عناوين و أخبار

 

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
 
  • تاريخ النشر
    21-Oct-2025

ترامب يساوره القلق بشأن الحياة الآخرة.. الحمد لله!

 الغد- ترجمة: علاء الدين أبو زينة

 
ويل ساليتان* - (ذا بولوارك) 15/10/2025
"أريد أن أحاول الذهاب إلى الجنة، إذا أمكن. أسمع أنني لا أبلي حسناً". 
 
 
كان دونالد ترامب يتحدث كثيراً عن السماء والجنة في الآونة الأخيرة. وهو يقول إنه يخشى ألا يحصل على مقعد من الدرجة الأولى في الحياة الآخرة. ربما لا يقصد ذلك حقًا، أو أنه ربما بدأ يتأمل في سنواته الأخيرة في ما قد يأتي تاليًا. وفي كلتا الحالتين، دعونا نشجع ذلك، لأنه لا شيء في هذا العالم -لا الناخبين، ولا الكونغرس، ولا المحكمة العليا- تمكَّن من كبح أسوأ نزعاته. وربما يكون الخوف من العالم الآخر هو ما قد ينجح أخيراً في ذلك.
عندما يقرأ ترامب من نص مكتوب، تكون إشاراته إلى الجنة والآخرة في الغالب عن أشخاص متوفين يُفترض أنه يمتدحهم. وعلى سبيل المثال، قال الرئيس في مراسم تأبين تشارلي كيرك قبل نحو ثلاثة أسابيع، بنبرة ملل: "اليوم، يرقد تشارلي كيرك بمجد في الجنة إلى الأبد. لقد انتقل من إلقاء الخطب في الجامعات في ويسكونسن إلى الركوع عند عرش الله".
لكنه عندما يتحدث بشكل ارتجالي، يكون حديثه عن الجنة في الغالب عن نفسه هو. وهو يتخيل والديه في الحياة الآخرة -متسائلاً عما إذا كانا قد "بلغا الجنة"، كما لو أنها جامعة مرموقة أو نادٍ خاص- لكن المغزى في القصة دائماً هو أنهما "ينظران إليّ من فوق".
إن ترامب شخص نرجسي؛ وهو يهتم بالله فقط كمؤيد، أو محسِن، أو أداة في مسيرته الخاصة. وهو يقترح أن الله ساعده في الفوز بالانتخابات الرئاسية في العامين 2016 و2024. ويقول إنه لو كان الله -بدلاً من أولئك الديمقراطيين المزورين- هو الذي يحصي الأصوات، لكان ترامب فاز قد في كاليفورنيا، أيضًا.
وبالنسبة لانتخابات العام 2020، التي ما يزال ترامب يصر على أنها سُرقت منه، فيقول إن ذلك، أيضاً، كان جزءاً من خطة الله. بينما كان يتحدث في الشهر الماضي أمام لجنة الحريات الدينية في البيت الأبيض، قال بابتهاج: "كان لديكم بعض الناس السيئين جداً الذين زوّروا انتخابات، وانظروا ما حدث: انتهى بي الأمر إلى الحصول على تنظيم الألعاب الأولمبية، وكأس العالم"، والاحتفال بالذكرى الـ250 لتأسيس الولايات المتحدة. "مذهلة هي الطريقة التي يعمل بها الله، أليس كذلك؟ إنها مذهلة حقا".
في العام الماضي، في برنامج "فوكس آند فرندز"، طُلب من ترامب الرد على سؤال من أحد المشاهدين: "كيف هي علاقتك بالله؟ وكيف تصلي؟". بدا وكأنه غير قادر على استيعاب عبارة "علاقتك بالله". وكانت أولى الكلمات التي خرجت من فمه: "حسناً، وإذن أعتقد أنها جيدة. إنني أقوم بعمل رائع مع الإنجيليين". ثم أخذ يتفاخر بكل الأشخاص الذين يصلّون من أجله. ولم يقل أي شيء عن صلاته من أجل أي شخص آخر أو أي أمر آخر.
بالنسبة لترامب، كل شيء يدور حول حياة دونالد ترامب. لكن ثمة مأزقاً في هذه النظرة إلى العالم، وهي تجعله قلقاً: أن حياة دونالد ترامب ستنتهي.
قبل عام، وجه مقدم البودكاست، ليكس فريدمان، سؤالًا إلى ترامب: "كم تفكر في موتك؟ وهل أنت خائف منه؟"، ولم يجب ترامب بشكل مباشر، لكنه تحدث عن مزايا الإيمان بالحياة الآخرة. وقال: "إذا كنت متديناً، فإنه يكون لديك، على ما أعتقد، شعور أفضل تجاهه (الموت). من المفترض أن تذهب إلى الجنة؛ في الوضع المثالي يفضّل ألا تذهب إلى الجحيم -يُفترض أن تذهب إلى الجنة إذا كنت شخصاً صالحاً".
ومن دون هذا الإيمان، لم يستطع ترامب أن يتخيل سببًا يجعل الإنسان يتصرف بشكل أخلاقي. وقد تساءل خلال المقابلة في برنامج "فوكس آند فريندز": "لو لم تكن لديك الجنة، فإنك ستكاد تقول لنفسك: ما السبب إذن؟ لماذا يجب أن أكون صالحاً؟".
هذه هي الطريقة التي يترجم بها ترامب نكران الذات -وهو مفهوم محيّر وغريب بالنسبة له، يرتبط في ذهنه بـ"الحمقى" و"الخاسرين"- إلى أنانية؛ المفهوم الذي يفهمه جيدًا. بالنسبة له، السبب في مساعدة الآخرين هو أنك ستحصل على مكافأة في الحياة الآخرة. وقد تخيل في مقابلة إذاعية مع تود ستارنز قبل نحو شهرين أن الله يحتفظ بـ"بطاقة تقرير"، تشبه بطاقة تسجيل النقاط في جولة غولف:
