مجلس الأمن يقر «الخطة الأمريكية لإنهاء النزاع فى غزة».. ولكن!* حسين دعسة
الدستور المصرية -
فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت؛ مجلس الأمن الدولى يقرّ مشروع القرار الأمريكى بشأن غزة.
.. وكان لافتًا أن جلسة النقاش انتهت بمداولات استطاعت إدخال تعديلات على مسودة مشروع القرار.. وإن بدت طفيفة.
ووفق وثائق الأمم المتحدة، والتى تصدر عن مجلس الأمن الدولى، جرى تثبيت/استخدام القرار السياسى القانونى، الإجرائى، عبر التعبير الدال، بالنسبة للدولة الفلسطينية: «مع تقدم إعادة الإعمار وتنفيذ إصلاحات السلطة الفلسطينية قد تتوافر ظروف تؤدى إلى مسار حقيقى نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية».
.. عمليًا، قانونيًا، شهدت ليلة الإثنين/الثلاثاء 2025/11/18، فى نيويورك، تحت رواق منظمة الأمم المتحدة، إقرار مجلس الأمن الدولى التصويت على مشروع القرار الأمريكى المتعلق بقطاع غزة، فى جلسة شهدت مداخلات متباينة من عدد من أعضاء المجلس، وصوتت 13 دولة لصالح المشروع.
وأُدخلت على مسودة مشروع القرار تعديلات طفيفة. استخدم القرار هذا التعبير بالنسبة للدولة الفلسطينية: «مع تقدم إعادة الإعمار وتنفيذ إصلاحات السلطة الفلسطينية، قد تتوافر ظروف تؤدى إلى مسار حقيقى نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية».
* الولايات المتحدة الأمريكية تريد غزة مستقرة وبعيدة عن العنف
المندوب الأمريكى لدى الأمم المتحدة قال إن قرار مجلس الأمن الدولى اليوم «مجرد بداية»، مضيفًا أن واشنطن تريد «أن ترى غزة مستقرة وبعيدة عن العنف والإرهاب». وأكد أن بلاده ستعمل «بجد مع شركائنا من أجل شرق أوسط أكثر استقرارًا وازدهارًا».
وفى مداخلته خلال بدء الجلسة، اعتبر أن غزة «ظلت لعامين جحيمًا على الأرض»، وأن الجوع منتشر والأمل «هش»، مشيرًا إلى أن مشروع القرار الأمريكى «ليس مجرد وعد على ورق بل يضمن وقف إطلاق النار فى غزة» ويستند إلى «خطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بشأن غزة».
وأوضح أن المشروع يتضمن «منجزات يمكن تحقيقها»، ويضمن «غزة حرة وبلا إرهاب»، لافتًا إلى أن تأجيل اتخاذ قرار «يهدد الأرواح»، وأن التصويت لصالحه «رسالة لأمهات غزة وإسرائيل بأننا لن ننساهم». كما شدد على التزام واشنطن «باستعادة رفات آخر ثلاثة رهائن لدى حماس».
* دعم واسع للمشروع
من جهته، قال المندوب الجزائرى لدى الأمم المتحدة إن القرار الدولى يهدف إلى تنفيذ «الخطة الشاملة للرئيس ترامب التى دعمها كل الأطراف»، مشددًا على أن السلام فى الشرق الأوسط «لا يمكن أن يتحقق دون العدالة للشعب الفلسطينى».
وأضاف أن بلاده «أجرت تعديلات على مشروع القرار الأمريكى لضمان النزاهة والتوازن»، مؤكدًا أن الدول العربية والإسلامية دعمت النسخة النهائية من المشروع. وأوضح أن بلاده «تحترم خيارات الشعب الفلسطينى وممثليه»، وتدعم «استمرار وقف إطلاق النار فى غزة وحق الفلسطينيين فى تقرير مصيرهم».
