقة أطلقت عليها اسم “تشجيع الحركة من غزة الى المناطق، ومن هناك الى مناطق اخرى في العالم العربي”. “أن تشجع” لا يعني أن تقوم بنقل عائلات في الشاحنات، لا سمح الله، بالركل واللكم، بل حبسهم في غيتو بدون حقوق، باستثناء حقهم في أن يستبدلوا السود الحقيرين في تنظيف المطاعم والمنازل.
وسيكون هناك من لا يستطيع تحمل الاهانة وسيعلن بأنه سائح، ضيف بحوزته جواز سفر اجنبي. وسيقول لنفسه بأن الدولة هي في الاصل دولة بتسلئيل سموتريتش وآريه درعي، وليست دولته لأنه فقط يقف متفرج، لكنه ايضا سيتعود على ذلك. هو ايضا سيتنازل عن الخطوط الحمراء. وسيواصل الذهاب في كل صباح الى مكتبه، حتى لو كانوا امام ناظريه يضربون العرب ويبصقون عليهم وينكلون بهم ويطلقون النار عليهم. ربما هذا سيذكره بشيء ما. وعندما سيتذكر سيطلب منا عدم المبالغة، وسيعلن بأن المقارنة مضحكة. وسيسأل نفسه هل يعتقد أحد بأننا سنفعل بالعرب ما فعله بنا الالمان؟.
“سنقوم بالاستلقاء في الشوارع وسنمنع الترانسفير بأجسادنا. ونحن لن نسمح لكم بتنفيذ الترانسفير، حتى اذا اضطررنا الى تقسيم الدولة والجيش. وحتى اذا اضطررنا الى الاستلقاء تحت دواليب الشاحنات. وحتى اذا اضطررنا الى تفجير الجسور”، هذا ما كتبه عاموس عوز قبل 26 سنة. وعن ذلك يقال الآن “حقا، بربكم؟”.