"الناس المؤمنون لديهم شعور، إنهم يريدون أن يكونوا صالحين. كما تعلم، سوف يُعاقَبون إذا لم يكونوا صالحين، أليس كذلك؟ إذا لم تفكر في ذلك -إذا لم تكن مؤمنًا وتعتقد أنك لن تذهب إلى أي مكان بعد الموت- فما السبب الذي يجعلك تريد أن تكون صالحًا، حقًا؟ لا بد أن هناك نوعًا من بطاقات التقرير في مكان ما هناك. كما تعلم، شيء من قبيل: ’دعنا نذهب إلى الجنة. دعنا ندخل الجنة‘".
لا يبدو ترامب أبدًا وكأنه يؤمن فعليًا بالحياة بعد الموت. لكن فكرة احتمال وجودها -ومعرفته بأنه الآن في التاسعة والسبعين من عمره، وبأنه بدأ ينفد من الخيارات الأخرى- تؤثر عليه بوضوح. قبل يومين من مقابلة ستارنز، قال في برنامج "فوكس أند فريندز" إن إنهاء الحرب في أوكرانيا وإنقاذ "سبعة آلاف شخص أسبوعيًا" قد يحسّن علاماته عند الرب. وقال متأملاً: "أريد أن أحاول دخول الجنة، إن أمكن. إنني أسمع أنني لا أبلي حسنًا. لكنني إذا استطعت أن أدخل الجنة، فإن هذا سيكون واحدًا من الأسباب".
وفي يوم الاثنين الذي سبق كتابة هذه السطور، سأل مراسل "فوكس نيوز" بيتر دوسي ترامب عمّا إذا كان اتفاق السلام في غزة قد يسهّل عليه عبور أبواب الجنة اللؤلؤية. وبدا الرئيس متشائمًا، وقال: "لا أظن أن هناك أي شيء يمكن أن يدخلني الجنة. أعتقد أنه ربما لا يكون مصيري الجنة.. لست متأكدًا من أنني سأتمكن من دخولها. لكنني جعلت الحياة أفضل بكثير لكثير من الناس".
هذا التعليق أثار ردًّا من إيريك ترامب، الذي أكد لمقدّم البودكاست، بيني جونسون، يوم الثلاثاء مشيرًا إلى والده:
"إن مصيره الجنة. أستطيع أن أقول ذلك كابن، لأنني رأيت يد الله عليه منذ وقت طويل جدًا... إنه ذاهب إلى الجنة. يمكنني أن أقول لك إن الشيء الوحيد الذي فعله والذي ربما أثّر في السماء هو، كما تعرف... أنه أوقف الموت والدمار في مختلف أنحاء العالم. لقد رأيته أنا بنفسي وهو يوقف الحروب... وهذا بحد ذاته سيدخل والدي الجنة".
صوّر إيريك والده كالمحبوب الإلهي والمخلّص. "لو أنه ليس ذاهبًا إلى الجنة، ولو لم يكن مقدّرًا له بلوغ هذا الغرض، لما كان قد هزم هيلاري"، قال إيريك مستغلًا الفرصة للترويج لكتابه ومهاجمة مفهوم "التنوع والمساواة والشمول" وكولين كابرنيك (وكأننا ما نزال في العام 2016). وأضاف: "إننا ننقذ المسيحية. نحن ننقذ الله".
كان ذلك الهذيان برمّته مُهينًا. بالنسبة للمؤمنين الحقيقيين، كان تجديفًا؛ وبالنسبة للملحدين، كان مثالًا كلاسيكيًا على التعصب الأعمى والأجوف المتدثر بلباس ديني.
ولكن إذا كنتَ في أيٍّ من المعسكرين، فإنني أتوسل إليك: لا تُفسد الأمر ولا تعبث بشيء خيِّر. ربما لا يهتم ترامب بحقوق الإنسان، أو بالدستور، أو بسيادة القانون. ربما لا يكون قادرًا على تخيّل إله أعظم وأكثر أهمية من ذاته. لكنه يهتم حقًا بمظاهر الاعتراف الخارجي به: بنسب المشاهدة، وحجم الحشود، وجائزة نوبل للسلام. وبشكل متزايد، يبدو أن الجائزة الكبرى التي يريدها هي الجنة.
وإذا كان الحصول على تلك المكافأة يستطيع أن يحفّزه على تقديم أفضل ما لديه -أو أن يحدّ على الأقل من إظهار أسوأ ما فيه- فلنتركه يفعل. ولتُسعفنا السماء.
 
*وليم (ويل) ساليتان Will Saletan: كاتب وصحفي أميركي بارز، يعمل حالياً كمراسل سياسي لموقع "ذا بولوارك" The Bulwark. أمضى ربع قرن من العمل مع "سليت" Slate حيث كتب أكثر من 2.700 مقالة منذ منتصف التسعينيات وحتى 2022. تخرج في كلية سوارثمور في العام 1987، وتخصص في الفلسفة، مع مواد فرعية في علم الاجتماع والأنثروبولوجيا والسياسة. من بين كتبه: "الميل يمينًا: كيف كسف المحافظون حرب الإجهاض" Bearing Right: How Conservatives Won the Abortion War (2003). وهو معروف بكتاباته التحليلية العميقة للسياسة الأميركية، خصوصاً ما يتعلق باليمين والمحافظين، ويُعرف بأنه يمتلك حساً أخلاقياً قوياً في نقده للأيديولوجيا والممارسات السياسية التي يدافع عنها.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: Trump Is Worrying About the Afterlife. Thank Heaven.