وأكد أن قرار اليوم «يرفض بوضوح الضم والاحتلال والتهجير القسرى»، ويعكس «عقيدة الأمم المتحدة فى تسوية الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى».
* ترتيبات انتقالية فى غزة
مداولات أعضاء مجلس الأمن أشارت بموضوع إلى أن القرار يؤكد أن قطاع غزة «سيدار وفق ترتيبات انتقالية من قبل لجنة تكنوقراط فلسطينية»، وأن «قوة الاستقرار فى غزة ستوفر الحماية للمدنيين الفلسطينيين».
.. وأن «الوقت حان لإعادة إعمار غزة بدعم من المجتمع الدولى ومؤسساته المالية»، مع إشارات متباينة حول أن الشعب الفلسطينى «يعانى بشكل كبير فى غزة والضفة الغربية».
* لماذا رفضت حركة حماس القرار الأممى؟
بيان حركة حماس، الذى تداولته وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام العربى والدولى، رفض قرار مجلس الأمن الدولى، الذى يشار إليه ضمنًا بالمشروع الأمريكى، معتبرً أن قرار مجلس الأمن الدولى باعتماد مشروع القرار الأمريكى بشأن غزة «لا يرتقى إلى مستوى مطالب وحقوق الشعب الفلسطينى»، وأن القطاع «واجه لعامين حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة ارتكبها الاحتلال».
وجاء فى بيان الحركة أن القرار «يفرض آلية وصاية دولية على غزة»، ويهدف إلى «تحقيق الأهداف التى فشل الاحتلال فى تحقيقها عسكريًا». وأضافت حماس أن النص الجديد «يسعى إلى فصل غزة عن باقى الجغرافيا الفلسطينية، وفرض وقائع لا تتماشى مع ثوابت الشعب الفلسطينى وحقوقه الوطنية».
وقالت الحركة إن «مقاومة الاحتلال بكل الوسائل حق مشروع كفلته القوانين الدولية»، مشددة على أن ملف سلاح الفصائل «يجب أن يبقى شأنًا وطنيًا داخليًا مرتبطًا بمسار ينهى الاحتلال ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية».
وانتقد البيان التفويض الممنوح لـ«قوة الاستقرار الدولية» داخل القطاع، موضحًا أن منحها صلاحيات تشمل نزع سلاح المقاومة «يجعلها طرفًا فى الصراع»، معتبرًا أن أى قوة دولية يجب أن تقتصر مهامها على «مراقبة وقف إطلاق النار من الحدود فقط، وتحت إشراف الأمم المتحدة وبالتنسيق حصريًا مع المؤسسات الفلسطينية».
كما شددت حماس على أن المساعدات الإنسانية وفتح المعابر «حق أساسى لشعبنا»، رافضة «تسييس الإغاثة أو إخضاعها لآليات معقدة» فى ظل الظروف الإنسانية التى خلّفتها الحرب. ودعت الحركة إلى «تسريع تدفّق المساعدات وإعادة الإعمار» عبر الأمم المتحدة ووكالة «أونروا».
وفى ختام بيانها، طالبت الحركة المجتمع الدولى ومجلس الأمن بـ«اتخاذ قرارات تعيد الاعتبار للقانون الدولى» من خلال «وقف حرب الإبادة على غزة، وإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطينى من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس».
* مؤشرات وتفاصيل من القرار
ينص القرار على إمكانية بلورة مسار نحو «تقرير المصير وقيام دولة فلسطينية»، وذلك «بعد تنفيذ خطة إصلاح شاملة فى السلطة الفلسطينية، وبمجرد إحراز تقدّم كافٍ فى إعادة إعمار غزة»، وذلك فى إطار المساعى الأمريكية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الذى تم التوصل إليه بموجب خطة ترامب.
وتستند المسودة، التى اطلعت جريدة «الدستور» على بعض تفاصيلها، إلى ما تسميه الولايات المتحدة الأمريكية بـ«الخطة الشاملة لإنهاء النزاع فى غزة»، التى جرى الإعلان عنها فى 29 أيلول/ سبتمبر 2025، وتشمل ترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية لما بعد الحرب، بمشاركة دول عربية وإسلامية، وفق إعلان خطة ترامب فى تشرين الأول/ أكتوبر الماضى، حيث تم الاحتفال وإعلان إيقاف الحرب على غزة ورفح فى مدينة شرم الشيخ، بحضور الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى توج الحدث فى جمهورية مصر العربية، بحضور الملوك والرؤساء الزعماء من مختلف دول العالم والمجتمع الدولى.
وجرى تضمين خطة ترامب المكونة من 20 بندًا لتكون ملحقًا للقرار.
* «مجلس السلام.. «Board of Peace - BoP»
تتضمن خطة ترامب إنشاء «مجلس السلام» (Board of Peace-BoP) باعتباره إدارة انتقالية تتمتع بـ«صفة قانونية دولية» تتولى:
* 1:
تنسيق تمويل إعادة إعمار غزة.
* 2:
الإشراف على آليات التنفيذ.
* 3:
إدارة المرحلة الانتقالية.
* 4:
تحديد متطلبات الحكم المدنى فى القطاع.
* تشكيل «لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير مسيّسة» من أبناء القطاع
تنص الوثيقة على تشكيل «لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير مسيّسة» من أبناء القطاع:
* 1:
تتولى إدارة الخدمات المدنية اليومية، على أن تشرف الجامعة العربية على عملها.
* 2:
أن تكون مسئولة عن الجهاز الإدارى المدنى فى غزة خلال المرحلة الانتقالية.
* 3:
يُخوّل «مجلس السلام» اتخاذ «إجراءات إضافية» وفق الحاجة، بما يشمل إدارة شئون السكان داخل غزة وخارجها، وتنفيذ مهام ترتبط بإعادة الإعمار، وإعادة تشغيل المرافق الحيوية.
* إعادة إعمار غزة/الصندوق الدولى!
يطلب القرار الأممى من البنك الدولى ومؤسسات مالية أخرى إنشاء «صندوق دولى مخصّص لإعادة إعمار غزة»، يتم تمويله عبر مساهمات طوعية من الدول المانحة، مع آليات رقابية تضمن:
* 1:
إعادة بناء المنازل والبنية التحتية.
* 2:
استعادة الخدمات الأساسية.
* 3:
تنفيذ برامج اقتصادية.
* 4:
إزالة آثار الدمار العسكرى.
* 5:
إعادة تشغيل المؤسسات المدنية.
ويؤكد القرار أن التمويل سيخضع لآليات شفافة، وأن على الجهات الدولية «ضمان عدم انحراف المساعدات عن الاستخدام المدنى».
* خطط لاستئناف المساعدات الإنسانية بالكامل
يشدد مشروع القرار، الذى أُدخلت عليه تعديلات طفيفة، على «الأهمية القصوى للاستئناف الكامل وغير المقيّد للمساعدات الإنسانية إلى غزة»، مع ضمان وصولها إلى جميع السكان، ودون أن تُستخدم «لأغراض عسكرية»، وفق النص الأممى.
وتشدد الوثيقة على ضرورة تسهيل الحركة أمام العاملين فى المجال الإنسانى، وضمان حرية وصولهم إلى المناطق المتضررة داخل غزة.
* معنى دلالة «قوة الاستقرار الدولية»
.. ووفق نصوص القرار، يتضمن المشروع /القرار:
تفويضًا بإنشاء قوة دولية مؤقتة تحت اسم «قوة الاستقرار الدولية» (International Stabilization Force-ISF)، تعمل «بتنسيق كامل مع مصر وإسرائيل»، ووفق القانون الدولى، بما فى ذلك القانون الإنسانى الدولى.
وحسب النص، تكلف القوة بالمهام التالية:
دعم قوة شرطة فلسطينية «مدرّبة وموحّدة»، تأمين الحدود، الإشراف على «تفكيك البنى العسكرية» داخل القطاع، مراقبة تهريب السلاح، حماية المنشآت الحيوية، تأمين نقاط توزيع المساعدات ومرافقة عمليات إعادة الإعمار.
وتشير المسودة إلى أن وجود القوة الدولية سيستمر حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2027 على الأقل، مع إمكان التمديد بقرار جديد.
كما تنص على أن الجيش الإسرائيلى سيعمل، «عند الضرورة»، فى القطاع، ضمن ترتيبات أمنية مؤقتة تهدف إلى «ضمان عدم عودة التهديدات».
* الترتيبات الأمنية.. صارمة للتخلص من سلاح حماس
.. يدعو مشروع القرار إلى: تفكيك البنى «العدائية والعسكرية»، إزالة الأنفاق ومرافق التصنيع العسكرى، منع تهريب السلاح عبر الحدود، التخلص من المخزونات الحربية، تعزيز الرقابة على المعابر.
وتُُعتبر هذه الشروط جزءًا من «البيئة الأمنية الضرورية» قبل الانتقال إلى مرحلة الحكم الفلسطينى الكامل فى غزة.
* ترامب يرحّب بقرار مجلس الأمن..
من جهته، أشاد الرئيس الأمريكى ترامب بتصويت مجلس الأمن الدولى لصالح خطته للسلام فى قطاع غزة، قائلًا إنها ستؤدى إلى «مزيد من السلام فى كل أنحاء العالم».
وكتب ترامب على منصته «تروث سوشيال» أن التصويت هو بمثابة «اعتراف وتأييد لمجلس السلام الذى سأرأسه»، مضيفًا: «سيُعد هذا القرار واحدًا من أكبر القرارات التى تمت الموافقة عليها فى تاريخ الأمم المتحدة، وسيؤدى إلى مزيد من السلام فى كل أنحاء العالم».
فى السياق ذاته، نعيد التأكيد أن حركة «حماس»، المقاومة الفلسطينية، رفضت قرار مجلس الأمن الدولى لمشروع القرار الذى صاغته الولايات المتحدة. واعتبرت أن القرار «لا يرتقى إلى مستوى مطالب وحقوق شعبنا الفلسطينى، ويفرض آلية وصاية دولية على قطاع غزة، وهو ما يرفضه شعبنا وقواه وفصائله»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
وقالت حماس، عبر البيان: الحركة ترى أن القرار لا يرتقى إلى مستوى الحقوق السياسية والإنسانية للفلسطينيين، خصوصًا فى قطاع غزة، الذى قالت إنه عانى «حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة» ما زالت آثارها مستمرة على الرغم من الإعلان عن إنهاء الحرب.
وأضافت أن «تكليف القوة الدولية بمهام وأدوار داخل قطاع غزة، منها نزع سلاح المقاومة، ينزع عنها صفة الحيادية ويحوّلها إلى طرف فى الصراع لصالح الاحتلال».
ورأت الحركة أن القرار «يفصل غزة عن باقى الجغرافيا الفلسطينية، ويخلق وقائع جديدة تمس الحق الفلسطينى فى تقرير المصير وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس».
حماس ترى، وفق منظورها السياسى والأمنى، أن «المقاومة بكل الوسائل حق مشروع وفق القوانين الدولية»، مشددة على أن ملف سلاح الفصائل قضية وطنية داخلية لا تُبحث إلا فى إطار مسار سياسى يُنهى الاحتلال.
كما شددت على أن المساعدات الإنسانية وفتح المعابر حق أساسى لأهالى القطاع، داعية إلى عدم ربط عمليات الإغاثة بآليات سياسية معقدة، وإلى الإسراع فى إدخال المساعدات عبر الأمم المتحدة ووكالة الأونروا.
*
*صور واحتمالات: ماذا يريد تحليل نظير مجلى؟!
الكاتب والمحل السياسى فى صحيفة الشرق الأوسط السعودية، وضع رؤية سياسية واستراتيجية، عما قد يقال أو ينتج أو تأويل ما تصل إليه الأمور فى دولة الاحتلال الإسرائيلى العنصرية، بعد إقرار مجلس الأمن الدولى قرار مشروع إيقاف الحرب على غزة، أو المشروع الأمريكى لخطة السلام والإعمار.
الصحيفة، نشرت التحليل بعنوان:
«إقناع الإسرائيليين بدولة فلسطينية ممكن... ولكن بشروط؟!».
*.. وفى العنوان الفرعى أكدت: «ترامب لا يصدّق أن قبول نتنياهو قرارًا فى مجلس الأمن سوف يُسقط حكومته».
والمثير فى نشر التحليل، أن الكاتب مجلى، خص التحليل فى هذا التوقيت بـ 5 صور فوتوغرافية، تعد حدوثة مسارات العلاقات الفلسطينية، العربية، الإسرائيلية، وفق الأحداث. وجاءت شروحات، لنقل قصص الصور، كما يلى:
*1: جنود إسرائيليون أمام ناشطين إسرائيليين وفلسطينيين تجمعوا فى بلدة بيت جالا بالضفة للاحتجاج على هجمات المستوطنين الجمعة «أ. ب».
*2: مهجّرون فلسطينيون يعودون إلى قريتهم بعد سقوطها بيد العصابات الصهيونية خلال نكبة عام 1948 «أ. ف. ب».
*3: الرئيس الأمريكى جيمى كارتر «وسط» مع الرئيس المصرى أنور السادات «يمين» ورئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيغن أثناء مفاوضات السلام بالشرق الأوسط فى كامب ديفيد عام 1978 «إ. ب. أ».
*4: الرئيس الأمريكى دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى الكنيست بالقدس يوم 13 أكتوبر 2025 «أ. ف. ب».
ولفت نظير مجلى في تحليله إلى نظرة الكيان الصهيونى إلى توارد الأحداث:
* أولًا: اليمين الإسرائيلى ضد مشروع القرار الأمريكى.
هبّ اليمين الإسرائيلى ضد مشروع القرار الأمريكى المطروح على مجلس الأمن المستند إلى خطة الرئيس ترامب؛ لأنه يتضمن مسارًا لحق تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية.
وبلغ الهجوم مداه بعدما اتهم بعض عناصر اليمين رئيس وزراء، حكومة اليمين المتطرف السفاح نتنياهو بإعطاء موافقة مسبقة عليه، ودعوه إلى قول «لا» للرئيس ترامب، وهددوا بإسقاط حكومته.
* ثانيًا: معارضة!
الدوافع لهذا الموقف كثيرة، وبعضها نابع عن قناعة؛ فالجمهور الإسرائيلى يتعرض لحملة تعبئة عدائية ضد إقامة دولة فلسطينية منذ قرار الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين سنة 1947، وسعى غالبية رؤساء الحكومات والأحزاب الإسرائيلية إلى تخويف هذا الجمهور من السلام.
وعمل هؤلاء القادة فى خدمة تجار الحروب الكثيرين الذين يربحون من الصراع ويخسرون من السلام، وليس فقط أصحاب الآيديولوجيا العدائية. وليس سرًا أن قِسمًا من هذه التعبئة اعتمد على الخطاب السياسى لبعض القادة الفلسطينيين والعرب، والممارسات التى تبعته.
* ثالثًا: مَن هو الإرهابى؟!
إذا كانت نسبة المعارضين للدولة الفلسطينية تتراوح بين 40 و50 فى المائة بين عموم الإسرائيليين فى الماضى؛ فإنها بعد هجوم «حماس» فى 7 أكتوبر 2023 قفزت إلى 64 فى المائة «فى صفوف اليمين تصل إلى 88 فى المائة، وفى صفوف اليسار 24 فى المائة»، وفقًا لاستطلاع معهد القدس لشؤون الدولة والقضايا الجماهيرية.
ومع أن هذه التعبئة شملت العديد من الأكاذيب والتشويه لحقيقة الموقف الفلسطينى، واعتمدت على تجاهل تام للسياسة الإسرائيلية والممارسات التى تبعتها؛ فإنها تركت أثرًا عميقًا قاد إلى هذا الرفض. فتجد أن القيادة الإسرائيلية تتهم الفلسطينيين بـ«الإرهاب»، ولكنها تعتبر الممارسات الإسرائيلية «شرعية».
* رابعًا: المطلوب.. للمحكمة الجنائية الدولية.. التهمة إبادة جماعية.
عندما أُدينت إسرائيل فى المجتمع الدولى بارتكاب «جرائم حرب»، وأصبح رئيس حكومتها مطلوبًا للمحكمة الجنائية الدولية بشبهة ارتكاب إبادة جماعية، وعدد من وزرائها تفوهوا بتصريحات تبيح قتل الأطفال الفلسطينيين، وإلقاء قنبلة نووية على غزة، ظلوا يرون أن القيادة الفلسطينية هى التى تشجع على «الإرهاب»، كما أنهم لا يفرقون بين «حماس» والسلطة الفلسطينية.
* خامسًا: غرق الفساد.
عندما تبدو إسرائيل غارقة حتى رأسها فى الفساد، يدّعون أن الفلسطينيين يديرون سلطة فاسدة، وعندما يتشبث- هتلر الألفية الثالثة- السفاح نتنياهو برئاسة الحكومة، ويرفض وقف الحرب حتى لا تسقط حكومته، يرون أن القيادة الفلسطينية ترفض التخلى عن الحكم، ونتنياهو، السفاح يمنع السلطة الفلسطينية من إجراء انتخابات، ويتهمها بالتهرب منها، ويسعى بكل قوته لإضعاف السلطة، ثم يرفض التعاون معها بحجة أنها ضعيفة.
* مجلى: التأثير ممكن... بشروط
لكن هذا الوضع لا يعنى أن الجمهور الإسرائيلى علبة مغلقة، لا يمكن فتحها وتهويتها والتأثير عليها. فإذا وُجدت قيادة قوية تؤمن بعملية سلام، ووقفت الإدارة الأمريكية إلى جانب عملية سلام، قد يُفاجئ الجمهور، ويناصر هذه العملية.
هكذا حصل فى زمن حكومة مناحم بيجن سنة 1978، عندما وقّع على اتفاقيات كامب ديفيد للسلام مع مصر؛ فعندما سافر كان 72 فى المائة من الجمهور يعارضون الانسحاب ولو من شبر من سيناء المصرية. وعندما عاد بيجن بعد ثلاثة أسابيع، وقد وقّع على اتفاق يقضى بالانسحاب من سيناء حتى آخر شبر، وتضمن اعترافًا بحق تقرير المصير للشعب الفلسطينى «فى إطار حكم ذاتى وليس دولة فى حينه»، أظهرت الاستطلاعات تأييد 72 فى المائة.
وفى السلام مع الأردن بلغت نسبة التأييد 88 فى المائة، وأيضًا بعد اتفاقيات أوسلو لم تعد قوى الرفض الإسرائيلية تعتمد على الوسائل السياسية، واختارت اغتيال رئيس الحكومة إسحاق رابين.
وعندما طرح رئيس الوزراء الصهيونى آرييل شارون خطة الانفصال عن غزة، جُوبهت بمعارضة شديدة، ولكنه نفذها بما فى ذلك إخلاء 8 آلاف مستوطن، وإزالة 21 مستوطنة.
أما عندما طرح إيهود أولمرت خطة تقوم على أساس «حل الدولتين» والانسحاب من غالبية الضفة الغربية مع منظومة تبادل أراضٍ، اختُرع له ملف فساد دخل فى أعقابه السجن.
* ما الفارق هذه المرة؟
الفارق هذه المرة هو أن- السفاح - نتنياهو لا يتسم بصفة الصدق، ويبنى سياسته على الألاعيب، لكنه فى الوقت نفسه يتعامل مع رئيس أمريكى من طينة أخرى؛ فالرئيس ترامب هو صاحب أجندة، وتحت ضغوط عربية وأوروبية وإسلامية غيّر رأيه، وبدأ يؤمن بـ«حل الدولتين»، وهو رئيس قوى ذو سطوة، وهو الوحيد من زعماء العالم الذى يقف مع إسرائيل، ويؤمن أنه بذلك يعمل لأجل صالحها، علمًا بأنه يتعهد بضمانات أمنية لإسرائيل، ودعم ضخم.
وترامب أيضًا يحتضن- السفاح- نتنياهو لدرجة التدخل فى الجهاز القضائى الإسرائيلى، ويطالب علنًا بإلغاء محاكمته وإصدار عفو عنه، ويعتقد أن شخصًا قويًا مثل نتنياهو فقط قادر على قيادة مشروع سلام.
ترامب لا يصدق أن قبول- السفاح- نتنياهو قرارًا فى مجلس الأمن سوف يسقط حكومته، وهو يشك فى أن يتجرأ حزبا- اليمين المتطرف- بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير على الخروج من الحكومة؛ لأنهما سيتهمان بإنهاء حكم اليمين. ولكن حتى إذا خرجا، فإن ترامب يؤمن بأنه قادر على إدخال حزب أو أكثر من المعارضة ليحل محلهما. وحتى لو لم يفلح فى ذلك، فإن نتنياهو يستطيع خوض انتخابات سريعة على أساس مشروع ترامب، وبدعم شخصى منه، ومقتنع بأنه سيكون قادرًا على الفوز.
القضية إذن هى ضمان مثابرة الرئيس ترامب، وتمسكه بمشروعه، وتشجيعه للسفاح نتنياهو، ونتنياهو من جهته لا يغامر فى القبول بهذا المشروع علنًا؛ لأنه يأمل أن يأتى الرفض من الطرف الفلسطينى، حتى يزيح عن كاهله هذا العبء.
* ملاحظات فى خلفية الأخبار.
كانت مدارات الحدث تأخذ قوس النار، وذلك مع متواليات الأخبار، وهى تركزت على:
* أ:
يصوت مجلس الأمن الدولى على مشروع قرار أمريكى يؤيد خطة الرئيس دونالد ترامب للسلام فى غزة، وفق ما أفادت مصادر دبلوماسية، الجمعة.
ودعت الولايات المتحدة وعدد من شركائها من بينها مصر وقطر والسعودية وتركيا، الجمعة، مجلس الأمن إلى «الإسراع» بتبنى مشروع القرار.
وأعربت الولايات المتحدة وقطر ومصر والإمارات والسعودية وإندونيسيا وباكستان والأردن وتركيا فى بيان عن «دعمها المشترك» مشروع القرار الأمريكى الذى يعطى تفويضًا لتشكيل قوة استقرار دولية، من بين أمور أخرى، مبدية أملها فى اعتماده «سريعًا».
* ب:
.. وأطلق الأمريكيون رسميًا الأسبوع الماضى مفاوضات داخل مجلس الأمن الدولى الذى يضم 15 عضوًا حول نص يشكل متابعة لوقف إطلاق النار فى غزة، وتأييدًا لخطة ترامب.
وقالت واشنطن وشركاؤها فى البيان: «نؤكد أن هذا جهدٌ صادق، وأن الخطة تُوفر مسارًا عمليًا نحو السلام والاستقرار، ليس بين الإسرائيليين والفلسطينيين فحسب، بل بالنسبة إلى المنطقة بأسرها».
* ج:
يرحب مشروع القرار، حسب وصف وكالة «فرانس برس» الخميس الماضى، بإنشاء «مجلس السلام»، وهو هيئة حكم انتقالى لغزة سيترأسها ترامب نظريًا، على أن تستمر ولايتها حتى نهاية عام 2027.
ويُخوّل القرار الدول الأعضاء تشكيل «قوة استقرار دولية موقتة» تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدربة حديثًا للمساعدة فى تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من قطاع غزة.
وعلى عكس المسودات السابقة، يُشير هذا القرار إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية.
* د:
جاء البيان المشترك الصادر الجمعة الماضية، فى وقت وزعت روسيا مشروع قرار منافسًا على أعضاء مجلس الأمن، لا ينص على إنشاء مجلس سلام أو الانتشار الفورى لقوة دولية فى غزة، وفقًا للنص الذى اطلعت عليه «فرانس برس» فى نشرتها الجمعة الماضى.
ويرحب المشروع الروسى «بالمبادرة التى أدت إلى وقف إطلاق النار» ولكنه لا يُسمى ترامب. ويدعو الأمين العام للأمم المتحدة إلى «تحديد خيارات لتنفيذ بنود» خطة السلام وتقديم تقرير على الفور يتناول أيضًا إمكانات نشر قوة استقرار دولية فى غزة.
وصفت الولايات المتحدة وقف إطلاق النار فى غزة بأنه «هش». وحذرت من مخاطر عدم اعتماد مسودتها.
* هـ:
كتب السفير الأمريكى لدى الأمم المتحدة مايك والتز فى صحيفة «واشنطن بوست» أن «أى رفض لدعم هذا القرار هو تصويت لاستمرار حكم إرهابيى حماس أو للعودة إلى الحرب مع إسرائيل، ما يحكم على المنطقة وشعبها البقاء فى نزاع دائم».
وأضاف: «أى انحراف عن هذا المسار، سواء كان من جانب أولئك الذين يرغبون فى ممارسة ألعاب سياسية أو إعادة إحياء الماضى، سيأتى بتكلفة بشرية حقيقية».
وبينما بدا حتى الآن أن أعضاء المجلس يؤيدون مبادئ خطة السلام، أشارت مصادر دبلوماسية إلى وجود أسئلة عدة حول النص الأمريكى، لا سيما فى ما يتعلق بغياب آلية مراقبة يمارسها المجلس، ودور السلطة الفلسطينية، وتفاصيل تفويض قوات الأمن الإسرائيلية.
* و:
قالت البعثة الروسية لدى الأمم المتحدة فى بيان إن اقتراحها البديل يختلف من حيث الاعتراف بمبدأ «حل الدولتين للتسوية الإسرائيلية الفلسطينية».
..
وقبل النهاية:
ِمع وجود حكومة اليمين المتطرف التوراتى الإسرائيلية، والتى يقودها السفاح نتنياهو، فلا بد أن نؤشر باللون الأحمر، فأى قرار للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولى، قد يحول هتلر الألفية الثالثة السفاح نتنياهو وجيش الاحتلال الإسرائيلى الصهيونى إلى قنبلة انشطارية تتوزع نيرانها من غزة والضفة الغربية والقدس، وصولًا إلى كل جبهات المقاومة والإسناد، قد يكون أقربها خطط حروب ومباغتة، يروج لها الاحتلال، تشمل لبنان وإيران واليمن.. هنا تعود أهمية الدول الوسطاء والتنسيق المشترك العربى الإسلامى والدولى، بما فى ذلك تفعيل ميثاق الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولى.
.. القادم مختلف عن المتداول.. والحرب تدخل دائرة تبادل الأماكن.